سعاد،‭ ‬أنا‭ ‬كنتِ‭ ‬تناديني‭ ‬‮«‬دجو‮»‬

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

‮«‬يوم‭ ‬الرحيل‭ ‬هو‭ ‬أيضا
نجمة‭ ‬هاربة
ونيزك‭ ‬يصطدم‭ ‬بالقلب‮…»…‬

‮***‬
نحن‭ ‬شعوب‭ ‬الضوء‭ ‬البسيط،‭ ‬لا‭ ‬نرمي‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬سوى‭ ‬خرق‭ ‬الأمنيات‭ ‬ونترك‭ ‬للمساء‭ ‬كامل‭ ‬إضاءتنا‮.‬
نؤمن‭ ‬كثيرا‭ ‬بالضوء
ونؤمن‭ ‬أكثر‭ ‬بالقلب‭ ‬الذي‭ ‬يُشِعُّ‮…‬
لهذا‭ ‬فاجأتنا‭ ‬سعاد‭ ‬بالرحيل،‭ ‬ولم‭ ‬نذهب‭ ‬كما‭ ‬تواعدنا‭ ‬إلى‭ ‬أقرب‭ ‬شاطئ‭ ‬لكي‭ ‬نحارب‭ ‬الجنيات‮..‬
ونستغفر‭ ‬الله‭ ‬مثل‭ ‬حبات‭ ‬الرمل‮..‬
سعاد‭ ‬الديبي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬المغربيات‭ ‬اللواتي‭ ‬يضعن‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬لله‭ ‬دائما‭ ‬نذرا‮.‬
ينذرن‭ ‬له‭ ‬سعادتهن
ويَهَبْنَ‭ ‬أن‭ ‬يحدثنه‭ ‬عن‭ ‬الشقاء
مؤمنات‭ ‬بسيطات،‭ ‬مثل‭ ‬عذارى‭ ‬المسيح‮..‬
سعاد‭ ‬هي‭ ‬الضجيج‭ ‬الفرح
‭ ‬والغاضب‭ ‬في‭ ‬كولوارات‭ ‬الجريدة
‭ ‬وهي‭ ‬أيضا‭ ‬الشغف‭ ‬بالجمال‭ ‬الروحي
‭ ‬وخزف‭ ‬الأغنيات
لا‭ ‬أحد‭ ‬فينا‭ ‬لا‭ ‬يحبها‮.‬
الشياظمية‭ ‬التي‭ ‬واعدت‭ ‬لله‭ ‬دوما‭ ‬في‭ ‬أحلامها
العاملة‭ ‬التي‭ ‬تحب‭ ‬عائلتها‭ ‬مثل‭ ‬نبي
التي‭ ‬تعانقنا‭ ‬جميعا‭ ‬
وتغضب‭ ‬منا‭ ‬جميعا
‭ ‬ونفرح‭ ‬عندما‭ ‬نتصالح‭ ‬معها‮..‬
سعاد‭ ‬هي‭ ‬تَرْبيت‭ ‬البداوة‭ ‬على‭ ‬كتف‭ ‬شانيل
وقدرة‭ ‬العطر‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يوقع‭ ‬باسم‭ ‬أركانة‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬الأجساد‮.‬
هي‭ ‬أيضا‭ ‬صخب‭ ‬صعب‭ ‬إغضابه‮..‬
وصعب‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تنساه‮.‬
من‭ ‬يخطئ‭ ‬إزاءه‭ ‬
عليه‭ ‬أن‭ ‬يفاجئ‭ ‬قلبه‭ ‬بالاعتذار
‭ ‬وأن‭ ‬يسارع‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تربحه‭ ‬ببسمتها‭ ‬العالية‮..‬
سعاد‭ ‬مكتفية‭ ‬باسمها،‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬سعاد،‭ ‬يعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أنك‭ ‬تتكلم‭ ‬عن‭ ‬كتلة‭ ‬فائضة‭ ‬من‭ ‬محبة‭ ‬لله
وأنك‭ ‬تتكلم‭ ‬عن‭ ‬قلب‭ ‬أبيض‭ ‬من‭ ‬حبه‭ ‬للأغنيات
‭ ‬وحبه‭ ‬لبركات‭ ‬الأولياء‮..‬
وسعاد‭ ‬أيضا‭ ‬طريقة‭ ‬عادية‭ ‬في‭ ‬الكمال‭ ‬الإنساني‮..‬
وحدها‭ ‬سعاد‭ ‬كانت‭ ‬تُبكي‭ ‬من‭ ‬يخطئ‭ ‬في‭ ‬حقها‮..‬
وحدها‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تشعرك‭ ‬بالندم
‭ ‬وأنت‭ ‬وحيد‭ ‬في‭ ‬غار‭ ‬نفسك‭ ‬تسترجع‭ ‬العتاب‮..‬
أنا‭ ‬كانت‭ ‬تناديني‭ ‬‮«‬دجو‮»‬،‭ ‬
وتضحك،‭ ‬وأعرف‭ ‬أنها‭ ‬راضية‭ ‬عني
وتناديني‭ ‬السي‭ ‬جماهري‭ ‬
وتغضب
وأعرف‭ ‬بأنني‭ ‬أخطأت‭ ‬في‭ ‬حقها‮..‬
أعرف‭ ‬من‭ ‬سحناتها‭ ‬بأنها‭ ‬تنوي‭ ‬أن‭ ‬ترمي‭ ‬عش‭ ‬بساطتها‭ ‬في‭ ‬وجهي‭ ‬مثل‭ ‬طائر‭ ‬حر‮..‬نحتار‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نسمي‭ ‬أمامه‭ ‬ما‭ ‬نريده
يا‭ ‬سعاد‭ ‬اضحكي
يا‭ ‬سعادة‭ ‬كشري
‬ياسعاد‭ ‬اسكتي
‭ ‬يا‭ ‬سعاد‭ ‬تكملي
‭ ‬يا‭ ‬سعاد‭ ‬اغضبي
‭ ‬يا‭ ‬سعاد‭ ‬لا‭ ‬تغضبي
شىء‭ ‬واحد‭ ‬اتفقنا‭ ‬عليه‭ ‬ولم‭ ‬نكن‭ ‬فيها‭ ‬محتارين‮:‬
يا‭ ‬سعاد‭ ‬لا‭ ‬ترحلي‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة
لا‭ ‬تفاجئينا‭ ‬كما‭ ‬فاجأتني‭ ‬دوما‭ ‬بمزاجك‭ ‬الشتنبري‭ ‬الطافح‭ ‬‮.‬
لا‭ ‬ترحلي
يا‭ ‬سعاد‮…‬
يا‭ ‬أيلول‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬اللغة
‭ ‬يا‭ ‬زمن‭ ‬العنب‭ ‬في‭ ‬الصويرة‮..‬
أجمل‭ ‬الجميلات‭ ‬بكت‭ ‬عندما‭ ‬مرضتِ
حملت‭ ‬قلبها‭ ‬وتجولت‭ ‬به‭ ‬دامعا‮..‬
وأجمل‭ ‬الجميلين‭ ‬تلعثم‭ ‬قلبه‭ ‬عندما‭ ‬مرضتِ‮..‬
واحتار‭ ‬أين‭ ‬يضع‭ ‬قلبه
واقترحت‭ ‬عليه.أن‭ ‬يضعه‭ ‬في‭ ‬قارورة‭ ‬عطر‮.‬
كلنا‭ ‬حِرنا‮:‬
هل‭ ‬سنقول‭ ‬لك‭ ‬خذي‭ ‬بسمتك‭ ‬معك‭ ‬إلى‭ ‬القبر‭ ‬وأضيئي‭ ‬بها‭ ‬قلب‭ ‬الملاك
‭ ‬أونقول‭ ‬اتركيها‭ ‬لنا
نضيء‭ ‬بها‭ ‬نصف‭ ‬حياتنا؟
أنت‭ ‬ستعرفين‭ ‬الجواب
‭ ‬وأنت‭ ‬ستأتيننا‭ ‬إلى‭ ‬منامنا‭ ‬لكي‭ ‬تقولي‭ ‬الوصية‭ ‬الأخيرة‮..‬

‭ ‬‮***‬‭ ‬
كم‭ ‬صرخنا
‭ ‬وكم‭ ‬تعالت‭ ‬أصواتنا‭ ‬معك‭ ‬
ومنك‭ ‬
وفيك‮..‬
كم‭ ‬نسارع‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأننا
في‭ ‬ضيق
‭ ‬على‭ ‬خطأ
وأن‭ ‬قلبك‭ ‬الشاسع‭ ‬على‭ ‬صواب‮..‬
كم‭ ‬نحب‭ ‬بعضنا،‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬نعانقك‭ ‬وتسامحينا‭ ‬أيتها‭ ‬الولية،
‭ ‬الصوفية‭ ‬
والسيدة
المقتنعة‭ ‬بكرامات‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬البشرية‮..‬
نذرت‭ ‬لله‭ ‬مرضك
وكنت‭ ‬أمازحك‭ ‬‮ »‬لماذا‭ ‬تفعلين‭ ‬يا‭ ‬سعاد
في‭ ‬سعاد‭ ‬،‭ ‬
في‭ ‬خلق‭ ‬لله‭ ‬
كل‭ ‬هذا،‭ ‬فأنت‭ ‬لم‭ ‬تخوني
ولم‭ ‬تسرقي
‬ولم‭ ‬تقتلي
‭ ‬ولم‭ ‬تسيئي‭ ‬لأحد‭ ‬؟
كنت‭ ‬تصرين‭ ‬أن‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تمتحني‭ ‬نفسك؛‭ ‬لكي‭ ‬تليقي‭ ‬بموعد‭ ‬الله‮..‬
‮»‬‭ ‬آ…لهبيلة‮«‬،‭ ‬راحنا‭ ‬كانبغيوك‮«‬
‮«‬وما‭ ‬تخرج‭ ‬الكلمات‭ ‬حتى‭ ‬يفيض‭ ‬دمع‭ ‬عينيك
‭ ‬الجميلتين
‭ ‬البراقتين‭ ‬
الشغوفتين‮..‬
يا‭ ‬قلب‭ ‬الثلج‭ ‬
يا‭ ‬ثلجنا
‭ ‬يا‭ ‬قلب‭ ‬الحليب
‭ ‬يا‭ ‬حليبنا
‭ ‬يا‭ ‬قلب‭ ‬الجميع‮..‬
يا‭ ‬مجموع‭ ‬القلب
يا‭ ‬رضى‭ ‬الوالدة
ورضى‭ ‬الناس‮..‬
رحمك‭ ‬الله
وأسكنك‭ ‬جناته،‭ ‬
وألحقنا‭ ‬بك‭ ‬مسلمين‭ ‬تائبين‭ ‬ناذرين‭ ‬لله‭ ‬قلوبنا‮..‬
وستطلين‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬الأعلى
كما‭ ‬عهدناك‮: ‬‭‬الصوفية‭ ‬التي‭ ‬أحببناها
وشكرنا‭ ‬الحياة‭ ‬أنها‭ ‬ساقتنا‭ ‬إليك‮…‬
وربَّت‭ ‬الوجع‭ ‬في‭ ‬جسدك
ولم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تروض‭ ‬روحك‭ ‬المرحة‮..‬
‭ ‬الروح‭ ‬التي‭ ‬ترفرف‭ ‬علي‭ ‬وأنا‭ ‬أخط‭ ‬هذا‭ ‬الكلام،‭ ‬
نزفا‭ ‬تلو‭ ‬نزف‮..‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 10/09/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *