في السياق : مغاربة غير راضين عن وضعهم الاقتصادي

محمد رامي

جل المغاربة غير راضين على وضعهم الاقتصادي مهما ارتفع دخلهم الشهري. قد يقول قائل إن في الأمر مبالغة، لكنها الحقيقة التي ندركها جميعا من خلال حواراتنا اليومية ، والتي أكدتها دراسة سابقة حول»مؤشر ثقة المستهلك» ، حيث أكدت أن 61 في المائة من المغاربة يعتبرون أن راتبهم الشهري لا يلبي مطالبهم ، وأنه لا يلائم تكاليف المعيشة المرتفعة ولا يغطى حاجاتهم من الاستهلاك، وأن 19 في المائة من المستجوبين يعتبرون راتبهم الشهري مساويا لتغطية تكاليف العيش، بينما لم تتجاوز نسبة 6 بالمائة ممن يعتبرون أن راتبهم الشهري أعلى من تكاليف المعيشة.
الحقيقة أننا نعيش بالفعل أزمة تسديد تكاليف المعيشة ببلادنا، فجل الأسر المغربية لاتعرف معنى الإدخار لكنها تعرف جيدا معنى الإقتراض، لاتعرف معنى الاستمتاع بطعم الحياة وتلبية متطلبات الأولاد، لكنها تعرف جيدا معنى التخلي عن كل مايمكن أن ينظر إليه أنه من الكماليات. فالاستمتاع بعطلة نهاية الأسبوع خارج أسوار «قبر الحياة « أمر غير وارد، والتمتع بالعطلة السنوية خارج المدينة يعد من ضرب الخيال، وكسوة الأطفال من دون مناسبة أو عيد يعتبر من المحرمات عند البعض، والتلذذ بطعم اللحوم والأسماك أمر محدد في يوم أو يومين من الأسبوع.
مشكل عجز الأجور عن تغطية المصاريف يطرح بالنسبة للأسر المغربية ليس فقط بالنظر لضعف مستوى الأجور، بل أيضا لارتفاع تكلفة المعيشة بالمغرب وضعف القدرة الشرائية للمواطن، في ظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب. واقع تعيشه فئة كبيرة من الشعب المغربي نتيجة الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية، وهو الأمر الذي عمق من المشاكل المادية لغالبية الأسر، والتي عجزت عن مواجهة موجة الغلاء.
فبعملية حسابية بسيطة لتكلفة القفة بالنسبة لأسرة متوسطة الدخل مكونة من خمسة أفراد نجدها لاتقل عن 100درهم في اليوم الواحد، وهي التكلفة التي تفوق بكثير في الشهر الواحد الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول الطريقة التي تتدبر بها فئة كبيرة من المواطنين أمورها المعيشية ! أمام هذا الوضع ، ومن أجل ضمان تغطية باقي المصاريف الأخرى ، يتم الضغط على مصاريف القفة من خلال محاولة تقليصها إلى أقل مستوى لها مع محاولة ضمان التغذية اليومية، فمصاريف القفة لاتضاهيها إلا مصاريف فواتير الماء والكهرباء ، والتي، وبالرغم من المحاولات الحثيثة للأسر المغربية للاقتصاد فيها بالنسبة للفئات المتوسطة الدخل أو الضعيفة، إلا أنها تنزل بثقلها على الميزانية نظرا للزيادات المتتالية فيها.
إنها شريحة كبيرة من المغاربة تلك التي لايمكن للبحث الذي تحدثنا عنه أعلاه أن يشمل آراءها ، فهؤلاء أصلا لادخل قار لهم، مغاربة لايعرفون من الأعياد إلا عيدي الفطر والأضحى وذكرى المولد النبوي و»حكوزة» بداية السنة الفلاحية. مغاربة لاوجود لهم في خلاصات البحوث الاجتماعية، لأن لاوقت لديهم ليضيعوه في ملء استمارة أو الإجابة عن أسئلة هذه الجهة أو تلك ، فالبحث عن لقمة عيش شريفة لاتترك لهم المجال للتفكير في شيء آخر غير توفير متطلبات عيش كريم…

الكاتب : محمد رامي - بتاريخ : 20/11/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *