بالمباشر … جامعة لقجع ترفع عدد العاطلين إلى مليون و300 ألف شخص!

عزيز بلبودالي

أصبحت المندوبية السامية للتخطيط مطالبة ابتداء من يوم الثلاثاء 14 نونبر الأخير، بتعديل بياناتها التي أصدرتها مؤخرا بخصوص معدل البطالة، والذي تؤكد أنه ارتفع خلال عام من %10,4 إلى%10,7 على المستوى الوطني، وانتقل العدد من مليون و 233 ألفا إلى مليون وقرابة 300 ألف شخص، وهو ما يعني أن 63 ألف عاطل انضافوا إلى القائمة، وكلهم بالوسط الحضري، وقد أبت جامعة فوزي لقجع إلا أن تضيف عاطلا جديدا سينضم إلى قائمة من هم بدون عمل وبدون مدخول يعيلون به أنفسهم وأسرهم!

الجامعة الموقرة اجتمعت لجنتها المركزية التأديبية، يوم الثلاثاء 14 نونبر 2017 وأصدرت القرار التالي:» توقيف ياسين واكيلي، لاعب فريق سريع واد زم لمدة سنة، مع تغريمه 10 آلاف درهم، لبصقه على الحكم المساعد في المباراة التي جمعت بين الراسينغ الرياضي وسريع واد زم، لحساب الجولة 7 من البطولة الوطنية الاحترافية اتصالات المغرب / القسم الأول».
حسمت الجامعة في الموضوع، وفض أعضاؤها جلستهم واجتماعهم، ووقعوا على محاضرهم وانصرفوا دون أن يلتفت أحد منهم إلى أن قرارهم سيشرد أسرة بكاملها، سيوقف الأطفال عن دراستهم، سيجعل الوصول إلى تغطية متطلبات الحياة صعبا بل وشبه مستحيل. بجرة قلم، حكم من بيدهم القرار، باغتيال حلم لاعب، وبإعدام استقراره وتوازنه الاجتماعي وهو رب أسرة ومعيلها الوحيد. بجرة قلم ، صدر القرار في غياب اللاعب..والتهمة أنه وفي رد فعل غاضب، بصق على الأرض احتجاجا ربما على قرار الحكم الذي رفض مشروعية الهدف الذي سجله، أو ربما ندما على تضييع فرصة كانت ستعيد فريقه للمباراة. لسوء حظ اللاعب الواكيلي، أنه كان يركض في اتجاه وقوف الحكم المساعد، وعندما بصق، كان نفس الحكم أمامه، لم يتردد الحكم المساعد الذي اعتبر أن اللاعب بصق في وجهه، في إبلاغ حكم الوسط، ليقوم الأخير بطرده ورفع تقرير حمل في طياته مسودة حكم الإعدام التي لم يكلف أعضاء اللجنة التأديبية ألجامعية التحقيق في سطورها، واكتفوا بالتأشير على الحكم وإقراره!
لنفترض أن اللاعب أخطأ، ولنفترض أن الحكم شعر بالإهانة، ولنفترض أن اللجنة التأديبية الجامعية تلتزم فعلا الصرامة والعدالة، ولا تفرق ولا تميز في قراراتها وفي أحكامها وتتقيد فعلا بتطبيق القانون، أليس توقيف لاعب سنة كاملة هو بمثابة توقيف لمدى الحياة؟ أليس حكما بنهاية مسار وفض شراكة وعقد مع مشغله؟
ألم يكن حكما قاسيا ولم يراع ظروف اللاعب النفسية أولا؟ ولا ظروفه الاجتماعية ثانيا؟ ألم يفكر « القضاة» في مصير هذا اللاعب وكيف سيواجه الحياة وقد أغلق في وجهه مصدر رزقه ورزق أسرته؟
هو حكم أقسى من كل الأحكام، ويكفي أنه لم تتح الفرصة للمحكوم عليه بالدفاع عن نفسه، ولم تترك له الفرصة لانتداب محام يدافع عنه، ولم يمنح ولو دقيقة ليتكلم، فحتى من تصدر في حقهم أحكام الإعدام في جرائم القتل والاغتيال، لا ينفذ فيهم الإعدام قبل أن يمنحوا لحظة للنطق بآخر الكلام !
سيقول بعض المتعاطفين مع اللاعب الواكيلي إن لديه فرصة أخرى وفريقه تقدم باستئناف الحكم، وسيرد عليهم آخرون، ومن بينهم عضو بالمكتب المسير لفريق سريع واد زم أخذنا منه تصريحا حول الموضوع، إنه وحتى لو قبل الاستئناف، وحتى لو تم تخفيض الحكم من سنة إلى النصف، ففريقه لن يقبل بالاعتماد على لاعب ممنوع من حمل القميص ولو لشهر واحد، والفريق سيكون مجبرا على تعويضه بانتداب لاعب آخر، يعني كل هذا أن مصير اللاعب أصبح في مهب الريح، وأضحى رقما جديدا ينضاف إلى عدد العاطلين بالمغرب.
تربويا، ألم يضع « حكام وقضاة» الجامعة بعين الاعتبار سن اللاعب الذي لا يتجاوز 25 عاما بما يجعله مجرد شاب أو طفل لا يزال في حاجة إلى تأطير ورعاية وتقويم؟ أليست الرياضة تربية وأخلاق، يعلم فيها الكبار الصغار مبادئ الخلق والسلوك الرزين؟ ألم يعلم « كبار» الجامعة أن هناك طرقا عديدة أخرى لمعاقبة اللاعب لو كان فعلا مذنبا غير معاقبته بمنع هواء الحياة عنه؟
ثم، ولنكن واقعيين ومنطقيين، لو كان فعلا قضاة الجامعة يحتكمون للعدل في إصدار أحكامهم، ولا يكيلون بمكيالين، أين إذن كانت عيون الجامعة عندما « بهدل « العضو الجامعي نورالدين البيضي رئيس يوسفية برشيد طاقم تحكيم مباراة فريقه ضد مولودية وجدة قبل أسبوعين؟ وأين هو العدل في موقف هذه الجامعة من حالة المغرب الفاسي الذي وقفت لجنة الأخلاقيات فيها على كل خروقات الرئيس أحمد المرنيسي دون أن تجرؤ لحد اليوم على إصدار أي قرار في حقه؟ وأين كانت الجامعة وهي توجه الدعوة لرئيس سابق للاتحاد البيضاوي تم التشطيب عليه، في تجاوز للقوانين وبدون وجه حق، لمحاكمته بتهمة تدوينات على صفحته الخاصة على الفيسبوك؟ وأين كانت الجامعة عندما قام مساعد مدرب يوسفية برشيد بتهشيم وجه كاتب إداري لفريق مولودية وجدة؟ وأين كانت الجامعة وأندية ترفع ملفاتها للقضاء تشتكي من سقوطها ضحية لعمليات « البيع والشراء» وشراء ذمم لاعبيها؟
الجامعة تقف عاجزة متفرجة عند حالات عديدة يداس فيها على القانون، ولا تتردد في اغتيال أحلام الضعفاء من شبابنا ارتكبوا، عن قصد أو عن غير قصد، زلات مهما كان حجمها لا يجب أن تصل الأحكام فيها إلى توقيف مسار المحكوم عليه!
الجامعة تصر على رفع عدد العاطلين في هذا البلد، وهي تحكم على لاعب بالتوقيف وتجبر فريقه على التخلي عنه وفسخ العقد المبرم بينهما!
جامعة مانعة لهواء الحياة.. جامعة لا تستحق أن تعيش…

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 22/11/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *