بأصوات متعددة … دورات الأسماء العادمة

حســن برما

في مجال الإبداع الفني ، منذ سنوات قليلة، مع ملتقيات تصف نفسها بالوطنية دون موجب حق ، انتشرت موضة إطلاق اسم كاتب ما على الملتقى بشكل اعتباطي سائب، يقال دورة فلان أو فرتلان ، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ووسطا، تصادفك ملصقات دوريات الدروب والمداشر تزينها صورة كاتب قد يعتبر نفسه علامة فارقة في الأدب المغربي ومؤسسا لمدرسة أدبية لم يسبقه إليها أحد .. ولكن !!!
أكيد أن من استطابوا لعبة إطلاق الأسماء على «عواهنها» يجهلون أن الأمر لا يكون اعتباطيا محكوما بمنطق الشللية الضيقة ، ولا يدرون أنهم يفضحون مستوى تفاعلهم وطبيعة موقفهم وبالتالي يحدون شاءوا أم أبوا من درجات إشعاع نشاطهم المفترض .. فما معنى تسمية ملتقى ما بدورة فلان ؟ وعلى أي أساس يتم ذلك؟ وما أهداف اختيار اسم دون غيره؟
مبدئيا، تكريم مبدع ما بإطلاق اسمه على إحدى دورات الملتقيات الوطنية، يعني الاعتراف الجميل بمكانته الاعتبارية في مجال اشتغاله، والإقرار بريادة عطاءات مميزة حققت بتراكمها النوعي الإضافة المنشودة من كل كتابة جادة تعي تاريخ انتمائها الفني ومرجعياتها النظرية ورؤيتها المفترضة.
وموضة السنوات الأخيرة، في الكثير من الملتقيات التي تلتقي في الاحتفاء بجنس الشعر أو القصة مثلا، لا يكون الاختيار مؤسسا على اعتبارات فنية وجمالية أو قراءات عميقة لمنجز الاسم الموضوع على لافتة النشاط ، بالتأكيد، لا يتعلق الأمر بمعايير إبداعية صرفة، والكثير من المهتمين يعلمون أسباب اختيار هذا دون ذاك.
في غياب المتابعة النزيهة الغيورة على الإبداع المغربي، ومع انتفاء الوفاء الجميل للأدب الراقي المهووس بالعناد الخلاق ونبل الشهادة، وبالنظر إلى تغييب المقاييس وأسئلة التلقي ، قد لا نفاجأ حين نقرأ أسماء كتبة الإنشاءات التلاميذية وخواطر المراهقين تتوسط يافطات الجوقات المغلقة ، وتصبح دورات الأسماء الهادمة عرضة للتنكيت والسخرية من سذاجة منظمين متطاولين على شأن يجهلون حقيقته ويتجاهلون بخبث فعاليات تبدع في صمت بعيدا عن حقارات العداء المجاني والانتهازية الكريهة.
وفي اعتقادي الشقي ، تسليط الضوء الباهت على أقلام محافظة مكسورة لا تقدم ولا تؤخر في مسار الجنس الأدبي وتقنياته المتمردة على الجمود والثبات، وأن تأتي باسم نكرة لا يعرفه حتى أهل الاختصاص وتعتقد أنك بالاحتفاء والتكريم تلفت الانتباه إليه وتثير الاهتمام لحضوره الكاذب هو مجرد فقاعة سريعة الزوال وسلوك صبياني متهور يسئ للفن ولحرقة الكلمة المحروسة المسكونة بهاجس الخلق والفضح والتغيير.
مرة ، هاتفتني سيدة تدير جوقات تجاوزت البعد الوطني إلى الدولي ادعاء وبهتانا، مديرة لملتقيات الشعر والقصة والمديح والسماح وحتى الكسكس الشرقي العنيف، في إطار الاستشارة، قدمت لي ثلاثة أسماء لكتاب من أجيال مختلفة، واعتبارا لمستوى إبداعية نصوص المعنيين بالأمر ، وقيمة التراكم الكمي والنوعي، لم أتردد لحظة واحدة في اقتراح كاتب يشهد له الجميع بالريادة والتميز، لكنها فاجأتني برفض الاقتراح الموضوعي بمبرر أن فتوات الإنشائيات الجوفاء وسماسرة الحرف المعطوب يرفضون الحضور إذا ما وضع اسم فلان على يافطة الملتقى، لم يفاجئني المبرر، ابتسمت وقلت لها ديري اللي يعجبك !
بهذا الشأن المخزي ، تحكى طرائف وعجائب ومُغَرَّبات، من بينها استجداء بعض أشباه الكتاب المنظمين ليتصدقوا عليه بدورة ما، ويتكفل هو بتمويل أنشطة الملتقى واختيار أسماء المدعوين والمدعوات وشراء تزكيات تهريجية ممن يحسبون على النقد الرنان .. ويكفي الأدعياء شر الإبداع الفني الذي يحترم متلقيه.

الكاتب : حســن برما - بتاريخ : 25/04/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *