الماء حق من حقوق الإنسان

بسط العالم أمامه خرائط مياهه وآفاق هذه المادة التي جعل الله منها كل شيء حي. واستعرض في منتدى عالمي تحتضنه البرازيل ما تعرفه البشرية اليوم وخلال الثلاثة عقود المقبلة من تداعيات تتمثل في الجفاف والتصحر والفيضانات ومتطلبات الماء الشروب والزراعة والطاقة…
بلغة الأرقام، تضمن تقرير للأمم المتحدة بمناسبة انعقاد هذا المنتدى تحت شعار «تقاسم الماء»، أن الاستخدام العالمي للمياه تضاعف ست مرات على مدى السنوات المئة الماضية، وينمو باطراد بمعدل نحو واحد في المئة سنويا، بسبب النمو السكاني والتنمية الاقتصادية، وتغير أنماط الاستهلاك، وأن الطلب العالمي لأغراض الزراعة وتوليد الطاقة، وكل منهما يستخدم المياه بغزارة، سيزداد بحوالي 60 بالمئة و80 بالمئة على الترتيب بحلول 2025، وأن 3.6 مليار نسمة أي قرابة نصف سكان العالم يعيشون في مناطق معرضة لخطر شح المياه بمعدل شهر واحد على الأقل سنويا وثلاثة أرباع هؤلاء تقريبا يعيشون في آسيا. وقد يزيد الرقم إلى ما يتراوح بين 4.8 و5.7 مليار شخص بحلول 2050. وأن تلوث المياه يتفاقم في كل أنهار أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية تقريبا منذ تسعينيات القرن العشرين.
وبصورة واضحة، تبرز تضاريس الخرائط التي يتأملها المشاركون في المنتدى أن أزمة المياه لها أبعاد عديدة. إذ يعاني اليوم 40% من سكان العالم من شح المياه، وسيتعرض ما يصل إلى 700 مليون شخص إلى خطر التهجير بسبب شح المياه الشديدة بحلول عام 2030. وفضلا عن ذلك، يضطر أكثر من ملياري شخص إلى شرب المياه غير المأمونة، فيما لا يملك أكثر من 4.5 مليار شخص خدمات صرف صحي آمنة.
في المغرب تعد إشكالية الماء إحدى أبرز القضايا التي يجب أن تحظى بأولوية في السياسات والاستراتيجيات العمومية. هناك اليوم مناطق تعيش توترات مائية عبرت عنها حركات احتجاجية ودراسات علمية وملفات مطلبية. ويكفي أن نقوم بجرد للأسئلة الشفوية والكتابية التي وجهها البرلمانيون للجهات الحكومية المسؤولة خلال العشر سنوات الماضية، لنجد أنها فاقت الـ 500 سؤال. ويكفي أن نعود إلى التقارير الموضوعاتية التي نشرتها مؤسسات مختصة لنقف على حجم اشكالية الماء حاضرا ومستقبلا. فحصة الفرد المغربي ن المياه تتراجع بشكل مهول حسب مندوبية المياه والغابات من 2500 متر كعب في عقد الثمانينات إلى حوالي 720 سنة 2013،وأن هناك تفاقما في وضعية الضغط على الموارد المائية بأشكال عدوانية وضارة أحيانا حسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي عنونه بـ «الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب.
لقد أدرج الدستور أول مرة موضوع الماء في نسقه، إذ نص فصله 31 على أن «تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في (…) الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة. لذلك يتعين على المسؤولين ان يعتبروا بأن الماء حق من حقوق الإنسان، وأن مطالب توفيره هي مطالب عادلة، وأن هذه المادة أصبحت عمود أي تنمية .وبالتالي يجب إرساء البنيات الضرورية ليس فقط من أجل الشرب والري، بل لحماية الماء والحد من استنزاف مخزوناته بشكل تبذيري.
«آن الأوان يقول جلالة الملك في الخطاب الافتتاحي الدورة التاسعة للمجلس الأعلى للماء والمناخ،لنغير جذريا نظرتنا وسلوكنا تجاه الماء من خلال تدبير الطلب عليه وعقلنة استهلاكه مع مواصلة الجهود من أجل تعبئة كافة الموارد المائية القابلة لذلك، والسير قدما في سبيل إنجاز منشآت التخزين وتحويل المياه من الأحواض ذات الفائض نحو الأحواض المعوزة، سعيا لتحقيق التضامن بين الجهات».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *