الثلاثية الجديدة في أخبار التراب الوطني ومديريته : تصفية الاستعمار الحق يعود إلى مجراه 2/3

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

 

لما أشار البرلمان السويدي لأسبقية المغرب في طرح قضية الصحراء على لجنة تصفية الاستعمار الأممية، كان في الواقع يشير الى نقطة محورية في تاريخ القضية، ومنها الإحالة على ظروف نشأة قضية الصحراء نفسها في الأوساط الأممية المرجعية وهو في الوقت نفسه تمهيد الى مقاربة أهمية ما حدث في هذه اللجنة في الأيام القليلة الماضية.
فقد شهدت الندوة الإقليمية للجنة 24 التابعة للجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي انعقدت في غرينادا من 9 إلى 11 ماي 2018، مشاركة منتخبين اثنين من الصحراء المغربية لأول مرة في تاريخ اللجنة، وهما امحمد عبا، نائب رئيس جهة العيون­الساقية الحمراء، وغالا باهية، نائبة رئيس جهة الداخلة وادي الذهب.
فهي أول مرة في تاريخ اللجنة التي ظلت بمثابة المياه الرملية للانفصال وأنصاره، بالرغم من الأسبقية التاريخية لبلادنا في مجال اللجوء الى هذه اللجنة.
ويبرز من الاهتمام المغربي الديبلوماسي أن النقطة لم تكن بسيطة، حيث صنفها البلاغ الصادر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي في باب تحول تاريخي وغير مسبوق داخل الأمم المتحدة، يذهب أبعد من الطابع المادي للحضور الى تأكيد الشرعية الديمقراطية لمنتخبي الصحراء المغربية لتمثيل ساكنة المنطقة.
السياق الذي تم فيه هذا الحضور، نجد تفسيره في القرار الذي أصدره مجلس الأمن، والذي حرك بركا كثيرة وليس فقط بركة لجنة تصفية الاستعمار، ومن ذلك التحول السويدي، وخروج العديد من برلمانات العالم أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص بإعلان الدعم الكامل للقرار ومتضمناته المتعلقة بالحل السياسي المتوافق عليه.
كما أنه يعطي التفسير العملي لمقولة التمثيلية والحضور الترابي التي يدعيها الانفصاليون.
الحضور المغربي، من خلال التمثيلية الانتخابية، يسقط الكثير من التوهيم الممارس حول امتلاك الأرض والشعب لدى جهات الانفصال.
كيف، إذن تلقت الأطراف المناوئة للحق المغربي، هذا الحضور؟
التوضيب الانفصالي للهزيمة دفعها الى القول بأن حضور المنتخبين هذين الشخصين حاضران بصفتهما مدعوين بصفة شخصية.
وهو مجهود مشكوران عليه، لأنه لم يضف أي شيء يذكر الى ما قاله المغرب وبلاغاته الرسمية.
1­ – إذ جاء في البلاغ المغربي قد تم اتخاذ قرار المشاركة بالتوافق، وجاء هذا القرار على إثر رسالتي دعوة وجههما رئيس لجنة 24، السفير والتون ويبسون، الممثل الدائم لأنتيغوا وباربودا لدى الأمم المتحدة بنيويورك، باسم جميع أعضاء اللجنة، إلى منتخبي الصحراء المغربية.
2­ – كيف لنا أن نتصور لجنة أممية يمكنها أن تستقبل، كما يريد هذا المنطق، أي شخص يريد له الرئيس الحضور، في قضية بين يدي الامم المتحدة ومجلس الأمن كما لو أن القضية مجرد استئناس أممي.
3­ – من الأشياء التي تبعث على السخرية أن عدم حضورنا، مجرد عدم الحضور كان يعتبر نصرا كبيرا للانفصال والجزائر منذ سنة فقط.
ففي 2017 وبمناسبة انعقاد الاجتماع، اعتبرت الجبهة والجزائر أن هناك انتكاسة جديدة للدبلوماسية المغربية وعممتا معا مكاتيب تقولان فيها أصيبت الدبلوماسية المغربية بانتكاسة جديدة خلال نقاشات أعضاء اللجنة الأممية الخاصة بتصفية الاستعمار، بعد أن فشل ممثلها في تمرير مغالطة تقديم رئيس الداخلة ونائب رئيس منطقة العيون قصد الاستماع إليهما، ورفضت اللجنة حتى مشاركتهما في الجلسة بعد رفض 8 أعضاء مشاركتهما وموافقة 7 أعضاء، بينما امتنع خمسة أعضاء عن التصويت.
4­ – يبين التصويت أن الامر يتعلق بتجنيد ضد حق تاريخي قبل جدوى ظرفية تتماشى مع قرار مجلس الأمن، ويستفاد من الدبلوماسية المغربية أن الأطراف الأخرى حاولت بلا جدوى، طيلة سنوات، من خلال حلفائها داخل اللجنة، معاكسة مشاركة منتخبي الصحراء المغربية.
من المنصف أن تعود الأمور الى مجاريها نهائيا.
ومن باب التذكير نشير الى أن للحق المغربي تاريخا في اللجنة إذ طرحت بلادنا القضية بمجرد قبولها عضوا في الأمم المتحدة سنة 1956، وكل سنة كان يطرحها أمام لجنة الوصاية وحين إنشاء لجنة تصفية الاستعمار بعد التصريح العالمي المؤرخ في 14/12/1960، بشأن ميثاق تصفية الاستعمار، طرح المغرب القضية من جديد، فصدر قرار بتاريخ 16 أكتوبر 1964 يندد بإسبانيا لعدم امتثالها لقرار تصفية الاستعمار، ويطالبها بالعمل فورا على تصفية الاستعمار بسيدي إفني والصحراء، وأصدرت الجمعية العامة قرارا في 6/12/1965، مؤكدة فيه مطالبة إسبانيا بالدخول في مفاوضات بشأن القضايا التي تطرحها مسائل السيادة في دورة سنة 1966.
وإذ نكتفي بهذه الفترة التأسيسية لحق المغرب في تصفية استعمار بلاده، نذكر كذلك بأنه قد جرت مياه ودماء كثيرة منذ ذلك التاريخ، بين المغرب ودولة الجزائر تفسر كثيرا من التحولات، لكن أصبح واضحا أن للمغرب تاريخا في شرعية اللجنة لا يمكن أن نغفله في معركة الحق.

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 15/05/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *