سيرة رجل سلطة : الحسن مختبر .. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح 21 : انسجمت مع سكان واد لاو وأنشأنا أوراشا نافعة لهم

في سياق توثيق الذاكرة السياسية لمغرب الستينيات والسبعينيات، واحتفاء بالأسماء التي أدت ضريبة النضال من أجل التقدم والديمقراطية، نستعيد في هذه الصفحات مقاطع من سيرة المناضل مختبر الحسن، المحامي ورجل السلطة، الذي فرح بالحكم عليه بالمؤبد لأن قبله تناثرت أحكام الأعدام ونفذت بعد ذلك.
انطلاقا من مرحلة النشأة والتكوين بدرب الكبير بالدارالبيضاء، مرورا بالتحاقه بالدرس الجامعي، وتحديدا بخلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم لاحقا بالعمل كقائد بمنطقة واد لاو بشمال المغرب، السيرة تبرز التفاصيل: لقاء الحسن الثاني- لقاء عمر دهكون – الفقيه البصري – اغتيال الجنرال أوفقير – زيارة الشهيد عمر بنجلون في السجن وبعد الطرد الملغوم، ويروي لنا قصة باخرة السلاح التي لم تتمكن من دخول بحر شمال المغرب لأسباب لوجيستية، وقائع الاعتقالات والمحاكمات، اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، النقاشات داخل الحقل الطلابي وما ترتب عنه من جدل بين مكونات اليسار المغربي وتفاعلات الانقلاب العسكري وانتهاء باستراتيجية النضال الديمقراطي التي آمن بها أشد الإيمان ومازال لم يبدل تبديلا عنها داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي بكل تواضع وإيمان … عضو نشيط في التنظيم السري المسلح، واضع خرائط قيادة ومحيطها بالجنوب… رجل يحب الفن والثقافة ولاعب كرة القدم الذي تغير مساره للكفاح المسلح..

 

وهل مارست رياضتك المفضلة كرة القدم ؟

في المجال الرياضي، أنشأت ملعبا لكرة القدم بالقرب من منبع سقي الأراضي وتكلفت بجمع اللاعبين، وهيأنا فريقا كنت أنا نفسي ألعب في صفوفه، بدون قبعة رجل سلطة طبعا، بل كلاعب داخل رقعة الملعب. أجرينا بعض المقابلات في مدينة تطوان وحافظت على علاقات مع قدماء لاعبي تطوان . كما أسست بالمنطقة جمعية للخضر نجحت وكانت تتوفر على أحسن « لوبية « ( فاصولياء ) في المغرب . كما أسسنا تعاونية للحليب باقتناء أبقار من مدينة القنيطرة لهذا الغرض. وكان من بين سكان قبيلة البقاليين شخص من حزب الاستقلال كان قائدا في فترة الاستعمار اسمه « قرفة « له إمكانيات مادية مهمة اقتنى بعض الأبقار، وبعد سنة أصبحت التعاونية تزود مدينة تطوان بالحليب. كما تم حرث الأراضي باعتماد طريقة « التويزة « وهي طريقة شعبية، يعتمدها الأشخاص في ما بينهم بمساعدة السلطة. تلك المبادرات الاجتماعية، التي تتم بتعاون بين الأشخاص، أدت إلى الحد من هدر المياه والحد من ضياعها وتهييء ممر للماء في ساقية بعد نزع الأحجار، بجلبه من سد يقع على الحدود مع الشاون إلى واد لاو، كانت تستفيد منه المدينة كلها.

انسجمت مع الساكنة بالتواصل والتقرب منهم ؟

تم تعييني قائدا بواد لاو التابعة لدائرة تطوان، بدل خليفة على المنطقة ، من بين الأوراش الأخرى، مشروع سكني قرب سوق السبت من أكبر الأسواق في المنطقة بتمويل من البرنامج العالمي للغذاء PAM وتم تكوين جمعية من المستفيدين لتتبع تصميم وتهيئة بناء المساكن وفق ما فيه مصلحتهم، كما كنت أدعمهم بمواد من الإنعاش الوطني .

كيف عشت، وأنت في السجن المركزي بالقنيطرة، حدثين مهمين: المؤتمر الوطني الثالث للحزب وتأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1978 ؟

تم حسم ازدواجية الوسيلة والقيادة بعد المؤتمر الاستثنائي للحزب سنة 1975. لم تعد هناك قيادة الداخل والخارج، أصبحت شرعية الداخل هي الأساس، بالرغم من عدم الحسم، لأنه بقيت الحبال على حالها ما بين القيادات. مابين المؤتمرين الاستثنائي والثالث، جرت المسيرة الخضراء والانتخابات الجماعية 1976 والبرلمانية 1977، وتأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وكان أكبر معارض للتأسيس والخروج من الاتحاد المغربي للشغل هو محمد الفلاحي أطال الله في عمره ، وكان معتقلا معي في السجن المركزي بالقنيطرة، اعتقل بسبب توزيع مناشير بمدينة آسفي تدعم الهجوم على مولاي بوعزة وصدر في حقه حكم بـ20 سنة حبسا، ويعتبر رفيق الشهيد عمر بنجلون داخل نقابة « UMT « ( الاتحاد الجهوي المغربي للشغل سابقا بآسفي ).

قبل خروجك من السجن توفي والدك ؟

في هذه الفترة 1973 -1980، أجريت لي عمليتان جراحيتان وأنا ما زلت في المعتقل أقضي عقوبة المؤبد، العملية الجراحية الأولى على « المرارة « والثانية على ما يسمى بالفرنسية Fissur analle بمستشفى ابن سيناء بالرباط في نهاية السبعينيات. وزارني والدي رحمه الله بالمستشفى وكان يناديني بـ «حسينتي «، بعد رجوعي إلى المعتقل بأسابيع قليلة سيتوفى، وقد جاء لإخباري أفراد من عائلتي إلا أنني فاجأتهم لأني كنت على علم بوفاة الوالد . و بعد ستة أشهر سيصدر علي العفو خلال شهر يوليوز سنة 1980 .


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 30/05/2019