تشغيل الأطفال : هل سيكون المغرب في الموعد؟

الاتحاد الاشتراكي

في سياق تخليد اليوم العالمي ضد تشغيل الأطفال تعددت الإحصائيات المغربية الرسمية ومن منظمات المجتمع المدني لرسم صورة لهذه الظاهرة المقلقة . وطيلة هذا الأسبوع، كشفت عدة بيانات وندوات وتصريحات أن سوق الشغل ببلادنا ينتهك براءة الأطفال، ويزج بهم في أعمال شاقة، ويستغلهم أيما استغلال في المعامل والورشات والبيوت…
من الأرقام التي تم نشرها عشية وبعد موعد هذا اليوم، الذي يصادف 12 يونيو من كل سنة أن 600 ألف طفل على الأقل، هم «سكان نشيطون»بالرغم منهم يعملون في المدن أو القرى، وتستوعب هذه الاخيرة أكثر من الثلثين ،وأن هناك أزيد من 80 ألف فتاة مغربية عمرها لايتجاوز ال 15 سنة خادمات بالبيوت.وحسب بحث للمندوبية السامية للتخطيط، فإن حوالي 193 ألف طفل تتراوح أعمارهم ما بين 7 و 17 سنة معنيون بالعمل الخطير خلال سنة 2015، 80 في المئة منهم في الوسط القروي (78 في المئة منهم من الذكور) وتتراوح أعمار 75,3 في المئة منهم ما بين 15 و 17 سنة.
هي إذن صورة قاتمة لهذه الفئة العمرية، التي من المفترض، أن تكون بقاعات الدراسة والتحصيل أو التكوين بدل أن تمنح عرق جبينها لسوق الاستغلال، ويتيه مستقبلها في متاهات وآفاق مظلمة.والمثير أنه بالرغم من أن هناك مكاسب دستورية وتشريعية تحققت،لكنها ليست بعدُ في مستوى تجريم تشغيل الأطفال في الأماكن والمهن الخطيرة .ومازال العديد من هذه المكتسبات يصطدم بعدم ملاءمة مقتضياته مع المعايير الدولية .
إن الايقاع المغربي في التعامل مع قضية تشغيل الأطفال يسير ببطء، ولا يساير الايقاع الذي تنهجه العديد من الدول. فالسياسات العمومية الوطنية ذات الصلة، لاتجعل محاربة ومواجهة الظاهرة من أولوياتها، كما أن غياب آليات ناجعة وفعالة يساهم في استقبال سوق الشغل لمزيد من الاطفال كل سنة . ويعد السبب الرئيسي لهذا الاستغلال الاقتصادي، هو الهدر المدرسي، إذ أن هناك الآلاف من الأطفال، إما أنهم غادروا مقاعد الدراسة، أو لم يجلسوا عليها أبدا لعدة أسباب،منها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لعائلاتهم .
وعليه، فبلادنا مطالبة بأن أن تضع نصب عينيها وضع التشريعات والآليات ووسائل الرصد والمراقبة، للحد من ظاهرة تشغيل الأطفال،ولا يتأتى ذلك طبعا سوى بجعل التعليم إجباريا، على الأقل حتى ال 16 سنة وملاءمة قوانينها مع المعايير الدولية من جهة ثانية، ونشير هنا، إلى النقاش الذي طال قانون العمال المنزليين، الذي أصرت فيه بعض الجهات على عدم تنصيصه سن 18 كحد أدنى .
من المعلوم أن ثمة التزاما دوليا على عاتق المغرب، لابد من التنبيه إليه والتذكيربه . إنه الهدف 8 -7 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، الذي يلزم الدول بالقضاء على جميع أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2025، وهو موعد لا يفصلنا عنه سوى ولاية تشريعية عادية جديدة .والمأمول أن تكون بلادنا في الموعد.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 16/06/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *