حقائق قمة أبيدجان ومابعدها

تعمقت حالة التذمر بمخيمات الحمادة بتندوف .واتسعت دائرة التوتر بين ساكنتها أو لنقل ماتبقى من الساكنة التي تعيش ظروفا مزرية قاسية. لقد أدى تسارع الأحداث بعد عودة المغرب إلى مقعده بالاتحاد الافريقي في يناير الماضي إلى الكشف عن العديد من الحقائق لم تجد معها قيادة جبهة البوليساريو،سوى اعتماد سياسة التغليط والتضليل وتسويق المزيد من الوهم لدى ساكنة هذه المخيمات.والفصل الجديد من هذه السياسة، هو الذي أعقب القمة، التي انعقدت بين الاتحادين الإفريقي والأوروبي بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان نهاية نونبر الماضي.
لقد حملت قيادة البوليساريو معها من أبيدجان خيبة كبرى، لأنها كانت تعتقد بأن أضواء سياسية وإعلامية ستسلط عليها، بمناسبة القمة من طرف ما تبقى من حلفائها بالقارة السمراء، ومن طرف الجسم الصحفي الحاضر هناك سواء، الذي دأب على الدعاية لها أو الذي يتمتع بمهنية ومصداقية . لكن المغرب الحاضر بقوة في شخص جلالة الملك كان هو الحدث، وكانت نتائج الدبلوماسية المغربية، هي التي استقطبت الأضواء حتى في التفاصيل الصغيرة .واتضح وبكل جلاء، أن الاتحاد الافريقي، يدشن مرحلة جديدة بعد عودة الرباط إلى عضويته. مرحلة بناء افريقيا، وتنمية مجتمعاتها، والسعي إلى فتح آفاق جديدة لشبابها ونسائها ومقاولاتها كي تنخرط بدينامية أكثر في هذه المرحلة .
ولأن حالة التذمر والتوتر، أصبحت بنيوية، وستكون لها بالتأكيد تداعيات أكبر وأعمق ، فقد سارعت قيادة البوليساريو إلى تسويق خطاب تدعي فيه أنها حققت «انتصارا» بأبيدجان (هههه).وعملت على حشد الساكنة في تجمع خطابي، تبين من خلاله أن هناك حقيقة جديدة جلية تتمثل في أن ماتبقى من هذه الساكنة بمخيمات الحمادة قد لايتجاوز العشرين ألفا ، وأن هناك نزيفا بمتوالية هندسية، انطلق أساسا من عودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي وزيارات جلالة الملك لأغلب العواصم الافريقية.
ولأن قيادة البوليساريو، أصبحت تعرف أن واقع اليوم بوقائعه وتطوراته وآفاقه ليس هو واقع الأمس، فقد عمدت إلى التلويح من جديد بخيار الحرب، وعقدت بعد عودتها من أبيدجان، اجتماعات عسكرية، وأعلنت أنها تفقدت قواتها وترسانتها، والحقيقة أن تحركاتها هاته، مجرد بروباغاندا موجهة للمخيمات قصد تطويق حالات التذمر والتوتر.
أما الإعلام الجزائري، فاتضح أن هناك منابر أصبحت تتعامل مع تطورات ملف الصحراء بموضوعية ومهنية . أما تلك المنابر التي، واصلت استعارة لسانها لأطروحة المس بالوحدة الترابية للمغرب، فإنها لم تجد من سبيل لمواجهة إيقاع تسارع هذه التطورات، سوى التضليل وتزييف الحقائق والتهجم الشنيع على أي خطوة حتى ولو كانت ذات دلالة احترام وتقدير . وهنا نسوق مثلين: الأول، اللقاء الحدث الذي جمع جلالة الملك محمد السادس برئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما، حيث فسرته هذه المنابر على هواها وعلى مقاس عدائها لبلادنا ووحدتها الترابية . والثاني، هو مصافحة الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى لجلالة الملك، أثناء التقاط الصورة الجماعية للمشاركين للقمة، إذ عمدت نفس المنابر إلى شن حملة إعلامية ضد أويحيى، واتهمته بأنه «زاغ» عن الموقف الرسمي للجزائر.
لقد انطلق قطار المغرب الإفريقي على سكته الصحيحة. وهاهي دبلوماسية بلادنا بمختلف واجهاتها، تحقق نتائج إيجابية تعد مكاسب جد مهمة وحاسمة لقضيتنا الوطنية . وهاهو تسارع الأحداث، يعري حقائق عدة، ويكشف أن قيادة البوليساريو تتاجر بملف الصحراء كريع وامتياز .وأنها اليوم، في حيص بيص، لأنها تعرف أكثر من غيرها أن خطابها لم تعد له أي مصداقية، وأنها مجرد صنيعة للجزائر التي افتعلت هذا النزاع بنية الهيمنة الإقليمية . والتاريخ سيقول كلمته الحاسمة والتي لن تكون إلا مع الحق التاريخي للمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *