سيرة رجل سلطة .. الحسن مختبر .. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح 19 : قدمت تعزية لعائلة الشهيد عمر بنجلون لإدارة السجن ونسخة منها سربتها إلى زوجتي

– نرجع إلى حياة السجن ..

– داخل السجن، كنت قد نلت شهادة الإجازة في القانون العام، لكن السؤال الذي كان يلازمني هو ماذا سأفعل بعد خروجي من السجن بالرغم من أنه كان محكوما علي بالمؤبد، كانت لدي رغبة قوية في الخروج من السجن، وإحساس كبير بأن ذلك سيتم آجلا أو عاجلا …

– كيف تكوّن لديك هذا الشعور؟
– كان لدي إحساس قوي بذلك، وكنت أتساءل دائما: إذا خرجت من السجن كيف سأغطي مصاريفي ومتطلبات حياتي، بالرغم من حالة أبي الميسورة نوعا ما من الناحية المادية، قررت أن أدرس القانون الخاص، خاصة قانون الالتزامات والعقود. عندها انطلقت في الدراسة وأخذت في التعمق في الأشياء استعدادا لمغادرة السجن في أية لحظة. وهذا ما حدث بالفعل حيث صدر العفو في حق مجموعة من المعتقلين .
كانت المدة التي قضيتها في السجن حافلة بالأحداث والوقائع، وكانت القضية الوطنية هي الطاغية. بالنسبة للمجموعة التي بقيت في السجن، كانت هناك معاناة كبيرة، فبعض الأفراد وهنوا وضعفوا صحيا، ما دفع بعضهم إلى التقدم بطلب العفو إلى إدارة السجن متبرئين بذلك من الفقيه البصري . جزء آخر منهم، وأنا واحد منهم، لم يتقدم بطلب العفو، وكنا نقول للفريق الأول حتى لو قدمتم الطلب فلن تخرجوا، فاقترح بعض المعتقلين أن يتوجهوا بطلب العفو إلى والدة الحسن الثاني.

– وكيف كانت ردود الفعل حول طلب العفو ؟
– على ضوء هذا الاختلاف، بخصوص طلب العفو من عدمه، نجمت شبه عداوة بين الرأيين، تمسكنا بالحفاظ على معنوياتنا المرتفعة داخل المجموعة، وكنت الوحيد تقريبا الذي حصل داخل السجن على جهاز راديو/ ترانزستور، زودتني به زوجتي بطريقة سرية، لأنه كان ممنوعا داخل السجن، كما زودتني بمقررات المؤتمر الاستثنائي 1975، التقرير الإيديولوجي والكتيب الأبيض « الاختيار الثوري « الذي أرسله الفقيه البصري إلى المؤتمر، إلا أنه لم تتم قراءته ليتم توزيعه على المؤتمرين. تكلفت بكتابة رسالة تتضمن مقترحاتنا حول المؤتمر الاستثنائي إلا أنها لم تقرأ، كان مصيرها كمصير رسالة الفقيه البصري، وحتى الأشخاص الذين كتبوا طلب العفو بعثوا رسالة إلى المؤتمر قرأت في الجلسة بعد أن تبرءوا من الفقيه البصري . الرؤية البعيدة والنضج والهدف الذي كنا نرسمه، كان يغلب عليه التفكير العاطفي، وذلك وفاء منا لإحساسنا بالنبل الإنساني.

– كيف استقبلت اغتيال الشهيد عمر بنجلون سنة 1975 ؟
– تلقيت خبر اغتيال الشهيد عمر بنجلون بصدمة كبيرة ككافة المعتقلين. كتبنا رسالة تعزية إلى عائلة المرحوم وكلفوني بتسليمها لإدارة السجن في شخص مديرها لكي يبعث بها. وكنت في حالة نفسية سيئة جدا، والدموع تنهمر من عيني، وقلت للمدير كيف تحرموننا من عواطفنا تجاه مناضل كبير وشهيد قدم للوطن الشيء الكثير. الرسالة التي أعطيتها لمدير السجن المركزي بالقنيطرة، سربتها إلى زوجتي وتحولت إلى تعزية جماعية لعائلة الشهيد عمر بنجلون باسم المجموعة التي كانت معتقلة معي.

– هل أرسلتم الرسالة إلى عائلة الشهيد أم الحزب ؟
– تم توجيه رسالة التعزية إلى الحزب .


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 28/05/2019

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *