جسد المرأة ليس لها

عبد السلام المساوي

من قال إن جسد المرأة لها .
وقد يكون لها في بلاد أخرى ، وقد تكون حرة في التصرف في كل مكان ، لكن ليس هنا ، في المغرب .
في المغرب الأمر يختلف .
جسد المرأة في المغرب في ملكية القوانين المتخلفة . وفي ملكية الجهل .
وفي ملكية الأب ، والأخ ، والعم .
جسد المرأة في ملكية الرجل ، والأسرة ، والجيران .
جسد المرأة للسلطة ، وهي التي تراقبه ، وهي التي تتربص به ، وهي التي تعتقله ، وليس لها البتة ، وأي شعار يقول هذا فهو كاذب .
جسد المرأة تهمة ، هذا هو الواقع .
جسد المرأة في ملكية رجل الدين ، وفي ملكية الفقيه .
جسد المرأة للمتعة وللتسلية فقط ، جسدها آلة للإنجاب .
جسد المرأة ليس حرا .
جسد في المغرب للآخرين ، وليس لها .
جسد المرأة جريمة ، ويحاكم بالقانون الجنائي ، ويا لسذاجة من يقول العكس .
ويا لهذه الكذبة التي يروجها البعض ، ويقولون إنه لها ، ويا لحسن نية ، ويا لبراءة ، من يصدق ذلك .
من أجل مغرب بدون نساء
نحن النساء المغربيات الموقعات أسفله ، نخبر الرأي العام ، والسلطات المعنية ، أننا قررنا أن نصبح رجالا ، وأن قرارنا هذا لا رجعة فيه .
فبعد تفكير عميق في وضعنا كنساء ، وبعد معاناة كبيرة ، وبعد صبر طويل ، خلصنا إلى أن العيش كامرأة في المغرب صار صعبا ، إن لم يكن مستحيلا .
وكي لا نصطدم مع أحد ، وحفاظا على الأمن ، وعلى نعمة الاستقرار ، وكي لا نتعب رجال الشرطة بأن يظلوا دائما يراقبون بطوننا وأرحامنا ، ومن منا حامل نتيجة علاقة غير شرعية ، ومن منا تحب ، ومن قلبها يخفق ، ومن تختلي برجل ، ووعيا منا نحن النساء بأن مراقبة عذريتنا والحرص عليها عمل شاق ، ويتطلب مجهودا جبارا ، وإمكانات كبيرة من الدولة ، وميزانية ضخمة ، وسهرا ، ومداومة ، وخلايا مشتغلة ليلا ونهارا .
من أجل هذا كله ، وتوفيرا لأموال الدولة ، وترشيدا للنفقات ، وبعد سنوات من النضال ، وبعد تضحيات كثيرة ، اكتشفنا أن لا شيء تغير ، وأن كل مجهودات القوى الحداثية والتقدمية في هذا البلد ذهبت سدى ، وأنه من الأفضل لنا وللجميع أن نتخلى عن جنسنا ، وعن هويتنا ، وكل شعارات الجندر ، وأوهام النسوانية ، وأن تصبح كل واحدة منا رجلا ، وأي رجل ، وكيفما كان .
وربما بخطوتنا الشجاعة هذه نعفي الدولة والمجتمع والاسلاميين من أي مراجعة أو تغيير للقوانين الظالمة لنا ، وفي الآن نفسه ، نتجنب إحراج الحداثيين والتقدميين ، الذين لا حيلة لهم ، في المغرب اليوم ، ولا قوة .
ومع الوقت ، وحين يصبح لكل مغربي ومغربية شارب ، وحين ستختفي آخر امرأة في المغرب ، فإننا سنكف حينها عن الحبل ، ولن ينتفخ بطن ، وستزول القوانين المجرمة للإجهاض وللعلاقات الرضائية ، بعد أن نصبح غائبات ولا وجود لنا ، وبعد أن نتحول إلى رجال ، كما أننا وبهذه الخطوة نعفيكم من اقتسام الارث معنا ، ولن نطالب به هو الآخر .
وسيصير المغرب كله رجالا ، وخاليا من الإنجاب ، ومن الحب ، ومن الحياة ، التي لكم أن تتخيلوا وجودها في ظل غيابنا عنها .

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 11/02/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *