الثلاثية الجديدة في أخبار التراب الوطني ومديريته : الديستي، عندما يجعل الأمن صوت المغرب مسموعا في دفاعه عن ترابه الوطني 3/3

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

إن إحدى البصمات الرئيسية، التي تجعل عمل المديرية المكلفة بحماية التراب الوطني، على صلة بالموضوعين الآخرين (اعترافات برلمان السويد ولجنة تصفية الاستعمار الأممية) هي ترابط الأمن والقضية الوطنية كما تبينت من خلال أحداث اكديم ايزيك وسقوط شهداء أمنيين دفاعا عن التراب الوطني، وهي سابقة ولا شك في تاريخ المغرب الحديث، ولا سيما الأمن السياسي إذا شئنا التعبير..لا يغفلها، كما تحفظها الذاكرة الشعبية للمغاربة، باعتبار أنها الحاضنة الأمينة لأبناء الشعب في الصف الأمني..
وقد صار عمل هذا المرفق، يركز، كما جاء في تقديم الزيارة الملكية في:
– استباق وإفشال ما يحاك ضد المملكة من مؤامرات إرهابية وإجرامية مقيتة.. وهو عمل أصبح يدخل ضمن الأوراق الرابحة لبلادنا في تقوية دورها الإقليمي وأيضا في إسماع صوتها دوليا ولدى الشركاء (تحولات كبيرة وقعت في الأبيض المتوسط والقارة الإفريقية بسبب الدور الأمني للمغرب).
وهذا يعطينا صورة جديدة لأوراق المغرب الرابحة، إذ يعرف الديموقراطيون ويدافع الوطنيون باستمرار أن المضي على الدرب الديموقراطي يجعل صوتنا مسموعا، ويتابعون معا، اليوم، كيف أن النجاعة الأمنية تجعله أيضا مسموعا، أي أن الديموقراطية والمجهود الأمني يتظافران في جعل المغرب يقوي صوته داخل المحافل الدولية والقارية للدفاع عن وحدته الترابية..
تحول جوهري يقع اليوم إذ يغيب التناقض كليا بين البعد الأمني والبعد الديموقراطي….
لقد سبق أن أثرنا هذا الامر منذ 2011، في عز التحول الحاصل دستوريا وسياسي وجماهيريا، وبعد أقل من ستة أشهر على خطاب مارس التاريخي عندما كتبنا 3 (غشت 2011) عن توشيح مسؤول الديستي، والتحول الحاصل ! وقد يكون من المفيد العودة إلى أهم تلك الفقرات، للتذكير بأنه »في بلاد كالمغرب، حيث مخاطر الاختراق الخارجي واردة بشكل كبير، سواء بهدف الإرهاب أوبهدف الانفصال، يكون على الدولة أن تقوي أجهزتها، في الدفاع عن ذاتها، وأن تعمل على «الحفاظ على سلامة ترابها». ومن هنا فإن الأجهزة المتعلقة بالاستخبارات وبالتجسس المضاد تكون لها أدوار كبرى، وأدوار قوية في الدفاع عن سلامة الكيان وسلامة التراب. في الحرب التي تقع أمام أنظارنا، دبلوماسيا أو عسكريا، لا نحتاج الى الكثير لكي نفهم ما يقع، لكن في الحروب السرية، تلك الحروب التي تقع بين الأجهزة فهي تظل في أضمومة السر وفي سجلات الغيب إلى حين مرور ردح من الزمن. في المغرب، هناك تاريخ صعب وقاس وشرس بين السياسيين – المعارضين أساسا- وبين الأجهزة، عندما كانت توجه ضدهم، وكانت تعتبرهم»«خارجا» لا بد من مقاومته. ولعل المياه التي جرت بها المصالحة تحت الجسور الرابطة بين المغاربة، منذ انطلاق العهد الجديد والوعي المشترك بما يجمع الجميع فوق تراب البلاد، قد حملت الجواب الذي كان لا بد منه. الجواب في وضع سياق المغرب الجديد، في الحاجة للدفاع عن المغرب من مخاطر الهدم الداخلي والتدمير الخارجي.
من هنا نفهم الإشارة الكبيرة لتوشيح الرأس الأولى للديستي المغربي من طرف ملك البلاد. إشارة إلى أن شيئا ما تحول وصار يدعو إلى الاعتزاز بما تفعله الأجهزة المغربية. أجهزة الديستي، وأجهزة أخرى تعمل في ترتيب التاريخ السري للمغرب، من أجل أن يكون التاريخ العلني سليما ومعافى.(…) لقد وُشح السيد عبد اللطيف الحموشي ومسؤولون آخرون لأنهم نجحوا في تفكيك أسلوب عمل الذين قاموا بتفجيرات “أركانة”، لقد وشحوا أيضا لأنهم استطاعوا في ظرف وجيز إعادة الاعتبار للمغرب ولدولته التي تحدتها مجموعة من إرهابيي البلاد. واستطاعوا أيضا أن يعيدوا الطمأنينة للمغاربة. لهذا يكون التوشيح اعتزازا عاما. لقد تعرضت المخابرات المغربية طوال تاريخها لمساءلة مستمرة، كما أنها وُضعت، في فترات طويلة، في قفص الاتهام، عندما كان عملها، بسبب قرار سياسي، يتوجه ضد أبناء بلدها المعارضين، ومع انتهاء المبدأ الرئيسي الذي كان وراء هذا الاختيار ورجالاته وتراثهم الاستعماري والاستبدادي، أصبح من المهم للبلاد وللمؤسسات أن يعاد النظر في المعادلة وفي العلاقة.
وهي علاقة لا يمكن أن تظل جامدة مع التغيرات التي تعرفها البلاد وتعرفها قوانينها، وتعرفها طبيعة الدولة المغربية نفسها. لقد استحق ضباط الأجهزة الاعتراف والتوشيح، كما استحقوا في السابق المساءلة، وتجاوزوها، ومازال بناء المغرب الجديد بعواطفه الجديدة وبتواشجاته الجديدة يستحق منا أن نبذل المجهود من أجل خلق أجواء وتوقعات جديدة لمعاركنا، العلنية منها والسرية»…
إن استمرار هذه الروح وتساميها، من خلال الاشارات الملكية المتتالية، ومن خلال شرعية المنجز الزمني، لصالح بلادنا ولصالح الآخرين، دليل على أن شيءا عميقا للغاية يحدث..من أجل الوطن طبعا.
إنها الخلاصة لصالح وطن ترابه دهب..!
(انتهى)

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 17/05/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *