الحركة الفنية المغربية…إلى أين؟

محمد أديب السلاوي

 

المتتبعون للحركة الفنية المغربية، يلاحظون تراجع هذه الحركة، خلال العقدين الماضيين، على مستوى الإنتاج كما على مستوى الاستهلاك / التلقي، إذ وقع ما يشبه انهيار السينما المغربية التي لم يبق منها سوى المهرجانات الصغيرة والمتوسطة، والتكريمات التي لا معنى لها، أما المسرح الذي كان معملا لتفريخ الممثلين والمخرجين والكتاب والمؤطرين، تراجعت أسهمه إلى أقصى درجة، كما تراجعت أسهم الأغنية المغربية، وما يتصل بها من فنون الموسيقى والكلام والعزف والتلحين والتوزيع، مع غياب البحوث والدراسات الموسيقية، التي أعطت هذا الفن في العقود الماضية حضوره على الساحة الثقافية، أما عن الفنون التشكيلية العربية فوضعيته مشينة، مخيبة للآمال، إذ أصبحت أسماءه الرائدة والبائدة تسبح في كل واد، تبحث عن متلقي مادي بأي ثمن، بعيدا عن قيم هذا الفن، الذي كنا نرجو ونتمنى أن يعبر ويعكس المستوى الحداثي الذي تتطلع إليه فنوننا المغربية جميعا.
المتتبعون اليوم للحركة الفنية المغربية، يتساءلون بحسرة عن من سيخلف في مجال الموسيقى والغناء، جيل احمد البيضاوي، وعبد القادر الراشدي وعبد الوهاب اكومي، أو جيل عبد الهادي بلخياط / عبد الوهاب الدكالي / إسماعيل احمد / المعطي بن قاسم، أو جيل ناس الغيوان / جيل جيلالة .
ويتساءلون بأسف شديد، عن من سيخلف في المجال المسرحي جيل احمد الطيب العلج / الطيب الصديقي / عبد الصمد دينية / محمد عفيفي / محمد الكغاط / فاطمة الرجراجي / عبد الكريم برشيد / محمد بلهيسي، وعن من سيخلف في المجال السينمائي، محمد بناني / محمد فتاح / حسن الجندي / البشير سكيرج / العربي الدغمي / محمد عبد الرحمان التازي.
ويتساءل المتتبعون للمجال التشكيلي، من سيخلف مولاي احمد الإدريسي / المكي مرسيا / أحمد الشرقاوي / ومحمد المليجي / مريم امزيان / المكي مغارة / أحمد بنيسف وغيرهم من الرواد الذين أغنوا الحركة الفنية المغربية بإبداعاتهم وقيمهم الثقافية.
من المؤسف القول، أن ما أصاب الفنون المغربية، من السينما إلى المسرح، ومن الموسيقى إلى التشكيل، هو ما أصاب / يصيب نقاد هذه الفنون الذين أصبحوا يتهربون عن قصد أو غير قصد من تقييم وضعيتنا الفنية على ضوء الحقيقة، التي لا هروب منها.
لربما لا يستطيع أحد من هؤلاء النقاد، البوح بأننا ما زلنا نعيش حالة من التخلف الفكري والثقافي والحضاري، وبأن الأجيال الجديدة من الفنانين المغاربة، لم يستطيعوا تحطيم حواجز التخلف والخروج إلى مرحلة ثقافية / حضارية جديدة، ليست فقط في مستوى العصر الجديد، ولكن أيضا في مستوى الطموحات الثقافية المغربية، في هذا العصر الجديد.
كيف يفسر لنا هؤلاء النقاد عدم قدرة الساحة الفنية المغربية الراهنة، إنجاب ما يعوض رواد الأجيال الماضية في الموسيقى والمسرح والسينما والتشكيل، الذين أعطوا القرن الماضي حضوره وإشعاعه رغم مآسيه الاستعمارية، وصراعاته المتواصلة من أجل الحرية والاستقلال، هل يعني صمتهم عن ذلك أن الأرض المغربية، لم تعد تنبت خلفاء لها، أم يعني ذلك انعدام رؤيتهم الحضارية…؟

الكاتب : محمد أديب السلاوي - بتاريخ : 12/02/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *