في توضيح المسؤولية السياسية..

لا يمكن أن نغفل أن الشجاعة السياسية، لا تكمن في قول »لا«، فقط حين يكون لموقف السلب معنى تقدمي، بل قد تعني ، في صميم الممارسة، تحمل المسؤولية بكامل الوضوح والشفافية، وليس باللف والدوران.
وفي تاريخ هذه الشجاعة المقرونة بالمسؤولية والوضوح، لا يزايد أحد على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية..سواء في التجارب الحالية أو السابقة أو ما يستقبل من الأيام.
فالاتحاد تعوَّد أن يتحمل، بوضوح تام، وعلى رؤوس الأشهاد، وبلغة صريحة، مسؤولية مواقفه، والاعلان عنها، وعدم الاختباء وراء الالتباس، والازدواجية، واللغة المقعرة، درءاً لكل تضليل قد يروح ضحيته الشعب المغربي، عموما والرأي العام السياسي خصوصا.
وقد تعلمنا من الشهيد عمر بنجلون أن التضليل هو أحد أساليب القمع والتدليس، لهذا لن نختبئ وراء الصمت، ولا وراء الالتباس، لتضليل لا شعبنا ولا حلفائنا حول حقيقة مواقفنا، بعد أن تكون حظيت بالنقاش والجدال وتبادل الآراء، بل حتى وهي محط تباين في التقديرات.
إن السياسة كأخلاق، هي أن تتحمل عواقب قرارك،قد يكون صائبا كما قد يحتمل الخطأ، ولو كان ذلك من خلال معاقبتك!
وللذين يسارعون في إصدار أحكامهم على حزب القوات الشعبية، نريد أن نذكرهم بثوابت المدرسة الاتحادية: هناك حساب يقدمه الحزب لمناضليه أولا، من خلال المؤتمرات والمحطات والهياكل المسؤولة، ثم حساب يقدمه للمواطنين، الذين يملكون وحدهم شرعية محاسبته، عقابا أو جزاء، من خلال صناديق الاقتراع في المحطات التي يعرفها الوطن، ثم هناك حساب يقدمه للعاطفين، والواثقين في قدرته على تحمل المسؤولية بالشفافية المطلوبة..
لن نقول جديدا إذا أضفنا أن التاريخ ، سيقول كلمته، كما قال الفقيد الكبير عبد الرحيم بوعبيد ، والذين بشرونا بنهاية التاريخ، أصبحوا يدركون أنه يقول كلمته في كل مرحلة من المراحل، حتى ولو كانت قناعاتهم تقول غير ذلك..ولن يعفينا مساندة أبناء شعبنا في ممارسة حقهم في التعبير عن مطالب أصبح الجميع يدرك أنها من صميم الشرعية والمشروعية، من أن نتحمل مسؤولية مشاركتنا في الحكومة،والالتزام بقرارتها المتخذة بتشاور وتنسيق وتضامن..لأننا لا نعتبر المشاركة في تسيير الشأن العام »مرضا خبيثا« يجب التستر عليه ، ولا عارا يحسن بنا التزام الصمت إزاءه، بل نعتبر أن المشاركة تقتضي الشجاعة في تحمل القرارات وعواقبها مهما كانت درجة شعبيتها.
ولقد تابع الرأي العام، أن بعض الهيئات السياسية التي دافعت عن مسيرات البلاد،من تقديرها الخاص لأوضاع البلاد لم تساير تعاطفها إلى نهايته ، وهي تتابع عدم الترخيص لها، وهو موقف لا تغفله المتابعة الجادة، كما أنه يكشف أن المسؤولية تقتضي مراعاة الامتحان الشعبي لها..
والاتحاد ، الذي يعرف بأنه تحت المجهر الشعبي، قبل المجهر الاتحادي الخاص به، يعرف أن الشجاعة الاخلاقية تقتضي أن يتحمل مسؤولية قراراته،حتى ولو كانت تحتمل الخطأ من داخل الأغلبية ، ومن داخل الفضاءات التي يشارك فيها، سواء كفاعل وحيد أو مع شركائه السياسيين!
إن المعارضة معارضة، والأغلبية أغلبية، ولن نفيد السياسة والبلاد والتربية على المواطنة إذا ما غاب عن ذهننا الفرق بينهما، وإذا لم نبتعد عن اللعب على الحبلين معا، وللذين يريدون أن يحاكموا الاتحاد المشارك في الحكومة اليوم بمنطق تاريخه المشرف في المعارضة، نذكرهم بأنه لم يكن مستساغا أيضا محاكمته على معارضته اليوم بتاريخه المشرف أيضا في تسيير الشأن العام!
إن أولى أولويات التفكير السياسي السليم هو التمييز بين الموقعين، وبين الرهانين، وبين المسؤوليتين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *