من أجل رؤية جديدة للقطاع الفلاحي

الاتحاد الاشتراكي

شكل القطاع الفلاحي ببلادنا أحد أبرز مجالات الأنشطة الاقتصاد الوطني في نموه أو ركوده، في تراجعه أو ديناميته. وخلال العقدين الأخيرين أصبح هذا القطاع محور الاستراتيجيات والسياسات العمومية التي تسعى إلى تطويره والنهوض بمجالاته المتنوعة بشريا وعقاريا وتقنيا…
بلغة الأرقام يوفر القطاع الفلاحي أكثر من أربعة ملايين منصب شغل ، ويساهم بما يفوق 110 مليار درهم في الاقتصاد الوطني . ودون شك ستكون أوضاع القطاع وأرقامه حاضرة بالملتقى الدولي للفلاحة الذي تحتضنه هذا الأسبوع مدينة مكناس . وستكون لمناظرات هذا الحدث السنوي في دورته ال13 وفعالياته ومعروضاته ولقاءاته مناسبة نقاشات وتبادل خبرات بين المعنيين والبحث عن أجوبة لأسئلتهم وهواجسهم وحاجياتهم المعرفية والتكنولوجية .
لكن بالرغم من أن هناك جهودا ملموسة يعرفها القطاع الفلاحي خاصة في تنويعه وعصرنته ، فإنه لايزال يعاني من عدة صعوبات تتمثل أساسا في مجموعة من المشاكل الطبيعية المزمنة (الجفاف، ندرة المياه، التعرية، …) والمشاكل التقنية (هيمنة الممارسات التقليدية، ضعف استعمال التقنيات الحديثة، …) والمشاكل التنظيمية (تكوين الموارد البشرية، عقلنة تعبئة الموارد المالية، …).
هذه الصورة العامة يمكن النظر إليها كما أشرنا في مناسبة سابقة من زاويتين : تعبر الأولى عن أن إمكانات القطاع غير مثمنة، وتوضح ذلك الأرقام المتمثلة في ضعف ‬نسبة ‬اندماج ‬القطاع ‬الفلاحي . فالصناعات ‬ ‬الفلاحية ‬لا ‬تمثل ‬سوى ‬5 ‬ ‬% ‬من الناتج ‬الداخلي ‬الخام ‬مقابل  ‬15‬ ‬%‬ في ‬البلدان‬ المتقدمة،‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ وفي ندرة  ‬الماء ونحمد الله أن هذه السنة عرفت تساقطات مطرية مهمة أدت إلى ارتفاع مخزون السدود والفرش المائية…
أما الزاوية الثانية، فهي وجود ثغرات في الوظيفة والاستراتيجية،إذ هناك ضعف النمو‬ الفلاحي وعدم استقراره، ففوارق ‬الإنتاج ‬بالمقارنة ‬مع ‬المعدل ‬أصبحت ‬أقوى ‬8‬ مرات ‬بالمقارنة ‬مع ‬عدم ‬استقراره ‬الملاحظ‬ في ‬المعدل ‬بالنسبة ‬لمنطقة ‬المغرب ‬العربي ‬وشمال ‬إفريقيا،‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬وهناك ضعف الإنتاجية،‬ حيث‬ إن‬ معدلها ‬ ‬في ‬الهكتار الواحد، ‬وحسب‬ النشاط‬، من‬ بين ‬أضعف‬ المعدلات ‬في ‬المنطقة ‬المتوسطية، ‬وزيادة ‬الإنتاج‬ كانت ‬بسبب ‬التوسع ‬في ‬أراض‬ هامشية ‬أكثر ‬منه ‬بفعل ‬تكثيف ‬الإنتاج،‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ بالإضافة إلى عدم القدرة على رفع التحديات الكبرى التي ‬تواجه ‬الفلاحة: قلق ‬متزايد ‬في ‬ما ‬يخص‬ الأمن‬الغذائي،‬‬‬‬‬‬ تحديات‬ الانفتاح ‬الدولي ‬والمناخ‬ العالمي ‬غير ‬المستقر،‬ وهو‬ ما ‬يشكل ‬تهديدات‬ ولكنه ‬في ‬نفس‬ الوقت‬ يمثل ‬فرصا. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
إن الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس ومناظراته فرصة للمساهمة في صياغة سياسة جديدة لتطوير القطاع تخطيطيا وإمكانات ونموا وتشغيلا وتعميقا للوعي لدى الفلاحين بالعديد من القضايا ومن بينها متطلبات التنمية المستدامة والحفاظ على الثروات الطبيعية والانحياز إلى الإنتاج الأخضر الذي لا يلوث ولا يستنزف هذه الثروات ..فالمغرب بحاجة إلى رؤية جديدة تروم تأهيل مختلف القطاعات الفلاحية من خلال اعتماد مقاربة مندمجة (تطوير الكفاءات، تعزيز البنيات التحتية، مسايرة المستجدات الراهنة، …).

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 25/04/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *