ديمقراطية التسيير وشفافية التدبير بحاجة إلى حماية

يؤكد النسيج الرياضي ببلادنا مرة أخرى أنه مصاب بأمراض مزمنة تزيد من استفحال أوضاعه في كل موسم . ونقصد هنا بطولة كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية في العالم. فالمستوى العام على رقعة المستطيل الأخضر والتأطير الإداري والتقني والبنيات وغيرها، كل ذلك يعاني من أعطاب تفضح في أحايين كثيرة أن هذا النسيج والمستديرة منه على الخصوص، يعيش تحت وطأة تلاعبات ومصالح شخصية وممارسات غير قانونية ولا أخلاقية، وأن العديد من مسيريه ينظرون إليه بعين الريع والمتاجرة في اللاعبين وأحيانا في المباريات…
هذا الموسم الذي أنهى جولات الذهاب في ظروف كاريكاتورية، نجحت الممارسات التي أشرنا إليها أعلاه في الدفع بفريق أبهج المغاربة بحصوله على لقب قاري ثمين وفي إحرازه على مرتبة أحسن فريق بالقارة السمراء، نجحت في الزج به في سقوط حر، بحصده لهزائم متتالية لم يعرف لها مثيلا في تاريخه العريق. ولم يشفع لمدربه وهو بالمناسبة أول إطار وطني يحقق هذا الانجاز ، في أن ينتشي أسابيع بنجاحاته ليجد نفسه في دوامة عصفت به سريعا قبل أن يرتد إليه طرفه.
وهذا فريق ثان يعيش مكتبه المسير تمزقا فظيعا شأنه شأن العديد من مكاتب البطولة الاحترافية بقسميها الأول والثاني وشأن بقية المستويات الأخرى .وأدت هذه الأوضاع إلى درجة أنه لم يجد قاعة تحتضن جمعه العام الذي تسبقه حروب طاحنة ومخاضات عسيرة واتهامات متبادلة، فضحت الطريقة التي يتم من خلالها تدبير الفرق الرياضية، وأبرزت غياب الديمقراطية الداخلية وبينت مدى الجشع الذي تحمله الصدور التي جعلت الأبصار ترى في الكرة مجرد بقرة حلوب…
ومن سمات الموسم، هذا الركام من الملفات الموضوعة على مكتب الجامعة الملكية لكرة القدم، والتي تهم نزاعات بين اللاعبين وفرقهم أو لنقل مكاتب هذه الفرق . اليوم هناك العشرات من اللاعبين لايتقاضون مستحقاتهم لأن طرق التدبير والوفاء بالالتزامات ليست سليمة..
ومن السمات كذلك، أوضاع الملاعب التي أغلق العديد منها في مرحلة الذهاب، وأصبحت الفرق كالرحل تبحث عن مكان لإجراء مقابلاتها .ووجد الجمهور نفسه، وهو بالمناسبة الشريك الأساسي والرئيسي في هذه الرياضة، تائها ويحمل وزر أوضاع لامسؤولية له فيها.
إن ما يعرفه هذا القطاع ، يأتي كما أشرنا إلى ذلك سابقا، لأنه ليس هناك سياسة عمومية تتفرع عن استراتيجية وطنية بعيدة المدى للنهوض به. ومن أبرز الأدلة على ذلك، أن الفريق الذي نشارك به في المنافسات القارية (أمم افريقيا) والعالمية (كأس العالم)، هو فريق لم تنتجه البطولة الوطنية في قسمها الاول بفرقها الستة عشر ولاعبيها الثلاثمئة أو أكثر ولا القسم الثاني. نحن لا ننقص من قيمة وطنية وكفاءة هؤلاء اللاعبين بفرق أجنبية والذين اختاروا بالرغم من إغراءات عدة، حمل قميص وطنهم المغرب. لكن يجب أن يكون هناك موطئ قدم للاعبي البطولة الوطنية في المنتخب، كما هو الشأن بالنسبة لجميع الفرق العالمية، إذ أن لاعبيها، إما ممارسون ببطولة بلدهم، أو سبق لهم أن لعبوا بها وتمرسوا في ملاعبها وأمام جماهيرها…
المغرب شعبه معطاء طموح، لكنه بحاجة إلى سياسات عمومية بل استراتيجية بعيدة المدى في هذا القطاع، وأن لاتترك مكاتب الفرق تفعل بفرقها ما تشاء وكأنها ضيعات شخصية. وعلى المسؤولين المعنيين ألا يقفوا موقف المتفرج تجاه ما يحدث هنا وهناك. فديمقراطية التسيير وشفافية التدبير عنصران يجب حمايتهما من كل تلاعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *