أوروبا وملف الهجرة: متى يتم إقرار مقاربة إنسانية؟؟

الاتحاد الاشتراكي

هو شريط مأساوي مرعب، ذلك الذي تتبعه العالم لحظة بلحظة، لأكثر من ستمئة مهاجر عبروا من الضفة الجنوبية للمتوسط، يحملون حلما بالوصول إلى الضفة الشمالية لهذا البحر الممتد من مضيق جبل طارق إلى بلاد الشام، حلم بحياة جديدة بالقارة العجوز أوروبا.
شريط مأساوي، هو في الحقيقة نسخة مكررة ل»أشرطة»مماثلة شاهدناها مباشرة أو تم عرضها فقط بحضور شخصياتها أحياءَ حققوا الحلم أو أمواتا انضموا إلى هذه المقبرة البحرية، التي التهمت خلال الخمسة وعشرين عاما الماضية الآلاف من الضحايا.
منذ بداية الأسبوع الماضي، كانت هناك سفينة تحاول الوصول إلى ايطاليا أو مالطا ، لكن لاإنسانية قرارات هاتين الدولتين وغيرهما جعلاها تتيه في عرض البحر مخلفة قتلى فارقوا الحياة مرضا أو غرقا . ولقرابة أسبوع، كانت تبحث عن مرفإ يستقبلها ويضع حدا لهذه المأساة الإنسانية.
لقد أعادت حادثة السفينة «إكواريوس» موضوع الهجرة إلى الواجهة، وهي تعبر أفقيا البحر المتوسط من شرقه إلى غربه وصولا أول أمس إلى ميناء فلنسيا الاسباني، وأعادت نقاشا يكشف في كل مرة عن نظرة العديد من الدول الأوربية إلى هذا الملف، وأن من حقائق هذه النظرة أن أغلب حكومات هذه القارة ترحب فقط بالمهاجرين ذوي شهادات عليا وتخصصات مرموقة من أجل سد الخصاص الذي يفرضه الإيقاع البطيء للنمو الديمغرافي.
خلال العقدين الماضيين (من انطلاق مسلسل برشلونة للشراكات مع الاتحاد الأوربي) التهم المتوسط بالجملة وبالتقسيط حشودا بشرية لم يعرف التاريخ لمآسيها مثيلا .: لقد غرق مايقارب 35 ألف شخص على الأقل في هذه الفترة. وهوعدد يخص فقط الذين تم الإبلاغ عن وفاتهم، أما الحقيقة فهي أكبر من ذلك بكثير. وخلال هذين العقدين، سنّت دول أوروبا واتحادها تشريعات ذات نفس أمني تقضي بوضع ما أمكن من المتاريس في وجه المهاجرين تحت غطاء «السيادة». وبالتالي وجد الخطاب الحقوقي الإنساني نفسه دون ترجمة في أرض الممارسة . وهاهي حادثة «اكواريوس» تؤكد ذلك.
اليوم، ونحن على بعد ستة أشهر من موعد مراكش، الذي تنظمه الأمم المتحدة من أجل وضع الميثاق العالمي للهجرة، حيث اختارت له الذكرى السبعون للإعلان العالمي لحقوق الانسان (العاشر من دجنبر) وأطلقت بشأنه مفاوضات ماراتونية واتخذت له عنوانا: «اتفاق عالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والشرعية».ويهدف إلى «تكثيف التعاون حول الهجرة العالمية بكل أنواعها.فهل ستكون هذه المدة كافية كي تعيد دول أوروبا وتجمعها القاري النظر في سياساتها تجاه الهجرة أم أن بناء الجدران سيستمر ومقبرة المتوسط ستتسع لالتهام المزيد من الجثث؟؟

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 19/06/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *