سنفتقدك..لفقيه

عزيز بلبودالي

من اليوم،لن أحظى مرة أخرى بفرصة سماع صوتك،صديقي حميد الهزاز، ووأنت تطل علي من هاتفي النقال، سائلا عن أحوال فريق مدينتي شباب المحمدية، وعن أحوال زملائك الذين جاوروك في المنتخب الوطني، أو طالبا إيصال رسالة لشريك المسار أحمد فرس الذي كنت تلقبه ب»مول الكُرة».
سنفتقدك..لفقيه .. لن أنسى أول مرة حظيت فيها بلقائك،وكانت سنة 2007،عندما تحملت مشاق السفر عشية أحد الأيام، من مدينة فاس لتحل ضيفا على مدينة المحمدية، مصرا على حضور حفل توقيع كتاب صديق عمرك أحمد فرس، وتوالت اللقاءات، وكنت دائما مبتسما، مرحا، متفائلا، بمستقبل الرياضة المغربية وكرة القدم بالخصوص.
في شهر شتنبر الماضي، كان آخر لقاء جمعني بك أيها العزيز، وكانت المناسبة تقديم كتابك « فقيه في عرين الأسود» للمؤلف الزميل محمد التويجر، بمعرض الرياضة الدولي بالدارالبيضاء.كانت الفرصة مرة أخرى التقيت فيها بصديقك أحمد فرس، ومناسبة جعلت كل الكاميرات تصوب نحوكما،خاصة وأنت تكشف في كلمتك في ذلك الحفل، عن أسرار تحكى لأول مرة عن المنتخب الوطني وعن صفحات من تاريخه.في ذلك اليوم، تمنيت أن يسمعك العالم كله، تمنيت أن يعرف الجميع أن كرتنا بقدر ما تعطي لاعبين بعناوين البؤس والفقر الثقافي والعلمي،بقدر ما تمنحنا نماذج من كبار اللاعبين المتخلقين،المثقفين،الذين يستحقون أن يكونوا في أعلى هرم التسيير الرياضي الوطني، لا أن يتركوا للتهميش وللنسيان.
إلى جنة الخلد صديقي الفقيه المثقف، كما قالها الزميل محمد التويجر مدون مذكراتك:
« إلى جنة الخلد أيها الفقيد الفقيه
شمس فاس أطلت ، هذا الصباح ، واجمة على غير عادتها مفجوعة
أخي الهزاز …. والنسائم التي تهب عليها من جهة إفران ، جاءت محملة هذه المرة بصدى أنين أمك الحاجة فاطمة التي ما فتئت تتردد عليها بانتظام للاطمئنان على صحتها وسلاماتها والتزامها بتناول أدويتها .
لم تكن المسكينة تتخيل أن يد المنون التي راوغتها بنجاح مرتين ، وفي عز عمليتين جراحيتين بالديار الفرنسية، ستتسلل إلى غرفة نومك ، مجبرة إياك على الرحيل ، ساعة واحدة قبل الفجر …فيما كنت تنتظر تلبية دعوة صوت مؤذن المسجد المجاور لمسكنك «حي على الصلاة ، حي على الفلاح « استعدادا للصلاة ….
لم تكن تدري أن نداء المؤذن سيبقى بلا جواب … لا رد لقضاء الله ، وضوءك صار غسلا ، والمسجد تحول إلى وجهة كل معارفك الذين لبوا النداء بمجرد شيوع خبر النعي عبر الإذاعة والمواقع الإلكترونية ، لإلقاء النظرة الأخيرة عليك ، وإهدائك دعواتهم في صلاة استثنائية أنت محورها وهدفها أيضا.
لا أخفيك أن هواتف الصباح صارت مصدر شؤم عندي ، لأنها لا تحمل في الغالب إلا نعي عزيز أو رحيل حبيب
هل غادرت حقا بلا رجعة ؟ أكنت لتقوى على الابتعاد ولو لحظة عن أميرتك المدللة « غيثة «؟ ….غيثة التي كشفت لي في بوح الجلسات أنك لا تقدر على فراقها ، وتأمل ألا تهجر عش الأسرة ، إسوة بإخوتها أمين وفاطمة الزهراء وياسمين وسارة …
سيرتك نقلتني إلى محطات بارزة عديدة ، وأكيد أن من سيسعفه الحظ في نيل نسخته من سيرة «فقيه في عرين الأسود» سيرسم صورة رائعة لرجل استثنائي
إلى جنة الخلد أخي الهزاز، ورزق الله أهلك ومحبيك صبر تحمل فراقك ، وأبقى طيفك وصدى صوتك خالدين بين أركان بيتك ، يؤنسان وحدة قمرك وثرياتك الخمس ( زوجتك سعيدة وأبناؤك ) كما اتفقنا على وصفهم في السيرة .
شكرا لأنك منحتني فرصة تجريب فن كتابة السيرة….شكرا أيضا على اللحظات الجميلة التي تقاسمناها طيلة الأشهر العشرة التي تطلبها مشروعنا المشترك ، وتغمدك الله برحمته الواسعة …إنا لله وإنا إليه راجعون.. محمد التويجر»

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 15/01/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *