ذكرى 20  يونيو والتظاهر السلمي 

الاتحاد الاشتراكي

تستعيد الذاكرة المغربية اليوم 20 يونيو أحد أبرز محطات الحركات الاحتجاجية التي عرفتها بلادنا، والمتمثلة في الإضراب الوطني لسنة 1981، يوم تمت فيه مواجهة مطالب الشغيلة ومعها المواطنون بتدخلات قمعية، أدت إلى استشهاد العشرات بالرصاص، ودفنهم بمقابر جماعية في أحد المستودعات، واعتقال أطر نقابية وحزبية، جلها ينتمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،وطالت الاعتقالات التي كانت عشوائية مواطنين لاعلاقة لهم بالأحداث …ذكرى أليمة وشمت آثارها في تاريخ المغرب الحديث، وسعت هيئة الإنصاف والمصالحة إلى جبر أضرارها الفردية والجماعية، وتحري الحقيقة فيما وقع، والعثور على قبور الضحايا، وإعداد مقبرة لهم وفاء لروحهم وانتصارا لنضالهم.
20 يونيو هذه السنة، تصادف حركات احتجاجية بالحسيمة،مدينة وإقليما، بل في بعض المدن المغربية لها ملفات مطلبية، تتجلى –أساسا- في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهي حركات لها تداعياتها وأسئلتها ، وتعيد -من جديد- طرح موضوع التظاهر السلمي بالمغرب وحدوده ومقارباته،ومدى إعمال الفصل ال 29 من الدستور، الذي ينص على أن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي مضمونة،ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات.
لقد تنامت الظاهرة الاحتجاجية بالمغرب،إذ تجاوزت 25 ألف مظاهرة سنة 2014 و13 ألفا في سنة 2015 وتجمُّع أغلبها غير مصرح به . وهي كما اعتبرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان أثناء تقديمه لمذكرة في الموضوع «ظاهرة صحية، باعتبار هذه المظاهرات والتجمعات، التي يطالب خلالها المواطنون بحقوقهم، تمثل أحد التعبيرات المواطنة، وتعكس نضج المواطنين في التعبير عن مطالبهم بطرق سلمية». ويبدو أنه حان الوقت اليوم -أكثر من أي وقت مضى- لإعادة النظر في الظهير المنظم للتجمعات العمومية، الذي صدر قبل ستين سنة، ومن جهة ثانية أن يخرج إلى حيز الوجود القانون التنظيمي للإضراب، الذي نص عليه الدستور، شأنه شأن الدساتير السابقة، لكنه ظل مجرد وعد حكومي لم يتم إنجازه بعد.
وهناك اليوم، عدة توصيات، واقتراحات للمؤسسات الوطنية، أو من طرف الهيئات الحزبية والنقابية، من أجل اعتماد تشريعات جديدة، تحترم من جهة، حقوق الإنسان، وتوضح من جهة ثانية، الواجبات التي يجب التقيد بها. ومن هذه التوصيات، الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية، بتسهيل وحماية التجمعات السلمية . والأخذ بعين الاعتبار مرجعيات الهيئات الأممية، ومنها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات مجلس حقوق الإنسان وتوصيات المقرر الخاص المعني بحق الاجتماع السلمي وحرية الجمعيات ، واعتماد آليات الحوار والتفاوض والوساطة باعتبارها آليات حضارية مرتبطة بممارسة حقوق الإنسان، واحترام المسطرة القانونية لتفريق المتظاهرين، وعدم استعمال القوة والعنف، ومتابعة كل من ثبتت مسؤوليته في ذلك؛ وأن تتم كل عملية لاستعمال القوة تحت مراقبة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية … وأن يضمن القانون -وبشكل صريح- سلامة الصحفيين ومهنيي الإعلام، الذين يقومون بتغطية المظاهرات السلمية.
إن بناء دولة الحق والقانون، لايتم إلا عبر بوابة المقاربة الحقوقية في تدبير ظاهرة الاحتجاجات السلمية .لذلك يجب على التشريع أن يكون واضحا في هذا الإطار. لقد عانى المغرب من تداعيات هذه الاحتجاجات خاصة في سنوات 1965 و1981 و1984 و1992 وهاهي أحداث الحسيمة التي تتطلب الحكمة في معالجتها، والمسؤولية في تلبية مطالبها، تقتضي منا –جميعا- أن نكون في مستوى دروسها. ولعل أبرز درس، هو التعامل المسؤول والحضاري مع مطالب المواطنين والمواطنات، واستدراك الزمن التنموي الذي تم تبذيره لعدة عقود.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 20/06/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *