الانتحار السلوكي تذكروا لن ينسى الله لكم ما فعلتم!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

يمكن أن نرى في خروج العديد من أبناء المغرب، لا سيما في مناطق عريقة مثل تطوان وفاس، ما يشبه الانتحار السلوكي، الذي يصادف هوى ما في النفوس.
البعض من مواطنينا قادتهم حماستهم الدينية، والروحانية الصوفية التي تسري فينا كمغاربة سريان الدم، إلى التضرع الصاخب إلى رب كريم، بطريقة غير كريمة ..
قد تكون لنا في عديد من تقاليدنا هذه الهبة الجماعية إلى الله، لكن لم ندخل إليها أبدا في جنح الظلام ولا تعبد أحد فينا نصف الليل أو زد عليه قليلا أو انقص منه، وهو في الطرقات يصرخ.
اعتدنا أن نتعبد الله، ومن المغاربة عشرات الآلاف مئات آلاف يفعلون ذلك، في صمت من ينتظرقضاء الله، لا بصخب التيوفزي..*
إننا نخرج للاستسقاء، ونخرج في مواسم وطقوس،جماعات ، والكل يعرف طريق القلب في ما جرى للناس وما يطلبونه من رب سميع عليم.
الذين صرخوا فوق السطوح لم يعبدوا الله ، ولم يعرفوا من صفاته السمع والعلم .
إنه سميع عليم، وليس أطرش أو غائبا عنا..
غير أن البعض، ممن اعتبروا أن الخروج، هو أكبر من مغادرة البيت، بل بالأحرى خروج على الدولة أو الحاكم أو الجماعة، فهؤلاء سيكون انتحارهم السلوكي الذي يقترحونه على الناس،
الذين خرجوا، وهم يتوقعون بالفعل أن يجروا الجماهير إلى غليان ضد قرارات العزل الصحي والاحتراز من أجل الحياة، في غالبهم يمثل ذلك انتحارا «لينا»، أو أضعف الانتحارات.
فهم خططوا مرارا، ونجحوا ذات صيف، في تزنر أجساد أتباعهم بالأحزمة الناسفة، وفجروه في الفنادق والمقابر والبيع والمطاعم والسبيرات، وهم ربما كانوا يأملون أن يعيدوا الخروج، هذه المرة من أجل جر أكبر عدد من الناس إلى عملية انتحار سلوكي بطيء.
إنهم انتحاريون في تفكيرهم وفي خططهم، لهذا لا نستغرب أن يدفعوا الناس دفعا إلى انتحاريين صحيين، وهم يسعون في ذلك إلى اقتراف نفس الشعارات: الامتثال لله، التعبد له بالموت وتنفيذ أحكامه ضد الطاغوت…،هم قد يعتبرون في التجييش الجماعي أحدث أساليب الانتحار بمساعدة الأطباء من بعد!
لا يمكن أن يخفى على أحد تزامن الخروج من اعتقال من أعلنوا البلاد دار حرب.
لا يمكن أن نغفل التزامن بين الصراخ الأعلى في الطرقات والزوايا، وبين الصمت الرهيب للدعاة المناضلين في الهيئات السياسية الدينية،
أولائك الذين يسميهم أحد أهم الخبراء في هذا المجال النمساوي ارنست فير ب”المساهمين المشروطين” …

حتى نرى ونقرر، شعارا لهم..
ولا يمكن أن نغفل الفرق الكبير بين دولة تعيش إسلامها بطمأنينة واستمرارية، وبين من يريد في كل منعطف أن يصبغ التدين المغربي بألوان شرق ينكر نفسه في أوقات الناس العصيبة هاته…
.
الذين يعتقدون بأنه، قاموا بعمل شجاع، وهم في دائرة الانتحار السلوكي، لا يعرفون أن الشجاعة، في هذه اللحظات هي الصبر، والعمل الإيجابي ومساعدة المغاربة على الطريق القويم..
إن ما نملكه حاليا هو المغرب، المقاوم، والذين يريدون التشويش عليه، عليهم أن يعرفوا أن الله لن ينسى لهم ذلك.
ونحن لن ننسى لهم ذلك، عندما كنا نواجه الآفة، محتسبين للهة* خرجوا يتصرفون وكأن خالقهم لا يسمع ولا ينصت..
وأن بلادهم تريد اجتثاث الإسلام من فوق ترابها.. تصرفوا تصرف الغرباء.
لقد تعاهدنا ونحن نحترم تعهدنا مع الوطن
وقبله مع الله سبحانه وتعالى، حول هذه المسؤولة الكبيرة الملقاة على عاتق من يتدبر أمر المؤمنين في هذا البلد الآن نحو النجاة إن شاء الله..
تذكروا إذن لن ينسى الله لكم ما فعلتم
إنه يمهل ولا يهمل..
افزعوا إلى الله دون أن تفزعوا الناس..
من البدهي اليوم، أن هناك قانونا مقابل خروج عن الضوابط، لأن الأمر يتعلق بالحياة، والدولة إذا لم تسعف مواطنيها المغرربهم، فستحاسب على أنها لم تقدم مساعدة لشخص في خطر..
ولن نجر إلى تدين مقابل تدين، وطاغوت مقابل حاكمية ، ومساجد مقابل ثكنات، أبدا
فهذه ثنائيات مغلقة ،
لنا في بلادنا إمارة المومنين والقوات المسلحة ورئاسة الدولة كيان تاريخي موحد،يواجه لحظة تاريخية وبائية بما يلزم من الحزم. والصبر والإيمان بقضاء الله وقدره….

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 25/03/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *