جنيف، الما قبل والما بعد؟…

عبد الحميد جماهري

عبرت الجهات المأذونة، كما دربنا على تسميتها في الصحافة الجزائرية، عن خيبة أمل من نتائج جنيف. وذلك ما يمكن أن نستشفه، مما كتبته لالجيري باتريوتيكl’algérie patriotique في أعقاب انتهاء محادثات المائدة المستديرة حول النزاع الإقليمي حول الصحراء.
وهناك ما يغضب فعلا أنصار الأطروحات الانفصالية الواهمة، في كل ما وقع في جنيف…
أولا:
* التجاوز الواضح لأطروحة النزاع الثنائي بين المغرب والبوليزاريو….
فقد تجلى منذ القرار الأممي الأخير 2440، بأن توريط الجزائر، كما ورطت نفسها، في الواقع لم يكن توريطا بروتوكوليا، ولا من باب تشجيع اللقاء، بقدر ما كان تسمية الأشياء بمسمياتها. وتبين بأنها مطالبة بأن تشارك في كل أطوار النقاش حول الموضوع…
*في الشكل كما في الجوهر، استبقت الدعوة ما كرسته المائدة، بحيث لم يكن في شكلها ما يفيد بأن هناك ترتيبا ما حسب درجة العلاقة مع النزاع، وكان الكل على قدم المساواة….
* لم تكتف الجزائر، كما اعتادت بحضور بروتوكولي أثناء الافتتاح، ثم التجول في أبهاء المكان الذي انعقدت فيه المائدة، كما حصل في المرات السابقة، ومنها أساسا مانهاست، بل ظلت مرابضة على الطاولة ككل الأطراف المعنية مباشرة بالنزاع، ويلزمها القرار الأممي بالبقاء على هذا الموقف إلى حين النهاية….
ثانيا: قالت الجريدة المذكورة ما يلي : «لم ينجح المبعوث الشخصي للأمين العام، والرئيس الألماني السابق هورست كوهلر الذي ما زال يعرب عن تفاؤله- كما في مانهاست- في الدفع إلى مفاوضات مباشرة بين الأطراف المباشرة في النزاع، أي البوليزاريو والمغرب». والواضح أن هذا الرأي كان هو الذي تم تسويقه من قبل من لدن الصحافة الجزائرية والانفصاليين، بأن الأمم المتحدة مرتبطة بالثنائية في النزاع.. وها هم يؤكدون بأن الذي حصل لم يكن هو ما كان في الماركوتينغ السعيد الذي روجوه طوال الإعداد..
ثالثا: الإقرار بجدول أعمال يتضمن في النقط الغالبة، ثلث جدول الأعمال بالتدقيق، الاندماج الإقليمي، لم يرض الاطراف المساندة، والتي روجت معاني أخرى للقاء جنيف. وهو إبطال كلي لأطروحة النزاع الثنائي المعزول عن الفاعلين الإقليميين وأساسا الجزائر.
وتساءلت المصادر الإعلامية الجزائرية عن ضرورة وجدوى هذه المائدة المستديرة وإحدى نقط جدول أعمالها، أي الاندماج الإقليمي.
مضيفة أن ذلك يعتبر بمثابة «استباق استفتاء» وطريق إلى الحكم الذاتي…!
وبمعنى آخر، فقد أدركت العناصر الانفصالية أن الحل السياسي بمنطق جنيف، وما تم لحد الساعة، لا يعني بتاتا غير الحكم الذاتي مع التفاوض حوله كشكل من أشكال تقرير المصير، وتجاوز الصيغة الاستفتائية في تقرير المصير…
فالجزائر هنا، معنية مباشرة، كما أن هذه النقطة ذات صلة وثيقة، بالنقطة التي تليها وهي عوائق الاندماج الإقليمي.
وفي هذا الباب، لا يمكن لعاقل أن ينكر بأن السبب الرئيس في عدم الاندماج هو تعثر العلاقة المغربية الجزائرية ،والحجر العثرة في كل تعثر هو هذه العلاقة.
ومن هنا تكتسي المبادرة الملكية طابعا جوهريا في التصور العام، وآلية التشاور المشتركة والثنائية هي بوابة الخروج من عوائق الاندماج في حين الجزائر، وردها عبر اللقاء المغاربي، يبدو أنها ارتكنت الي الواقع الحالي الجامد والمعاق..
إن النقطتين الرئيسيتين في الإطار الاقليمي، هي المبادرة الملكية، كمخرج نزيه وأيضا كتماش مع التوافق الدولي للحل الشامل.. في حين ترتبط دعوة الجزائر بواقع هو بذاته يجب تجاوزه، أي واقع العرقلة والجمود والتعثر….

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 13/12/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *