قارة تنظر للمستقبل وجزائر تجر للماضي

بدت أصوات الجزائر نشازا في اجتماعات هياكل الاتحاد الافريقي التي انعقدت منذ الجمعة الماضي في إطار القمة ال 29 التي من المرتقب أن تختتم يومه الثلاثاء أشغالها بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا. ففي الوقت الذي تسعى فيه القارة من خلال تجمعها الاقليمي للتوجه إلى المستقبل، نجد هذه الجزائر تردد أطروحاتها التي خدعت بها عواصم أوابتزت بها أنظمة خلال سنوات بعد استرجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية في منتصف سبعينيات القرن الماضي.
الاتحاد الافريقي اتخذ شعارا لِقمته « تسخير العائد الديموغرافي من خلال الاستثمار في الشباب» بحثا عن  دور هذه الفئة العمرية في التنمية الشاملة و المستدامة في القارة، أي أنه يعي بشكل عميق التحديات المستقبلية التي تنتظر قارة لها من الإمكانيات البشرية وخاصة شبابها ومن القدرات الطبيعية خاصة معادنها وثرواتها، ما يجعلها تحقق معدلات تنمية مهمة في العقد المقبل . ونحن نعرف بأن شبابها يشكل 70 بالمئة من عدد سكانها الذي سيصل إلى 2.5 مليار نسمة عام 2050 من عدد سكان العالم الإجمالي المقدر أن يصبح 9.7 مليار نسمة .وأن نصف بلدانها أي 28 دولة أفريقية سيتضاعف عدد سكانها مرتين خلال السنوات الـ25 المقبلة.
كانت وزيرة الشؤون الخارجية الغينية، رئيسة المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، واضحة في كلمتها وهي تشدد على أن شمل إفريقيا التأم مع تواجد المغرب في كنف أسرته المؤسسية. وأن «إن تطلعاتنا تتمثل في الوحدة الإفريقية ولا شيء غيرها ، إفريقيا غير مقسمة و”مزدهرة».
الجزائر ومعها بعض حلفائها، ظلت تردد خلال جلسات التحضير للقمة وأثناءها نفس الاسطوانة التي تستهدف الوحدة الترابية للمغرب، وأصرت على أن تحافظ بعض التقاريرعلى فقرات تمت صياغتها في غياب بلادنا، وقبل أن تستعيد الرباط مقعدها بالاتحاد .وهي فقرات تعبر عن أطروحة جارتنا الشرقية. لذلك ارتأت العديد من الدول ضرورة إعادة النظر فيها بإلغائها أوتعديلها . لكن المهم، ومن أبرز خلاصات المناقشات، أثناء الدورة  العادية ال34 للجنة الممثلين الدائمين أو الدورة  العادية ال31 للمجلس التنفيذي على مستوى وزراء الشؤون الخارجية للدول الأعضاء  أو في جلسات اليوم الأول من القمة، هو تجاوز الحديث عما يسمى ب»تقرير المصير» بالصحراء .وهي نتيجة رئيسية لما عرفه الاتحاد الافريقي منذ أن قدم المغرب طلب عودته قبل سنتين وحضور جلالة الملك إلى أشغال الدورة السابقة وخطابه التاريخي الذي رسم فيه أولويات القارة .
لقد عبرت الدبلوماسية المغربية، وهي تحضر بأديس ابابا عن أن انعقاد الدورة «يأتي في لحظة مهمة، لأن هناك قضايا قيمة تتعلق بمستقبل المنظمة مطروحة للنقاش، وخصوصا قضايا إصلاح هياكل الاتحاد الافريقي وتمويل أنشطة الاتحاد»، وأن مقاربة المغرب «طموحة» من أجل جعل عمل هذه المنظمة القارية «منسجم مع التطورات الحاصلة في إفريقيا نفسها والطموحات المعبر عنها من قبل رؤساء الدول والشعوب بالنسبة لمستقبل إفريقيا». وهي مقاربة تنسجم مع التوجه الجديد للاتحاد، وتضع أطروحة الجزائر متجاوزة، خاصة وأن بلادنا قدمت مقترحا لحل مشكل الصحراء، يتمثل في الحكم الذاتي الذي تسانده الأمم المتحدة والعواصم الرئيسية بالعالم، وتعتبره مقترحا جديا وذا مصداقية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *