الخمار العلمي: التجاذبات السياسية حول لغة التدريس بالمغرب رهنت المدرسة ومشروعها وقيمها لطرح تبسيطي وإيديولوجي

ميز الخمار العلمي ، الأستاذ المتخصص في سوسيولوجيا التربية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وهو يناقش مسألة القيم بين الاختلافات القائمة في المحيط العربي على مستويين:
الاختلافات المؤسسة على قيم التسامح، ثم الاختلافات المؤسسة على الاحترام وهي التي تلزم بقبول توافقات لا تشكل في النهاية عنصر قوة يساعد على مواجهة آثار العولمة.
وأشار العلمي في هذه النقطة الى النموذج القيمي المغربي الذي تتنازعه رغبتان: الانصهار في الكوني والتشبث بالخصوصية، ما يجعل بعض القضايا المصيرية مثار تفاوضات قيمية كما حصل في مسألتي تدريس اللغات ولغة التدريس، حيث انبرى تياران، الأول ينتصر للحداثة والثاني للحداثة أيضا لكن من خلال رؤية خاصة للغة والدين تعتبر هذا الاخير أصل القيم الكونية.
ووقف الخمار العلمي عند التجاذبات التي طغت على طرح هذين التيارين، والتي لا تخلو من خلفيات إيديولوجية ، وكيف ارتهنت المدرسة ومشروعها ورؤيتها وقيمها لهذا الطرح التبسيطي لقضية مستقبلنا التعليمي في غياب سياسة ورؤية واضحة للإنسان والمدرسة المغربية.
من جهة أخرى، أشار أستاذ سوسيولوجيا التربية الى أن المجتمعات العربية المعاصرة تشكو خللا كبيرا على مستوى منظومة القيم، نظرا للتحولات العميقة التي سمحت للدول الأخرى بالانتقال الى مجتمع الذكاء والمفهوم الجديد للمعرفة والسلطة.
في ظل هذا الاختلال أصبحت الدول العربية، حسب العلمي، أمام طرحين: مجتمع معولم ومجتمع في طريق العولمة بعيدا عن التقسيمات التقليدية: الغرب والشرق، دول متأخرة أو متقدمة، مضيفا أن التحدي الأكبر اليوم ليس تحديا اقتصاديا أو علميا فقط، بل تحديا أخلاقيا يجعل المؤسسات التربوية غير معنية بالتربية ونشر المعرفة فقط، بل بغرس القيم المواكبة للعصر وللانسان الحالي.
وشدد الخمار العلمي على أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار عند التفكير في مراجعة منظومة التعليم والتربية، أن مصادر إنتاج القيم قد تغيرت ولا يجب التركيز عند التطرق إليها على عنصر الدين أو الأسرة أو المدرسة كحوامل كافية، بل النظر الى التحول الكبير اليوم الذي ينتج عن سياق معولم لم يعد فيه الفاعل فيه فردا، بل يعتمد فكرة الفاعل الكوني في الفرد، حيث تمثل القيم الكونية أساس كل مطلب للتغيير، وضمنها التشبث بالخصوصية التي يجب أن تبنى على الكونية حتى تواجه القيم الزاحفة.
ولفت المتدخل الى بروز نوع من الهيمنة الناعمة التي حولت مفهوم الصراع بين الآمرين والمأمورين الى صراع من نوع جديد، أي بين من يريدون إخضاع كل شيء لسلطتهم، وبين المطالبين باحترام الحقوق والحريات .
العلمي ساق كمثال على ذلك احتجاجات الربيع العربي لكونها لم تقم على قيم كونية بل على خصوصيات ضيقة مرتبطة بالأشخاص وهو ما عجل بفشلها .


بتاريخ : 03/07/2019