تكريم يستحق الإشادة ويدفع إلى تكثيف الجهود

الاتحاد الاشتراكي

«الاتجار بالبشر» نشاط ضخم متشعب عابر للقارات يدر على شبكاته ملايير الدولارات سنويا . يشمل الأطفال لاستغلالهم جنسيا أو الزج بهم في الحروب والصراعات المسلحة . ويشمل النساء لتحويلهن إلى بضائع جنسية أو استرقاقهن كخادمات بيوت متعددات الاستعمال …كما يشمل هذا الاتجار الرجال للعمل القسري في ظروف غير إنسانية دون حقوق أو حماية اجتماعية وصحية … وهو كذلك الاتجار بالأعضاء البشرية الذي يذهب ضحيته الآلآف من البشر كل سنة.
إن الاتجار بالبشر هو إفقاد الإنسان حريته واستقلاليته وتعريضه لمختلف أشكال الإساءة الجسدية والنفسية . إنه «العبودية الحديثة « المتمثلة في أنشطة استقطاب شخص، أوإيوائه، أونقله، أوتوفيره، أواستحواذه، لإرغامه على العمل القسري أوممارسة الجنس التجاري، وذلك من خلال استخدام القوة أوالاحتيال أوالإكراه .
وبحسب التقرير العالمي عن الاتجار بالأشخاص الذي أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، فإن ملياري شخص حول العالم مورست عليهم جريمة الاتجار بالبشر دون أن يتعرض الجناة للعقاب، وأشار إلى أن 70% من الضحايا نساء وفتيات، و30% منهم رجال وصبية..
قبل أسابيع، كشف وزير الداخلية أمام البرلمان أن المصالح الأمنية فككت 61 شبكة إجرامية مختصة في الاتجار بالبشر خلال السنة المنصرمة، لتبلغ عدد الشبكات المختصة التي تم تفكيكها منذ 2002 نحو 3136 شبكة. ومن أبرز مجالات أنشطة هذه الشبكات ، تهريب المهاجرين والنساء.ودون شك، فإن صدى الدراسة التي أنجزتها وزارة العدل ومكتب منظمة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة بالرباط، مازال هذا الصدى يتردد بالرغم من مرور سنتين ،إذ كشفت الدراسة عن جوانب، تؤكد تفشي الظاهرة ببلادنا وتعدد أنشطتها.
لقد اعتمدت بلادنا قانونا يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر (القانون 27.14) وذلك في أبريل 2015 في إطار جهوده الوطنية والمتعددة الأطراف . وفي هذا الإطار، يأتي تكريم المغرب، في شخص القاضية أمينة أوفروخي، من قبل كاتب الدولة الأمريكي، ريكس تيلرسون، خلال حفل أقيم أول أمس بواشنطن بمناسبة صدور تقرير الدبلوماسية الأمريكية حول مكافحة الاتجار بالبشر في العالم برسم سنة 2017.
وإذ نسجل أهمية هذا التكريم، نشير إلى أن السلطات مدعوة إلى تكثيف جهودها لمواجهة ظاهرة الاتجار بالبشر وملاحقة الجناة . فشبكات تهريب النساء والأطفال والمهاجرين إلى المغرب ومنه إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، تبتدع أشكالا للانفلات من المراقبة والرصد . وتفيد المعطيات بأن31% من جرائم الاتجار بالبشر، تتخذ من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوقا لها ،خاصة بعد مخلفات الربيع العربي الذي شتت شعوبا وحولها إلى لاجئين، ونظرا لأنشطة التنظيمات الاصولية المتطرفة التي تعتمد على هذه الظاهرة وتبيحها بين عناصرها.
كما أن هناك شبكات متمثلة في أشخاص أو عصابات تبيع خدماتها محليا تحت ستائر متعددة، ويكفي أن نطلع على ملف العمال المنزليين أو الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال لنقف على مدى الجرائم المقترفة .
والمطلوب اليوم، تعزيزُ الترسانة القانونية، وتوفير الوسائل اللازمة للمكلفين، بإنفاذ القانون من أجل الحد من ظاهرة تنزع عن الإنسان إنسانيته، وتحوله إلى سلعة، مجرد سلعة تدر الملايير من الدولارات.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 29/06/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *