بالمباشر … نهاية بطل..!

عزيز بلبودالي

لا ينكر إلا جاحد أو متخلف أو جاهل.. أنه بطل كبير ومن العيار الثقيل… إنجازاته، إسهاماته في تزيين خزانة الرياضة الوطنية بالألقاب والكؤوس قاريا، عربيا وعالميا، تحفظ له موقعا متميزا في سجلات الأبطال الذين لا يمكن إلا أن نفتخر بهم وأن نضعهم في مرتبة التقدير والاحترام.

لسنوات عديدة، ظل مطلوبا من الجميع، محبوبا، نجما، يتسابق معجبو الرياضة ومتتبعوها ومحبوها إلى التقاط الصور المخلدة للقائهم مع نجم غير عادي، ظل مواظبا، مجتهدا، يحرث الأرض والأمتار والكيلومترات، يستحيل ألا ترافقه «أميرته الصغيرة» ساعات اليوم كله.
جال وسافر واقتحم كل الطرقات في المغرب، أو في إفريقيا، حيث لا تزال صورته وهو يمتطي دراجته مقتحما الغابات والمرتفعات، حاضرة وموشومة في ذاكرة جماهير السنغال وبوركينافاسو والغابون، وغيرها من البلدان الإفريقية.
إنه عبد العاطي سعدون، الدراج المغربي الذي اختار سباقات الدراجة قادما إليها من بيئة اجتماعية بسيطة جدا، كما هو حال زملائه الأبطال الدراجين الذين بصموا هذه الرياضة بإنجازاتهم الخالدة. ومناسبة استحضار اسم سعدون لم نكن نتمناها حزينة ومؤلمة أو سوداء سواد نهاية مساره مع عالم الدراجة.. هي نهاية مؤلمة لهذا البطل، وقد عاينت شخصيا صورته وهو يغادر، يوم السبت الماضي، القاعة التي احتضنت أشغال الجمع العام لجامعة الدراجات، مطأطأ الرأس، صغيرا، إن لم أقل مهانا، وهو الذي حضر ليس ضيفا وإنما كفرد من أسرة الدراجة المغربية، كانت الصورة قبيحة، وبطل كبير ينحني يكاد يخبئ رأسه بين كتفيه، يغادر مجتمع الدراجة وأسرتها، وقد كان لوقت قريب جدا أحد أفراده، لكنه لفظه خارجا غير مرغوب فيه. لماذا حدث ذلك؟ وكيف دفع سعدون للسقوط من أعلى هرم النجومية إلى أسفله؟ يقول على لسانه: «أنا ابن لأسرة الدراجة المغربية، وذنبي أنني أعشقها وأتمنى لها أن تزدهر وتسير إلى الأمام..ربما عبرت عن آرائي بطريقتي، ربما البعض لم يعجبه الحال.. سأظل رغم ذلك اسما في سجلات الدراجة المغربية…».
يقول الآخرون إنه أساء بانتقاداته غير المبنية على الموضوعية للدراجة المغربية..
بين هذا وذاك، بين الخطأ والصواب، يظل عبدالعاطي سعدون بما حققه طيلة مساره الرياضي لفائدة الدراجة المغربية، نجما كبيرا واسما لا يمكن أن يسقط في بئر النسيان هكذا، ومهما كانت الأخطاء موجعة، فرب البيت وأفراد الأسرة، يفتحون عادة الصدور لتلقيها، يعاقبون، يغضبون، لكن يستحيل أن يطرد بيت الأسرة واحدا من أهل هذا البيت…
هل هي نهاية بطل؟ إذا كانت على تلك الصورة التي غادر بها سعدون قاعة الجمع العام يوم السبت الماضي، فإنها نهاية مأساوية وموجعة بكل المقاييس..
أكيد، أعرف حكماء كثيرين في عالم «الأميرة الصغيرة» المغربية، الذين لن يرضوا بمثل هذه النهاية لبطل هو واحد من أسرتهم..وأكيد لن تكون هي نهاية بطل اسمه عبد العاطي سعدون !!
ولأن للبطل قيمته التي من المفروض أن نصونها، يجرنا الحديث هنا عن مأساة أبطال البارا أولمبية الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على النزول من منصات التتويج للصعود لسيار الأمن ذنبهم وتهمتهم أنهم طالبوا بحق تضمنه كل القوانين، الحق في الشغل وفي التقدير،وفي الحياة.
هم مجموعة من أبطال البارا أولمبية ، يعانون، ويعيشون، كما في مقال أعده في نفس الصفحة زميلي عبدالمجيد النبسي، ومنذ 6 سنوات وضعا مأساويا بسبب تنكر وزارة الشباب والرياضة لمطالبهم المشروعة، إسوة بزملائهم السابقين سنة 2010، والأبطال الأسوياء، اعتمادا على الميداليات التي يحصلون عليها.
أكيد، لا نتمناها نهاية مأساوية لأبطالنا…

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 05/01/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *