ثورة الملكية والمواطنة..

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

خطاب 20 غشت، وظلال خطاب العرش…

من المنطقي أن يحدد خطاب العرش معنى خطاب ثورة الملك والشعب، فهو، زمنيا، أول خطاب يوجهه ملك البلاد إلى الأمة، بعد إعلانه لمرحلة جديدة في الحياة الوطنية، وهو بذلك محكوم بمنطق التأسيس لهذه المرحلة.
ومن المنطقي أن نرتب على هذا المستوى درجة التلقي وطبيعته، بناء على محتويات خطاب العرش. وبالتالي فإن ما سيأتي هو بالضبط ما فتح أفقه الخطاب السالف الذكر.
وأفق الانتظار هنا يتجاوز الوضع الحكومي والإداري الذي دعا إليه ملك البلاد، إلى ما يتعلق بالأفق العام للبلاد.
ربما نفهم أن خطاب العرش تحدث عم يجب أن يكون، وأن خطاب الثورة، سيتحدد من خلال الحديث عن كيفية حدوث ما يجب..
– وبذلك نكون أمام المعنى الذي سيعطيه خطاب ذكرى 20 غشت لخطاب الذكرى الـ 20 لعيد العرش…
في ذكرى 20 غشت الماضية، أي في سنة 2018، تحدث الملك عن روح خطاب العرش الذي سبقه، والتي ظلت حاضرة في سياق خطاب 20 غشت، وقال حرفيا »ما يدفعنا، في سياق نفس الروح والتوجه، الذي حددناه في خطاب العرش، إلى إثارة الانتباه مجددا، وبكل استعجال، إلى إشكالية تشغيل الشباب، لاسيما في علاقتها بمنظومة التربية والتكوين».
ونفترض أن يحضر خطاب العرش مرة أخرى في مضمون خطاب 20 غشت هذه السنة.
وهو بذلك يحيلنا على مضامين الخطاب السالف الذكر، ونطرح السؤال الذي لا شك أنه يحضر مع الخطاب الملكي: ما الذي تحقق في هذه السنة مما طلبه الملك من إجراءات في السنة الماضية؟ أشياء تم إنجازها، طبعا وأخرى لم تتم بعد، وأساسا:
1 – «تنظيم لقاء وطني للتشغيل والتكوين، وذلك قبل نهاية السنة، لبلورة قرارات عملية، وحلول جديدة، وإطلاق مبادرات، ووضع خارطة طريق مضبوطة، للنهوض بالتشغيل».
-2»وضع آليات جديدة تمكن من إدماج جزء من القطاع غير المهيكل في القطاع المنظم، عبر تمكين ما يتوفر عليه من طاقات، من تكوين ملائم ومحفز، وتغطية اجتماعية، ودعمها في التشغيل الذاتي، أو خلق المقاولة.
ومن الأمور التي وردت، كأجندة في خطابات سابقة لا بد للمرحلة الجديدة أن نستشف منها ما يجب استخلاصه:
– تدبير العلاقة مع المحيط السياسي، وذلك من خلال:
*أزمة الثقة التي عبر عنها منذ سنتين، وقال فيها ما يلي: «إذا أصبح ملك المغرب يشتكي من السياسيين، فماذا سيقول المواطنون..»؟
*أزمة تحميل الملكية مسؤولية السلبية في المنجز الوطني، وقد ورد فيها قول ملكي صريح من خلال ما يلي:
»”عندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة، أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه»…”.
* المواطنة في قلب المرحلة الجديدة، والرفع منها إلى مستوى عال عندما وضع الملكية نفسها في مرتبة المواطنة .. وباستحضار الملكية المواطنة يجعل المنطوق الملكي في 2017 يأخذ معنى آخر .
وذلك من خلال التحدث بالمباشر الصريح عن جدوى السياسة من خلال محك المواطنة ومن حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانوا هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟«
لا شك أن الدفعة القوية في تفعيل مضامين خطاب العرش، تبدأ ملامحها، بشكل قد يكون غير متوقع بتاتا، من خلال مضامين خطاب عيد ثورة الملك والشعب.
ثورة الملكية المواطنة والمواطنين..
ثورة الملكية والمواطنة..
ويحسن بنا في هذا السياق، وليس في غيره، أن نلح بأن أخطر ما يواجه خطابا رسميا قويا هو أن يسقط في الروتين والتكرار، وهوما قد يقتل روحه قبل نصه، وهذا لا يحدث إلا إذا ساعدته الممارسة السياسية على ذلك.
بمعنى آخر أن ما يخشاه المغاربة الصادقين والمتطلعين إلى ما يريده ملكهم هو أن تعمل تقاليد اللعبة السياسية والممارسة السياسية وتصرفات الفاعلين السياسيين على أن يصبح خطاب الملك بدون امتداداته الحقيقية في الواقع، بعد أن يجعلوا من وجودهم فلترا، مصفاة له، تمرر ما يتماشى مع هواهم.
فقد خطب الملك أزيد من 17 مرة قبل أن يصبح مرسوم اللاتمركز نصا ومرسوما بمثابة ميثاق.
وقد يخيم عليه خطر أن تضيع فرصته، عندما يبشرنا بعض السياسيين، ومنهم وزراء، بأن الخطاب موجه للشعب» ولا يعني الأجهزة الدستورية، من قضاء وحكومة وبرلمان…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 21/08/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *