بالمباشر … جموع عامة في مدن الرؤساء

عزيز بلبودالي

في موسم الجموع العامة الجاري، عقدت عدد من الجامعات جموعها وأخرى في الطريق، ويقف المتتبع أمام كثير من الحالات التي شهدتها تلك الجموع والتي أسدلت ستائرها على تقاريرها وارتاحت من صداع المناقشين، المعارضين، «المشوشين»، وتمكنت من تمرير مالياتها وأدبياتها ولاءمت قوانينها وانتزعت إقرار مكوناتها واعترافاتهم بحسن التدبير والتسيير، بل هناك جامعات نجحت في انتزاع موافقة جمعها العام، وبالإجماع، على قرار التشطيب على من تجرأ على الاختلاف مع طريقة تدبيرها وتسييرها وقام بانتقادها، حتى لو تعلق القرار بمسير أو ببطل سابق، لا يهم، فالجمع العام قال كلمته، ولكم في مواقع التواصل الاجتماعي والفيسبوك « حق الرد» و»حق مواصلة المعركة».

الملاحظ، بعيدا عما جرى وما دار في تلك الجموع، وقد تكلفت الصحافة الرياضية بتغطية أشغالها وما حدث فيها، أن عددا من رؤساء الجامعات اختاروا مدنا يقطنون بها مكانا لاحتضان الجمع، حتى لو ابتعدت مدنهم عن العاصمتين الرباط والدارالبيضاء بمئات الكيلومترات، مكناس بالنسبة للدراجات مثلا، فاس بالنسبة للجمباز، المصارعة في الجديدة. والملاحظة هاته، تفتح نقاشا آخر حول دواعي لجوء الرؤساء لاختيار مدنهم لعقد الجموع العامة.
يقول واحد من هؤلاء الرؤساء إن سياسة الجامعة تفرض العمل على توسيع نشر الرياضة وتقريبها من المواطنين وتعميمها على مختلف المدن، ونهج اللامركزية في التدبير الرياضي، فيما يقول رئيس آخر، الجمع العام هو مناسبة تلتقي فيها أسرة الجامعة والمنتمون لها، وهي حفل يقام مرة واحدة في السنة يجمع الأسرة كلها، لذا،لا تبخل الجامعة على أفراد الأسرة وهي تستضيفهم في مدن غير المدن المعروفة والتي تقام فيها عادة أهم وأبرز الأنشطة. وبين القول الأول والثاني، يبقى الأقرب للتصديق والأقرب للإقناع هو قول رئيس اعتاد تنظيم جمع عام جامعته في المدينة التي يقطنها واسمه مشهور فيها، وله حضور جمعوي وسياسي هام فيها، بل ويعتبر من صناع القرار بها، وهو يوضح أن اختياره لمدينته لعقد الجمع العام يعفيه من كثير من المصاريف التي تثقل كاهل الجامعة. ففي مدينته، يجد السند والدعم من مختلف السلطات المحلية والمنتخبة، يلقى أيضا الدعم المالي من لدن الأعيان أصدقائه، والمؤسسات الاقتصادية، كما يجد دفء رفاقه ورياضيي مدينته الذين يتطوعون لمساعدة جامعته في عملية التنظيم.
هناك سبب آخر يدفع بعض الرؤساء إلى اختيار مدن سكناهم لعقد الجمع العام للجامعة، ويتعلق بانشغالات الرئيس المهنية والتي يصعب عليه بسببها أن ينتقل بعيدا عنها، كما حدث في جامعة الملاكمة التي صعب على رئيسها تحديد مدينة أخرى لاحتضان الجمع العام، بل ويصعب عليه تحديد موعد للجمع إلى أن عثر على نقطة فراغ صغيرة جدا في برنامجه اليومي المليء بالالتزامات المهنية، ليخطف ذلك الموعد ويقرره، ساعده في ذلك تجاوب وتفهم كل مكونات رياضة الملاكمة وكل المتدخلين في جمعها العام.
عاد موسم الجموع العامة للجامعات الرياضية وللأندية والجمعيات كما يعود، كل سنة، بنفس العناوين، وبنفس الأجواء، وبنفس الوجوه وبنفس الأماكن.
عقدت جموع عامة، بنفس الكلام وبنفس النقاش، ولا جديد ولا مؤشر يشير إلى أن هناك مواكبة لما يحدث حولنا في عالم الرياضة العالمية.
نفس الملامح ونفس الروتين في جل الجموع العامة التي عقدت هنا وهناك، تليت وعرضت التقارير، و«نوقشت» وصودق عليها بالإجماع، ولا جمع عام واحد من تلك الجموع العامة ناقش مثلا أو فكر في وضع تصور مستقبلي أو سطر برنامجا عمليا وماليا لأي مدى زمني، قريب أو متوسط أو بعيد.
حل موسم الجموع العامة، وعقد عدد منها في مدن الرؤساء، واحتفل ممثلو الأندية وحولوا تلك الجموع إلى حفلات جددوا خلالها صلاتهم ببعضهم البعض، وتبادلوا من جديد أرقام هواتفهم، واتفقوا على تجديد اللقاء، وعاد الرئيس مبتهجا منشرحا وقد زاد عمر كرسيه الرئاسي لسنوات إضافية أخرى!
مرت الجموع العامة ولم يفهم، للأسف، صناع القرار الرياضي في الجامعات وفي الأندية، أن عملية تصحيح أوضاع الرياضة تنطلق أساسا من محطة الجمع العام!

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 12/01/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *