حرب عالمية تتطلب الدعم والمساندة

حضر ملف الإرهاب قويا عند افتتاح دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وشكل بالإضافة إلى حيزه داخل كلمات رؤساء الدول في أولى جلسات هذا الموعد السنوي، جدول أعمال الاجتماع الوزاري الثامن للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والتطرف الذي انعقد بنيويورك أول أمس الأربعاء.
إنه الملف الذي يؤرق العالم اليوم، لأن تهديداته تخيم على جميع العواصم والمدن الكبرى، وأن العمليات التي يقترفها حصدت خلال الإثني عشر شهرا الماضية أرواح المئات من الأبرياء، وأراقت دماء بتفجيرات ودهس وطعنات غادرة .
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس،حرص على أن يكون ملف الإرهاب أحد أبرز محاور كلمته، الثلاثاء الماضي، وهو يفتتح الدورة 77 للجمعية، حيث دعا المجتمع الدولي إلى ضرورة تكثيف جهوده في مواجهة هذه الآفة التي باتت خطرا عالميا داهما توقع العديد من الضحايا وتدمر المجتمعات وتبدد الطاقات التي كان من المفروض أن توجه إلى البناء والتعمير. ودعا إلى عقد أول اجتماع دولي من نوعه العام المقبل، لرؤساء أجهزة مكافحة الإرهاب في مختلف دول العالم، بهدف صياغة شراكة دولية لمكافحة الإرهاب. كما طالب بضرورة بذل مزيد من الجهد لمعالجة جذور التطرف، مؤكدا أنه ليس هناك أي مبرر، على الإطلاق، يسوغ القيام بعمليات إرهابية مهما ادعى مرتكبوها أنهم تعرضوا لمظالم أو أنهم يتبنون قضايا سياسية أواجتماعية.
هو تقييم واقتراح لا يمكن إلا دعمه، لأن من شأن ذلك تعزيز جبهة مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي وملاحقة عناصره فرادى وجماعات، خلايا وتنظيمات…
وبموازاة الدورة، كان لكلمة غوتيريس صدى بمنتدى وزاري يترأسه المغرب وهولندا، شكل فرصة للرباط كي تؤكد على مواقفها وتتناول فيه في لقاءات ثنائية الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرف التي وضعتها بلادنا قبل سنتين، وأن تلقى هذه الاستراتيجية مرة أخرى ترحيبا دوليا وتراكم المزيد من إشادات عواصم العالم ومنظماته الدولية والإقليمية لتصبح مرجعا تحرص العديد من البلدان الاستفادة من منطلقاتها وأسسها ووسائلها….
كلمة المغرب التي ألقاها وزير خارجيته اعتبرت أولا، «أن كل خلية يتم تفكيكها وكل هجوم إرهابي فاشل، لدليل آخر على أن التعاون بين الحكومات وعلى المستوى الدولي، ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة ملحة لهدفنا المشترك المتمثل في دحر الإرهاب والتطرف».
وثانيا ضرورة إشراك جميع الأطراف المعنية، سواء تعلق الأمر بالمصالح الحكومية أو المنظمات غير الحكومية أو المجتمع المدني أو القطاع الخاص ومقدمي خدمات الإنترنت، في مكافحة الإرهاب. وثالثا، توسيع النطاق الجغرافي لمجموعتي العمل الإقليميتين التابعتين للمنتدى، واللتين ستعملان من الآن فصاعدا على تطوير القدرات في مناطق شرق وغرب القارة الإفريقية». قرار فرضه « تنامي التهديد الإرهابي في إفريقيا ومحاولات الجماعات الإرهابية إقامة صلات بينها عبر هذه المناطق…
وهنا نعتبر أن من بين أوجه نجاعة الاستراتيجية المغربية هي العمليات الاستباقية لملاحقة الخلايا التي تم اعتقال أفرادها قبل تنفيذ عملياتهم الإرهابية، ومستوى التعاون الذي يقوم به المغرب مع عواصم عدة ، خاصة الأوربية والإفريقية منها، قصد تبادل المعلومات بشأن ملف الإرهاب.
هي إذن حرب عالمية تنخرط فيها الدول المؤمنة بالسلم وبحق الإنسان في الحياة، وسيكشف التاريخ عن الأنظمة التي تغذي الإرهاب وتحمي عناصره وتمول تنظيماته لزعزعة هذا السلم وقتل الأبرياء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *