الخليج: العاطفة، الجغرافيا..ووحدة المغرب!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

في المغرب، نعيش بغير قليل من الألم الصامت والتدبر المتسائل،الصامت المفارقة بين السياسة والجغرافيا: لماذا تمنعنا السياسة، في قضايا الوحدة الوطنية مما منحتنا الجغرافيا، ولماذا تسعفنا السياسة بالتاريخ واللغة والتماثل النظامي، ولا تسعفنا الجغرافيا في البعد؟
وبالأوضح الغامر: يبدو الخليج دوما، قريبا منا، بمعنى السياسة والتعاون المنتج وفي التقدير السياسة للجغرافيات الدولية، في حين أن القرب الجغرافي، بل الجوار الجغرافي مع الشقيقة الجزائر ينأى بعيدا عنا، بفعل معطيات السياسة….
فالخليج ،بعيدا عن قرب
والجزائر قريبة عن بعد…
ونشعر، دوما بأن ما تمنحنا إياه الجغرافيا من قرب، تصنع السياسة منه ، سببا قاتلا للابتعاد الجغرافي…
وما تصنع منه السياسة، شرقا، بعدا جغرافيا، تصنع السياسة منه قربا..
مع الجارة الجزائر، الأخت الكبرى للجغرافيا
نقص فظيع في العاطفة
وفي العاطفة القوية بين الخليج والمغرب
نقص في الجغرافيا..
لهذا نشعر بألم كبير عندما يسعى بعض اخوتنا في الخليج أن يمتحنوا عاطفتنا المشتركة من خلال الوحدة الترابية للمغرب: فهم كانوا دوما من الأوائل الدائمين في فهم مشاعرنا وإعطائها أكبر ما لديها..
ولهذا أيضا لم يستسغ المغاربة أن يتم التلويح بنصرة الانفصال، في حضرة المشترك السياسي، أو نمتحن في ما اشتركنا على تمجيده: الوحدة والنظام الجامع والدفاع المشترك..
ولم يستسغ… المغاربة أيضا أن يختبروا في أقدس ما لديهم سياسيا وترابيا: وحدة بلادهم..
لم تكن بيننا فقط قواميس العاطفة، بل كانت لنا مناسبات لتوحيد التحليل**** بين بلداننا:
آخر محطة ذات بعد تاريخي هو الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس في الرياض في أبريل 2016، فيه كان هناك شيء ما من الانذار، مما قد ينتظر المغرب والخليج،…
* نبه الخطاب، من قلب عاصمة العربية السعودية إلى ما يتم التخطيط له ، وقال ملك المغرب بلا مواربة أو تلميح: «هناك تحالفات جديدة، قد تؤدي إلى التفرقة، وإلى إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة. وهي في الحقيقة، محاولات لإشعال الفتنة، وخلق فوضى جديدة، لن تستثني أي بلد. وستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة، بل وعلى الوضع العالمي»…
وعشنا تفاصيل ذلك، منذئذ، وما زلنا سنعيشه بتفاصيل ربما أكثر دموية لا سمح لله..
* ونبه الخطاب إلى أن التعاون لا يخضع لمنطقة المحاسبة، كما قد يتبادر إلى ذهن جزء من صناع القرار في هذا البلد أو ذاك، بل اللقاء والتضامن والشعور المشترك، ينبنى على وحدة التحليل والهدف والأسلوب ، وقد قال ملك المغرب»لسنا هنا لنحاسب بعضنا على اختياراتنا السياسية والاقتصادية»…
وهو ما لم يقم به المغرب، بالرغم من تصاعد المساءلة والحيرة في أوساط رأيه العام.. إلى حين تم المس بالقضية الوطنية للمغاربة!
في هذه الحالة، نعرف أن المغاربة لا يسامحون أحدا في هذا ،ولا يسامحون حتى بعضهم البعض في من يشكك في وطنية وحدتهم..
لهذا كان من الصعب أن يقبل المغاربة إدراج قضية الوحدة الوطنية في متغيرات الحساب الجيو استراتيجي أو في تقديرات الوضع والخيارات السياسة المحدودة زمنيا ومكانيا…
مجريات الحالة الراهنة، ما زالت في دائرة المتحكم فيه، مما لا شك فيه، ومازال للعلاقات التاريخية ما تستطيع أن تنقذه من مستقبل مشترك، أمام تحولات عاصفة، ربما مازلنا في بدايتها إلى حد الساعة..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 12/02/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *