الربيع الموؤود  .. و ريع  استغلال « دين – مال» في السياسة ..

بقلم : مصطفى المتوكل الساحلي

من المهام الرئيسة  للرسل تبليغ البشرية الرسالة والحكمة  والحق لتنوير العقل ، وبث القيم الإنسانية الكبرى من صدق ووفاء وتعاون وتكافل وتكافؤ وتعايش وحرية  باعتماد منهج التبشير والتيسير   والإقناع السليم ..
فجاء أقوام ممن ينصبون  أنفسهم زعماء وأئمة للذين يؤمنون بالدين وفق فهمهم على اعتبار انهم من يملك الحقيقة والعلم الإلهي ومن ثم يخولون لأنفسهم إمتلاك الناس وإخضاعهم لأمزجتهم البئيسة  …منهجهم يناقض  الغايات والأهداف التي شرحتها الرسالات السماوية وضحى من أجلها الأنبياء والمرسلون ،،   فتأولوا المقاصد وبنوا نظرياتهم وآراءهم التي أحدثوا لها  جماعات تقتسم الأدوار فيما بينها  ، ومنها المتشددة المتطرفة في مواقفها وسلوكها تجاه أعضائها والناس ، ومنهم الرافضة لكل قواعد العدالة و الديموقراطية الاقتصادية والإجتماعية وأن يحكم الشعب نفسه بنفسه ، ومنها المتخفية والمستغلة للديموقراطية والمؤسسات الحديثة فتدعي أنها أكثر حداثة وديموقراطية وعدلا من الذين يحاربونهم بهيئاتهم ومنظماتهم  الموازية بتقاسم أدوار الصالح والشيطان ، وقد يجتمعون في شخص واحد   فتكشف حقيقتهم الغريبة يحلون ويبيحون كما يحرمون ويبدعون ما يشاؤون، وقد يتحول  الانحراف والميوعة والغش والإباحية والكذب والتضليل والاغتناء غير المشروع ، إلى طرق ووسائل يثاب عليها في الدنيا والآخرة …
إن من الاشكالات المطروحة :  كيف يحول هؤلاء  الذين هم أولئك  مضامين الرسالات السمحة إلى  كراهية وبغضاء  وعدوانية للمخالف لهم مذهبا ودينا وفكرا  وثقافة وعرفا .. ؟ وكيف يبيحون ويدعون علنا لأنفسهم ولأتباعهم إستغلال المسؤوليات والمال العموميين  بعلة إصلاح أحوالهم المادية وخلق ثرواتهم مما لايملكون وليس لهم حق التصرف فيه كلا او جزءا ..؟؟
وكيف يلقنون الجهل بمختلف تجلياته  في عوالم التعليم و الثقافة والتنوير العقلي والديني
لدرجة يناقضون  بتبجح  من على منابر العلوم والتعليم ومنابر الدين  وأمام الرأي العام  حتى الحقائق العلمية التي هي من القوانين التي وضعها الله منذ الأزل وبدايات الخلق  لينضبط لها كل شيئ في الأكوان والحياة ،وبالمخلوقات ومنظومة عمل الأجسام والتي أشارت  إليها وذكرتها آيات كثيرة لعل من يبحث ويتأمل يرتفع بعلمه لفهم ما تيسر له من العلم الإلهي المبثوث في كل مكان وزمان وحتى خارج الزمكان ..؟؟ وكيف لهم يعطلون آيات بالتعسف في تأولها حتى تخضع لبعض العقول الجاهلة التي  تجاوزت كل الحدود في الخلط بين المرويات التحريفية  الإسرائيلية والحكايات الجاهلية الخرافية ….
إن الغريب هو أن يجنح العقل بصاحبه إلى نقيض الحكمة من خلق الإنسان العاقل الذي له قدرات وإمكانات هائلة وواسعة بشساعة الكون نفسه … ،، لهذا  يكون دعاة وأنصار  الجمود والانتظار والإخضاع والاتباع والاستسلام لمشيئة المتعصبين والمتشددين في الدين  باعتبار تفاسيرهم واقوالهم وفيديوهاتهم فتاوي تصل درحة الفرض والوجوب اكثر حتى من الأركان لانها قد تسقطها وتفسدها  امعانا منهم في تضليل الناس البسطاء …
فهل لايفهمون أن الله لايقبل التقرب إليه بالإجرام والظلم والإرهاب والابتزاز والاستبداد و…إنه سبحانه  طيب رحيم بعباده يحب الطيب والإنساني ، ورحماته وعطاءاته  وبركاته تشمل كل المخلوقات ولا تميز بين المؤمن والكافر به …
إن  مرض وجشع جاذبية المال لاحدود لها ولا منطق وتصل أكبر درجات القبح عندما تعمد  إلى  نصرة باطل وظلم بتقديمه للناس على أنه هو عين الحق  سواء كان سياسة او قرارا  أو إجراء  …
إنه عندما يغلب الطبع اللئيم على أي قول أو عمل ، يميل الإنسان إلى الشهوات والملذات ويصبح زعيما  للطفيليين  الذين لايرتاحون إلا اذا  أكلوا أموال الناس بالباطل ،  وكنزوا من الثروات والريع والهبات ، فيحمدون الرب على انحرافهم  وكأنه رخص و أباح لهم بصفة خاصة ما حرمه ومنعه غيرهم ؟؟ وهم في مقابل ذلك  يحولون  بين عشية وضحاها الناس إلى كادحين لايجدون قوت يومهم ولا علاجهم و لا كل متطلبات الحياة الكريمة في حدودها الضئيلة  إلا بشق الأنفس ..
إن تعطيل قوى التغيير والتجديد ليس في مصلحة الوطن والشعب والدولة ، لأن قوانين وسنن الله في الخلق والوجود  منفتحة على ما يسعد الإنسان ويحقق رقيه وازدهاره ورفاهيته ،،  وعلى الفرد أن يرقى بإيمانه وصفاء روحه إلى مرتبة يرفض أن يكون فيها مضللا وكذابا و حاقدا وعدوانيا ، ومتجبرا  و متكبرا  ومتعجرفا  وتحقيريا ، يبذل الجهد ليستغل ضعف الناس  وحسن نيتهم وحاجتهم من أجل التحكم فيهم وإخضاعهم لنزواته ويعرف المهتمون والمؤرخون البعض منهم  سواء في العصر الأ موي  ..و العصر الوسيط  ..و المعاصر  ..
إن أمام القوى الحية الديموقراطية والحداثية  بالمجتمع والمؤسسات تحديات مهمة ومفصلية في مرحلة عصيبة تجرنا نحو الفشل بعض السياسات وإكراهاتها في علاقة بقوى التحكم المالية العالمية وخاصة التي تستغل الأصولية الدينية في الغرب والشرق والشمال والجنوب ..فحتى الربيع الديموقراطي الذي ساهم في تغيير العديد من المعطيات وفتح أبواب الامل افرغوه من كل مضامينه وانتصاراته التي جسدت الدولة بعض اوجهها في بعض الإصلاحات السياسية والدستورية والتشريعية ، حيث استبشر الناس بغد أفضل إلا انهم لم يروا ممن ركبوا سفينة المرحلة إلا ما جعلهم يتخوفون أكثر على بلدهم من ارتدادات موجات سياسات وقرارات كانت زلزالا هز بشكل قوى قدرات وطاقات الناس واسقط ثمارا  لطالما انتظر الشعب ينعها ونضجها …
إن كل من يستمع الى آهات وآلام وأحول الشعب يتخوف من الدخول في  وضعية يصبح فيها العاجز المتألم غير القادر على القيام بأي فعل للانعتاق والتحرر ، لأن إرادته شبه معطلة أصابها الوهن ، وزعزع الخوف من المستقبل ومن الآخر مبادراتها الطيبة ، وألحق الضرر الكبير بالثقة في كل ما يقال ويروج له …
قال الإمام علي رضي الله عنه   : «الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ وَعَلَى كُلِّ دَاخِلٍ فِي بَاطِلٍ إِثْمَانِ إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ وَإِثْمُ الرِّضَى بِهِ ”  .نهج البلاغة.

الكاتب : بقلم : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 17/06/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *