بالمباشر : جمهورهم..وجمهورنا !

عزيز بلبودالي

خلت مدرجات ملاعبنا، نهاية الأسبوع الأخير، من دفء جماهيري كنا نظن أنه سيكون حاضرا، بقوة، بعد أفراح كرة القدم الوطنية التي بدأها الوداد بفوزه بلقب بطل عصبة أبطال إفريقيا، وسار على نهجها فريقنا الوطني وهو يعود من أبيدجان ببطاقة التأهل إلى مونديال روسيا. لكن وللأسف، أصر الجمهور، في غالبيته، وبعدده الكبير الذي يهجر الملاعب، على أن موقفه من مقاطعة مباريات البطولة الوطنية في كل أقسامها ودرجاتها، لا يزال ثابتا لن يتغير حتى تتغير عدة عناوين تلف محيط كرتنا الوطنية، ولعل أسباب نفور الجمهور من الملاعب لم تعد تحتاج منا لجهد كبير لاكتشافها، هي متعددة صحيح، لكنها معروفة وواضحة، ويأتي في مقدمتها مثلا سوء مرافق ملاعبنا، وغياب محفزات للتوجه لميادين الكرة، إضافة لكون التلفزيون وقنواته المتعددة أصبح يمنح فرجة ومتعة كروية لا تقارن مع ما تقدمه ملاعبنا.

في متابعة مباريات البطولة الاحترافية بقسميها الأول والثاني، التي جرت نهاية الأسبوع الأخير، لم يتجاوز عدد الجمهور الحاضر 15400 أي خمسة عشر ألفا وأربعمئة مشجع في 32 مباراة!
رقم يفتح أبوابا واسعة من التساؤلات، كما يثير كثيرا من التعجب والاستغراب، في بلد يصفه العديدون ببلد الكرة.
من تسبب في هجر الجمهور لملاعب الكرة؟ من كان وراء هذا النفور وهذا الابتعاد عن متابعة مبارياتنا الوطنية؟ وكيف السبيل إلى تشجيع المشجعين على العودة إلى الملاعب؟
قليل هي ملاعبنا التي مازالت مدرجاتها تنعم بذلك الدفء الجماهيري الذي يمنح للكرة جماليتها ويجعل من مبارياتها ذات ملح وطعم، وحتى هذه الملاعب يبدو أنها أصبحت مهددة بدورها بفقدان هذا الدفء بسبب تراجع نتائج الفريق كما هو حال اتحاد طنجة مثلا، أو بسبب تكرار إغلاق الملعب بدواعي إخضاعه للإصلاح، كحال المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء.
اليوم، وعلى بعد شهر من انطلاق بطولة إفريقيا للمحليين، التي تحتضنها ملاعبنا، وهي البطولة التي سينظر لها العالم كبروفة وكاختبار، تنظيميا وجماهيريا، ونحن ننافس على احتضان كأس العالم لسنة 2026، يجب التفكير في « إقناع» جمهورنا بملء مدرجات ملاعبنا، والجامعة والمؤسسات الوصية على قطاع الرياضة، أضحت مطالبة بإيجاد الوصفة الناجعة لتجاوز تلك البرودة في علاقة الجمهور بملاعب الكرة.. فالوقت لا يرحم.. والمدرجات سئمت من الفراغ… !
وفي انتظار عودة الدفء، يطرح السؤال حول حاجة جمهورنا للتأطير وللتوجيه والإرشاد، حتى لا تتكرر الكثير من المآسي التي شهدتها ملاعبنا، ولعل مباراة نهاية كأس العرش التي احتضنها يوم السبت المركب الرياضي مولاي عبدالله بالرباط، وجمعت الرجاء بالدفاع الحسني الجديدي، لأبرز عنوان على أن جمهور الكرة عندنا يلزمه تأطير بل ومعالجة لتقويم سلوك عدد كبير منه. فقد تابعنا، ونقلت لنا صور زملائنا الصحفيين المصورين، كيف سقط عدد كبير من مشجعي الرجاء من المدرجات بعد تدافع في ما بينهم لم يكن له أي داع. ولولا أقدار الله لكانت وقعت الكارثة كما وقعت للأسف يوم الأحد بجماعة سيدي بولعلام بإقليم الصويرة، حيث أفادت الأخبار أن 15 شخصا لقوا مصرعهم، وأصيب خمسة آخرون بإصابات متفاوتة الخطورة، في حادث تدافع وقع خلال عملية توزيع مساعدات غذائية نظمتها إحدى الجمعيات المحلية بالسوق الأسبوعي لجماعة سيدي بوعلام.
في أبيدجان، كاد يتكرر الأمر، حين زاغ عدد كبير من جمهورنا الذي انتقل لمتابعة مباراة فريقنا الوطني في مواجهته لمنتخب الكوت ديفوار، عن السلوك القويم، بعد أن حاول عدد منهم الدخول بدون التقيد باحترام الطابور، لتتدخل الشرطة الإيفوارية لمنعهم من اقتحام أبواب الملعب، وليحدث تدافع أصيب على إثره بعض المشجعين المغاربة أمام أنظار الجمهور الكوت ديفواري الذي كان يلتزم بالنظام ويقف في الطابور باحترام وبسلوك مثالي.
وحتى عند نهاية المباراة، وانتصار المنتخب المغربي وفشل منتخب الكوت ديفوار في انتزاع بطاقة التأهل للمونديال، أعطى الجمهور الكوت ديفواري الدرس لمن يحتاجه بروحه الرياضية، وبتقبله للتفوق المغربي، وغادر الملعب بدون أي ضجيج وبدون أي رد فعل عنيف، وبدون خسائر في الملعب أو في الطوبيسات أو في ممتلكات الغير، كما يحدث عندنا إن انهزم الفريق أو فاز…
لاشك أن نجاح البطولة في مدرجات مليئة بالجمهور.. وعودة الجمهور لملاعبنا يجب أن تكون القضية الأولى التي من المفروض الانكباب عليها من طرف مسؤولي المنظومة الكروية المغربية!

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 21/11/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *