هوامش على بلاغ منتصف الليل: كيف تعيش مرتاحا بعد الزلزال؟ 2/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

انتظرنا الزلزال

وكان…
ثم سرعان ما علته غلالة من الضباب السميك، فبدا لنا أنه يعود إلى العصر الجيولوجي الأول.
بدا بعيدا، كأنما بلا أثر، سواء في بنية الأحزاب المعنية به
أو في بنية القرار المرتبط بالتدبير..
تكررت أسبابه، في أرض الواقع الحارقة، وعادت السياسة إلى مجراها الصعب، والمتشقق في حلوق الناس وفي معيشهم.
ثم عادت السياسة إلى الناس، من مصدر مجهول المصدر لكنه معروف العنوان: الفئات المتضررة من السياسة النقدية والمالية والمعيشية.
وبدا لنا فعلا أن الزلزال، الذي لا يفترض أن يحدث مثله سوى مرة واحدة في العهد السياسي الواحد، ينتمي إلى فترة سادرة في القدم…
ثم؟
ثم سقطنا من جديد في انتظار الزلزال!
والحال أن اللغة التي يعتمدها التواصل الحكومي إلى حد الساعة، لا تريد أن تستشعر هذه الضرورة لدى الناس، وربما لدى جزء من الطبقة المالية نفسها وتعبيراتها السياسية..
لنأخذ مثالا لا يمكن العبور عنه مرور الكرام: تصريح الرئيس الجديد للباطرونا ..بدعوته إلى ضرورة خلق رجة سياسية» جديدة ..من أجل احتواء المقاطعة..
الرئيس الجديد قال في حواره مع الزميلة الأحداث المغربية إن» الأشياء إذا استمرت بهذا الشكل فإن السلبي يثير السلبي»، دون تحديد هذا السلبي.
صلاح مزوار، الذي بنى توقعاته أو بالأحرى متمنياته بالرجة السياسية على انتظارات الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والمواطنين، لم يحدد لا طبيعة هذه الرجة ولا درجتها،
بمعنى هل تكون في مستوى الزلزال السابق أو دونه أو أكثر منه قليلا،
من حيث الدرجة ومن حيث الطبيعة لم يقل ما إذا كانت تعني تغييرا في السياسة أو في الرؤوس، في التركيبة الحالية للحكومة أو في الطبيعة الحالية للبرلمان، باعتبار أنه رأى أن الحكومة مسؤولة إلى جانب البرلمان من أجل اتخاذ المبادرة..
وبغض النظر عن انتخاب صلاح الدين مزوار، فهو الآن في قلب القرار الاقتصادي وأن خروجه جاء بعد صدور البلاغ الحكومي أو متزامنا معه، وبالتالي فإن الباطرونا يمكن أن تكون لا تقتسم مع الحكومة، في البلاغ وبعد البلاغ، التدبير الذي تقوم به.
ثم إن صلاح مزوار، وهو يتولى المسوولية لدى الباطرونا، يعرف أن جزءا منها تعنيه المقاطعة، ولعله الجزء الأكثر تسييسا في الاتحاد الباطرونالي..
فقد كان أمامه شخص ينتمي إلى اتحاد المقاولات، وهو يعرفها ويعرف بأنه يمثلها، في حين أن الذين صوتوا على مزوار كانوا يعرفون بأنه هنا لكي تظل لاتحاد الباطرونا أدواره السياسية !
والباطرونا عندما اختاروه كانوا أمام خيارين: هناك من جهة التزام سياسي لا تلغيه استقالة مزوار من التجمع الوطني للأحرار، وهو التزام لا غبار عليه، وهناك من جهة ثانية الخيار الثاني المتمثل في وجود التزام اقتصادي لمنافسيه..
وقد كان الاختيار واضحا،: استمرار الباطرونا في لعب دور سياسي..
وعندما يتكلم رئيسهم فهو يتخذ موقفا سياسيا بهذا المعنى..
وهو أول تكتل له كلمة ومعنى يتحدث عن ضرورة رجة سياسية..
هل سنستطيعها؟
المحقق أن هناك كهرباء خفية في الأجواء..
ولعل البلاغ أعاد هذا الشعور إلى شبكة أوضح تتولى التساؤل عن طبيعة التفاعل مع المتغيرات الحادة التي تسري في البلاد وأوصالها.
والواقع أنه يمكن أن ننعت الطبيعة السياسية، (تعريف افضل من تعريف الطبقة السياسية في تقديري، عند الحديث عن المغرب) بأي نعت نريد،
ويمكن أن نقدح فيها بما نشاء لكن علينا أن نعترف لها بقدرتها على هضم الزلزال.. والقدرة على العيش بالقرب من أنقاضه
ومن ضحاياه
ببرودة حفار القبور!
والالتفاف عليه..
ومثل دودة القز تنسج حوله شرنقة يزداد سمكها مع الأيام
وأحيانا مع تواتر الأسئلة التي لا جواب لها…
لهذا، حتى عندما نغامر بوضع التشريح فإننا نحتار دوما في سؤال البديل:مع إحساس متزايد بأن الطبقة السياسية اليوم، لا تحتاج إلى تعريف بقدر ما تستوجب .. حدسا يفوق التمارين السينمائية على السيناريوهات الممكنة..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 04/06/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *