هل يجعل المنتخب الوطني حدا ﻹخفاقاته ويؤاخي لقب 1976؟ 

عندما كنت أهم بتسجيل اﻷحرف اﻷولى لتناول موضوع كأس إفريقيا  للأمم، التي تحتضن مصر محطتها  32   مابين 21 يونيو  و19 يوليوز 2019، لاستحضار تاريخ المشاركة المغربية في النهائيات، عادت بي الذاكرة مباشرة إلى عقد السبعينات من القرن الماضي لعدة اعتبارات، أولها فوز الفريق الوطني بلقبه القاري الوحيد في دورة إثيوبيا 1976، بعد مرور 15 سنة على أول محطة نهائية بالسودان 1957.

ويعود أول حضور للمنتخب الوطني في هذه المنافسة القارية إلى سنة 1972 بالكامرون،  حيث كان يتشكل من معظم اللاعبين الذين شاركوا في مونديال المكسيك  1970. ورغم ظهور الأول في النهائيات، فإنه كان قريبا من التأهل  للدور الموالي، لولا القرعة التي منحت العبور لمنتخب الكونغو بعد تساويهما في عدد النقط، هذا اﻷخير كان الفائز باللقب.
وحقق المغرب في هذه الدورة 3 تعادلات  (1 – 1 أمام الكونغو والسودان والزايير، 3 أهداف سجلها اللاعب أحمد فرس، وكان الفريق ضحية التحكيم الذي رفض احتساب العديد من الاهداف المغربية، والتي كانت مشروعة، نجم عنها قرار المهدي بلمجدوب، الناخب الوطني آنذاك والكاتب العام للجامعة بتعليق المشاركة المغربية في هذه الكأس اﻹفريقية.
ونسجل في هذه الجرد التاريخي أن الظروف التي كان يجري فيها الفريق الوطني لقاءاته القارية لم تكن عادية، فاللعب اﻹفريقي آنداك كان يتميز  بالخشونة والعنف، والاعتماد  على القوة البدنية، والملاعب لم تكن صالحة، إضافة إلى التحكيم  المتحيز.
وكما كان عليه اﻷمر سابقا، هناك حالة أخرى لازال الجيل الماضي يتذكرها، فأثناء اللقاء اﻹقصائي  اﻷخير لمونديال ألمانيا 1974، بكينشاسا أمام الزايير،  كان الحكم الغاني لامبتي، بطل اللقاء، حيث أبدى تحيزا سافرا للفريق المحلي، الذي فاز بـ 3 – 0،  الشيء الذي رفض معه الفريق الوطني لعب  لقاء اﻹياب، ونظرا للقرار المتخذ، لم يشارك المغرب في إقصائيات مصر 1974، ليعود للمشاركة في إقصائيات دورة إتيوبيا  1976، وكان آخر لقاء إقصائي ضد غانا، إنهزم الفريق الوطني في لقاء الذهاب  بهدفين، فأصبح التأهل صعبا بالبيضاء، لكن بعد جهد جهيد سجل المغرب هدفين، ليحتكم المنتخبان إلى الشوطين اﻹضافيين، ثم ضربات الجزاء، التي  تميز خلالها المرحوم  عبد القادر الخياطي، لاعب الجيش الذي نفذ آخر ضربة جزاء، وكانت ضربة التأهل، بعدما أعادها 4 مرات، وكان في كل مرة يفشل في التهديف، وكان الحكم يطالب بإعادة التنفيذ لأن الحارس تحرك من مكانه، وحين سجل أعلن الحكم نهاية اللقاء بتأهل المغرب، ليمسك عبد القادر الكرة بكلتا يديه، وهو يذرف الدموع من شدة الفرحة. وكان ذلك يوم 13 يوليوز  1975، غير أن هذا اللاعب  لم يرافق المنتخب الوطني إلى إثيوبيا  1976.
وبأرض الحبشة (مارس 1976) كانت اﻷوضاع غير مستقرة، حيث كان البلد  يعيش على وقع نقلاب عسكري، فاندلعت الفوضى  والاضطرابات، وعمت حالة الطوارئ بفعل غياب اﻷمن، إلى جانب الظروف غير المواتية، سواء من حيث إقامة المنتخب، التغذية، التنقل، التداريب، لتصل المعاناة  ذروتها بعدما كادت النيران أن تلتهم الطائرة  التي أقلت الفريق الوطني من ديرداوا إلى أديس أبابا.
وبفضل الوطنية والعزيمة واﻹرادة انتزع الفريق اللقب وبرز في صفوفه اللاعب فرس كهداف  بثلاث إصابات، وهو نفس العدد الذي سجله سنة 1972 بالكامرون،  لكن بطل المجموعة  كان هو أحمد مكر وح (بابا)، الذي سجل هدف التتويج.
وفي دورة غانا 1978، وفي الوقت الذي كان الكل ينتظر ظهور الفريق الوطني بنفس قوة 1976، فوجئ  الجميع بإقصائه من الدور الأول، بعد تعادل مع تونس 1 – 1، وفوز على الكونغو 1 – 0.  هدفان سجلهما عسيلة، قبل أن ينهزم في اللقاء 3 أمام أوغندا، المنتخب المغمور، والذي لم يكن له أي رصيد أو إنجازات  في مجال كرة القدم،  وبصحة غريبة 3 – 0.
وبتقسيم المشاركة المغربية في النهائيات الافريقية إلى فترتين، نجد أنه مند أول حضور له سنة 1972، إلى حدود 1998،  شارك 8 مرات. وفضلا عن لقب إثيوبيا، وصل لنصف النهاية 3 مرات (1980 بنيجيريا و 1986 بمصر،  و1988 بالمغرب)، وبعد خروجه من الدور الأول في دورة السنغال 1992، وصل لدور الربع في محطة بوركينافاسو  1998، بعد أن كان مرشحا للفوز باللقب،  خاصة بعد ظهور متميز في الدور اﻷول، أنهاه بالفوز على بطل الدورة، مصر، في لقاء سجل فيه مصطفى حجي اسمه بهدف رائع  في مرمى الحارس نادر السيد.
ومابين 2000 و2017،  شارك من جديد 8 مرات، وكل ما حققه  هو بلوغ النهاية في دورة تونس 2004، بعدما انهزم أمام مستضيف الدورة، وتوج اللاعب يوسف المختار هدافا بأربع إصابات،.  وبعد مرور 13 سنة يتأهل لدور الربع سنة 2017 في دورة الغابون، وأقصي  على يد مصر.
– تألق  في الاقصائيات وتواضع  في النهائيات
خلال الفترة الممتدة مابين 2000 و2017، غاب الفريق الوطني عن دورتي أنغولا 2010 وغينيا اﻹستوائية  2015، واللافت للنظر أنه في الدورات التي تأهل إليها، كان يتألق  في الإقصائيات، بل إنه اجتاز بعضها دون هزيمة، لكنه كان تواضع في المحطات النهائية.
ففي تصفيات دورة غانا – نيجيريا 2000، لم ينهزم  في أي مواجهة، لكنه في النهائيات خرج من الدور الأول بفوز وتعادل وهزيمة. وسنة 2006 انطلق في تصفيات مزدوجة إلى دورة مصر وكذا مونديال ألمانيا، فانتصر في 4 لقاءات،  وتعادل في 4، لكنه بمصر خرج من الدور الأول بهزيمة وتعادلين. وعاود الكرة سنة 2008 بغانا، فبعد فوز عريض على ناميبيا بـ 5 – 1،  في لقاء تألق فيه العلودي بتوقيع ثلاثية، كان الاعتقاد  أنه سيذهب بعيدا، لكنه لم يتجاوز هذا الدور بعد هزيمتين أمام غانا وغينيا.  وفي تصفيات دورة الغابون وغينيا اﻹستوائية 2012 حقق 3 انتصارات وتعادلين، وهزيمة، ومن جديد يتواضع ويغادر من الدور الأول بهزيمتين و فوز.
وفي إقصائيات دور الغابون 2017، وبعد فوزين رفقة المدرب بادو الزاكي، تم التعاقد مع هيرفي رونار في فبراير 2016، وعلق عليه المغاربة آمالا كبيرة للذهاب بعيدا، ولم لا الظفر باللقب الثاني، وهو الذي توج به صحبة زامبيا وكوت ديفوار، فواصل اﻹقصائيات  بخوض 4مواجهات،  فاز في 3 وتعادل في 1، وفي المونديال  اﻹفريقي توقف القطار في محطة الربع على يد مصر.
وخلال الاقصائيات المؤهلة لدورة 2019،  كانت الحصيلة 3 انتصارات وتعادلين وهزبمة،  فاحتل الرتبة الأولى، لينتظر المغاربة الوجه الذي سيظهر به الفريق الوطني، رغم صعوبة المهمة، حيث ستعرف الدورة وﻷول مرة  مشاركة 24 فريق، إضافة إلى أن هذا الملتقى يقام بمصر، والفراعنة كعادتهم سيعضون على الكأس  بالنواجذ بأرضهم وأمام جمهورهم.
محطة تعد محكا حقيقيا  للمنتخب الوطني،  فهل يفلح رونار في قيادة اﻷسود نحو بلوغ الهدف؟ .


الكاتب : أورارى  علي

  

بتاريخ : 21/06/2019