بالمباشر: أسرة واحدة.. !

عزيز بلبودالي

أكيد، نحن أسرة واحدة.. نتخاصم، نتصالح، ننافس، نتحدى، نسعى إلى الفوز و نرغب في أن يخسر منافسنا ولكن في ميدان التباري فقط وليس في ميدان آخر، هذه هي قيم الرياضة وهكذا علمتنا، ومن المستحيل أن نلعب دور المتفرج حين يتعلق الأمر بأزمة أو مرض لفرد من أفراد أسرتنا، أسرة الرياضة، وأكيد مرة ثانية، أن أفرادها يفوق عددهم ما يمكن تخيله.
نعم، رغم قساوة العيش لغالبيتنا، إلا أن ذلك لا يمكن أن يلهينا أو يؤخرنا عن تقديم المساعدة والدعم لمن يحتاجهما من بين أفراد أسرتنا، ولا يهم تجاهل الحكومة أو الوزارة الوصية، فالأسرة متضامنة ولا تحتاج، في كثير من المناسبات، إلى تدخل وتقديم المساعدة من خارجها سوى لمن يأخذ المبادرة.
مَنْ مِنْ غير أفراد الأسرة الرياضية وقف متفرجا على أزمة عبدالحق أيت العريف مثلا؟ لنتذكر كيف قامت الدنيا ولم تقعد واللاعب السابق للوداد والرجاء يتم اعتقاله بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، فور وصوله إلى أرض الوطن قادما من الإمارات، بعدما قرر العودة إلى الوطن إثر غياب لفترة طويلة تهربا من محاكمته بتهمة تقديم شيكات بدون رصيد تبين في ما بعد أنه كان ضحية فيها لمؤامرة من طرف أحد التجار الجزائريين.
لنتذكر كيف تعاطف الجميع مع أيت العريف وانخرط رياضيون ومواطنون من مختلف المدن المغربية في حملة جمع المبلغ المدان به للحصول على تنازل أصحاب الشكايات والدعاوي القضائية، هذا دون أن ننسى الدور الهام الذي لعبه فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم،  وهو يقوم، رفقة عدد من المحسنين، بجمع المبلغ المالي اللازم لتسديد قيمة الشيكات سالفة الذكر.
ولنتذكر أن مهندس تلك الحملة التضامنية لم يكن سوى فرد من الأسرة الرياضية، أو للتدقيق كانوا مجموعة من أفراد هذه الأسرة يتقدمهم مصطفى الحداوي، رئيس الاتحاد المغربي للاعبي كرة القدم المحترفين، ورشيد الداودي، وعدد من زملاء أيت العريف من اللاعبين، سواء الذين حملوا معه نفس القميص أو الذين لعبوا في حقبته أو قبله أوبعده، كانوا مجموعة من النجوم  قاموا بإنشاء حساب بنكي خاص، وأطلقوا حملة تضامن واسعة مع اللاعب آيت العريف لقيت تجاوبا كبيرا من الفعاليات الكروية.
قبل أيت العريف، وبعده، كثيرا ما عاينا حملات تضامن في أسمى معانيها النبيلة مع واحد من أفراد الأسرة الرياضية، ولا يمر أسبوع مثلا دون أن نشاهد تحركا في هذا الاتجاه، مباراة تكريمية، لقاء احتفائي، زيارة لمريض، جمع تبرعات مالية، ودائما تحضر روح التكافل والتضامن في الوسط الرياضي أمام أية أزمة أو حادث يتعلق باسم رياضي.
جلالة الملك، من جانبه، ظل حاضرا في دعم ومساعدة الرياضيين الذين حققوا للرياضة الوطنية إنجازات عالية، ورفعوا العلم المغربي في أكبر المحافل الدولية وأشهرها، قبل أن يخذل العديد منهم الزمن، ويتواروا سريعاً، ليعيشوا حياة مزرية موسومة بالتهميش والغبن، والأكيد أن العلاقة بين المؤسسة الملكية والعائلة الرياضية ظلت تتميز، على مر التاريخ، بروابط قوية ومتجذرة منذ زمن بعيد، فمنذ عهد الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، كما في عهد الملك محمد السادس، تمتع الرياضيون بكل الحظوة لدى القصر الملكي، وكثير منهم تحسنت وضعيتهم الاجتماعية بفضل تدخل ملكي، كما أن عددا منهم جالس الملك أو تحدث مع جلالته مباشرة.
أول أمس الأربعاء، كانت أسرة الرياضة على موعد مع مبادرة جديدة عنوانها التكافل والتضامن، وعرفت حملة جمع التبرعات من أجل توفير السكن لأرملة الراحل العربي الزاولي وأبنائه، الأسرة التي تمر بمحنة حقيقية منذ توصلت بقرار الإفراغ من البيت الذي تسكنه العائلة لأزيد من ستين سنة.
في ملعب الصخور السوداء، التقى الجميع، لاعبون ومدربون ونجوم الرياضة الوطنية، ليعلنوا وقفتهم الموحدة مع أسرة واحد من أبرز الرياضيين الذين خدموا البلد دون أن يبحثوا عن تحقيق مكاسب ذاتية.
نجح اليوم الرياضي الذي سهر على تنظيمه رياضيون معروفون بنشاطهم في العمل الجمعوي، حضر فنانون وإعلاميون، ونجحت المبادرة وتم جمع المبلغ تقريبا من أجل اقتناء السكن لأفراد أسرة العربي الزاولي.
أكيد، هي أسرة واحدة، تلتئم وتجتمع وتتحد وتتقوى أمام الأزمات.. في انتظار أن ينتبه المشرع إلى سن قانون يحمي أفراد هذه الأسرة الرياضية من تقلبات الزمن!

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 23/02/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *