الثرثرة الصامتة لمواقع التواصل الاجتماعي

محمد الشاوي

تلج المنزل، صمت مطبق،أفراد العائلة في زنازن وهمية عازلة ،الواحد منها في فضائه الخاص منغمس في مواقع التواصل الاجتماعي عبر الأجهزة الالكترونية الجد متطورة ، يا حسرتاه ، على الأقل المائدة تجمعنا ،الآن غابت لغة الحوار والتشارك في الحديث عن المشاكل بداعي ضيق الوقت وهم الانشغال .
لم يسلم أحد من قرصة الالكترونيات ،جميع أفراد الأسرة يمسكون بجهاز، سواء الهاتف المحمول أو لوحة الكترونية أو حاسوبا محمولا أو جالسا، سواء بالغرفة أو المطبخ أو قاعة الاستقبال ولم يسلم المرحاض كذلك ، الأم منهمكة في إعداد الطعام والاسترسال في تتبع الصديقات في العالم الافتراضي والطفل الصغير يبحث عن الدفء والحنان عبر اللوحة الالكترونية لانشغال الآباء بتصفح العالم الآخر.
في ظل الإقبال المنقطع النظير من لدن الجميع شيبا وكهولا وشبابا وأطفالا ،غاص الكل في هذا العالم بل انغمسوا في تسابق هستيري حول السعي للحضور الدائم في هذه المواقع وتسجيل السبق مما يزيد من هوة القطيعة بين أفراد العائلة الذين يتشاركون السكن ، ويفضلون بل يلحون على تناول الطعام بمعزل عن باقي الأفراد مما يحدث فجوة في صلة الرحم في مساحة لا تتعدى بضع عشرات الأمتار المربعة ،فكيف الحديث عن صلة الرحم عبر مسافات طويلة اذ المواقع أضحت أحيانا تغني عن التواصل المباشر؟.أما الذين لا يجيدون تقنيات العالم الافتراضي فمآلهم العزلة والإحباط.مادامت مواقع التواصل شيدت لكل فرد عالمه الخاص يخرجه من أرض الواقع والانجرار وراء متاهات تخرجه عن العالم الخارجي وبالتالي هذا الاستخدام المفرط يفقد المستعمل القدرة على التواصل مع الأفراد الحقيقيين اذ ينشغلون في ثرثرة صامتة مع كائنات افتراضية دون التطرق إلى نوعية المواضيع أو الألعاب و …مما يؤثر على السلوك والتأهيل العملي والدراسي والعاطفي نتيجة الارتهان بمواقع التواصل الاجتماعي ، حتي العلاقات الاجتماعية الطبيعية بقدر ما قربت المسافات بين الأفراد والعائلات وقلصت من الوقت أحدثت شرخا عميقا وسط العائلة القريبة المقيمة تحت سقف واحد ،إذ تجد الجميع جالسين في قاعة مشتركة وكلهم منهمكون في ثرثرة صامتة في عالمه الافتراضي.

الكاتب : محمد الشاوي - بتاريخ : 13/03/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *