بالمباشر … كارثة.. مصيبة

إذا كان المنظمون لـ«الشان»، بطولة إفريقيا للأمم لمنتخبات اللاعبين المحليين، يشتغلون وفق عقود وبمقابل مالي دسم، فإن هناك فئة أخرى وجدت نفسها متورطة بالعمل في عملية التنظيم هاته، دون أن تطمع في فلس واحد، الأمر يتعلق بالمقدمين والشيوخ وموظفي المقاطعات الذين تهاطلت على رؤوسهم التعليمات من كل صوب وحدب تأمرهم بجلب الجمهور وملء مدرجات المركب الرياضي محمد الخامس في حفل افتتاح الشان.

في كل مقاطعات الدارالبيضاء، وفي كل ملحقاتها الإدارية، الأمر كان يقتضي ملء مئات الحافلات بالبشر، وجرهم، أحبوا أم كرهوا، لمركب محمد الخامس. والحقيقة، كما يروي أحد المواطنين، أنه كان في طريقه زوال يوم السبت إلى بيته حاملا الخبز وبعض متطلبات معيشة أسرته، فإذا به يجد نفسه مدفوعا بالقوة لامتطاء حافلة لم يعرف وجهتها، وقبل أن يدفع لركوب الحافلة، لم يتوقع أن يشفق وأن يرأف قلبه للحالة التي كان يبدو عليها قائد الملحقة والمقدم، وهما يتوسلان إلى المواطنين للركوب في الحافلة وحضور افتتاح الشان.
يقول المواطن، إن المشهد كان غريبا بالنسبة له وهو يرى رجال السلطة يتوسلون وتكاد أعينهم تذرف الدمع من أجل أن يتجاوب الناس معهم للتوجه نحو المركب الرياضي حيث كانت ساعات قليلة تفصل عن موعد انطلاق الحفل الكروي الإفريقي.
داخل الملعب، يواصل صديقنا المواطن حكايته، كانت أجواء الطقس قاسية برياحها الباردة، وأمطارها المتهاطلة، وزادها قسوة غياب الإنارة الكافية، إذ أن جزءا كبيرا من الملعب كان يغطيه الظلام، وتعجب الراوي كيف لمركب خضع لفترة طويلة لأشغال الإصلاح، وصرفت عليه الملايير، أن تخفت إنارته، وتفشل أعمدته الكهربائية في تغطية كل محيطه ب«الضو» والإنارة؟
انتظر صاحبنا «المواطن»، كما يروي، فترة ليست بالقصيرة بدون قنينة ماء، وبدون ما يملأ ولو جزءا صغيرا من معدة آلمها الجوع والبرد، قبل أن يعلن عن انطلاق الحفل الموسيقي الرسمي، حيث صعدت فنانة مغربية من تحت العشب لتنشد «منبت الأحرار» بطريقة وصفها «المواطن» الراوي بالركيكة غير الملهمة، لتتوالى العروض التي كان من الممكن أن تكون أفضل لو استعان المنظمون بالمبدعين الحقيقيين، وما أكثرهم عندنا، في هذا الوطن الذي سيكون جميلا لو منحت فيه الفرصة للمبدعين وللفنانين ليترجموا أفكارهم على أرض الواقع.. وعلى سطح العشب.
وحتى لا نتهم ب» التشويش» وهي الموضة التي تتجول هذه الأيام في الوسط الرياضي عند كل انتقاد أو عند كل ملاحظة تهدف إلى الاقتراح وإلى الإصلاح، وجب تنبيه «المواطن» الذي يروي حكايته مع ّ«الشان» ومع حفل الافتتاح، أن الضيوف الأفارقة وعلى رأسهم أحمد أحمد رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، عبروا عن إعجابهم واستحسانهم لأجواء حفل الافتتاح، ومنحونا نقطة ممتازة في عملية التنظيم، وما جرى ودار قبل حفل الافتتاح، وجر الناس إلى حضور الحفل والمباراة، يعتبر عاديا ويجب أن نصفق له و«الدولة» تضع رهن إشارة الجمهور حافلات وتتوسل لهم بالذهاب للملعب.
كم سيكون جميلا أن تواصل « الدولة» اهتمامها بالجمهور وتواصل توفير وسائل النقل له، وتوفر له تذاكر المباريات، وتشجعه على حب الرياضة، وحضور الأنشطة الرياضية.
كم سيكون رائعا أن تواصل «الدولة» تبسيط ظروف التنقل للملاعب، وتفتح أبواب المركبات للجمهور، وكم سيكون أروع لو واصل المركب الرياضي محمد الخامس فتح أبوابه للجمهور وللأندية ولمباريات البطولة، لأن الخوف هو أن يعود هذا الملعب للإغلاق مباشرة بعد نهاية الشان بدعوى إخضاعه من جديد للإصلاح.
قبل أن أودع صديقي «المواطن» صاحب الحكاية، بادرني بالسؤال: أعرف أنه في مدينة الدارالبيضاء عدد كبير من الجمعيات «النشيطة» في العمل الجمعوي، هي جمعيات محظوظة تتمتع بكامل الرعاية من طرف المجالس المنتخبة، لماذا لم يتم الاستعانة بها في هذا الحدث الرياضي الكبير؟
مجرد سؤال نطرحه بدورنا على أمل أن تتحسن أحوال رياضتنا وكرتنا بالخصوص، والبداية عبر التغلب على ظاهرة النفور من ملاعبنا وإعادة الثقة والرغبة وحب الرياضة لدى المواطن.. فعند فشلنا في ذلك..ستكون الكارثة والمصيبة !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *