بالصدى: أطفال وأمّهات وتحدّي الوفيات

وحيد مبارك

يوم الاثنين 14 ماي 2018، كان المهتمون بالشأن الصحي، وخاصة المعنيون بالطفولة وبأوضاع النساء، والمترافعون لأجل تمكينهم من حقوقهم المختلفة، وعلى رأسها الحق في الحياة، على موعد مع وزير الصحة أناس الدكالي. منهم من كان حاضرا في عين المكان، ومنهم من تتبع اللقاء الذي عقده الوزير بشكل من الأشكال، ترقبا للأرقام التي سيعلنها آنذاك، التي تخص النتائج الأولية للمسح الوطني السادس حول السكان وصحة الأسرة، المنجز خلال سنتي 2018-2017، الذي أجري بتنسيق مع المندوبية السامية للتخطيط، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، واليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي وكذا جامعة الدول العربية، والذي من بين أهدافه تقييم مستوى وفيات الأمهات ووفيات الأطفال دون الخامسة على الصعيد الوطني.
وبالفعل قدّم الوزير الأرقام، وأعلن عن النسب والإحصائيات، وأكّد على تحسن المؤشرات، المتمثلة في تقليص نسب الوفيات، سواء في صفوف الأطفال دون سنة الخامسة، أو بخصوص الأمهات. تصريح الوزير وإن كان مهما ومعززا بالمعطيات، فإنه لم يلامس بالمقابل عددا من الإشكالات، حول السرّ في استمرار حضور تلك الحالات، التي تدمي القلوب تفاصيلها قبل الأعين، والتي تتكرّر بشأنها السيناريوهات، ليس بالقرى والمداشر وإنما في كبريات المدن والحواضر. تفاصيل مميتة، تطرح بشأنها كل علامات الاستفهام، خاصة حين الاطلاع على أرقام الإحالات صوب المراكز الاستشفائية الجامعية التي تتم من عدد من المستشفيات، عوض التكفّل بها بسبب غياب طبيب مداوم، أو رغبة في ألا تدخل «قابلة» نفسها في «جحيم» من الاستفسارات، أو نتيجة لإغلاق أبواب مصلحة وعدم وضع رهن الإشارة المعدات؟
معطيات واقعية، ليست مجرد كلام عابر يمكن الوقوف عليها بإحصاء بسيط، والجميع يتذكر كيف أنه في ظرف يومين وعلى صعيد العاصمة الاقتصادية، توفيت سيدتان قبل أيام قليلة، ولجتا بشكل منفرد مستشفى الحسني في وضعية وضع، فتمت إحالتهما على المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، حيث فارقتا الحياة باختلاف الأسباب. وضع ليس الأول ولن يكون الأخير، فهذه الصورة القاتمة تصر ضدا عن كل الأرقام التي يتم تقديمها على مساءلة الجميع، خاصة حين نتحدث عن رقعة جغرافية المفروض أن تتوفر على بنية تحتية صحية تحترم المواصفات والمعايير المعمول بها، فإذا كان هذا الوضع يقع في مدينة كالدارالبيضاء فكيف سيكون الوضع في القرى النائية وبالمناطق الوعرة، حيث تتوفر كل صعوبات العيش؟
وبالعودة إلى الأرقام التي تم الكشف عنها، فإن المترقّبين لها وجدوا أنها لا تتضمن أي مستجد بخصوص صحة الأطفال والأمهات، فالمعطيات التي تم التصريح بها بخصوص وفيات الأمهات هي نفسها التي تم الإعلان عنها في نفس الفترة من السنة الفارطة من طرف وزير الصحة السابق الحسين الوردي، والنسب التي تم تقديمها بخصوص وفيات الأطفال هي الأخرى سبق وأن تم التصريح بها في تقرير لليونيسيف خلال شهر أكتوبر من السنة الفارطة 2017، وبالتالي، وجد المهتمون بلغة الأرقام صعوبة في استيعاب الغاية من هذا التكرار، والسرّ الذي يكمن وراء تقديم نتائج متقادمة، معروفة، في الشق المتعلّق بالأمهات والأطفال.
صعوبة استيعاب، يجدها كذلك الذي يصدمون هنا وهناك، بحالة من الحالات، توثقها كاميرا هاتف محمول، توضح تعذر نقل سيدة حامل في مسالك وعرة، أو تكشف عن عملية وضع في فضاء غير صحي وغير آمن، يترتب عنها وفاة الجنين أثناء عملية الولادة، أو تفقد على إثرها الأم الحياة، هذا التحدّي الذي ما يزال قائما، والذي يعتبر تخفيض معدلاته إلى نسب معينة من الأهداف المرتبطة بالألفية الإنمائية، وبالتزامات دولية، علما أنها قبل ذلك هي إنسانية بكل ما تحمل الكلمة من معنى!

الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 17/05/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *