‮‬الاتحاد‭ ‬وعشرون‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬العهد‭ ‬الجديد ‭ -6-‬ تفكير من داخل منطق الدولة المُصلِحة التي تعقلن التاريخ 2/3

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

واجه الاتحاد على مستوى السياسة ضرورة التعامل مع محاولة هيكلة الحقل الحزبي بناء على قاعدة وجود فاعلين جديدين لا يشتركان مع الحقل الوطني بأنهما ينبثقان من عقد الوطنية والاستقلال وسيادة الأمة، كما وضعه الوطنيون.
وكان أن إرادة هيكلة الحقل الحزبي بين فاعلين من خارج المنظومة المسماة تقليدية، بشرطيها، الوطني الديموقراطي والإداري التدبيري، لم تفض إلى ما كان منتظرا منها.. وبدا أن هناك صعوبة في القفز على تاريخية الفاعلين السياسيين التقليديين بالرغم من أنهم حملة التحديث والحداثة والقيم الجديدة وتمت محاربتهم على أساس أنهم أصحاب أفكار مستوردة وغربية وكونية ووووو…
لم يشارك الاتحاد في حكومة 2011/2016، لأسباب صارت معروفة اليوم، وكان عليه أن يواصل، في المؤتمرات الأخيرة:
‮* ‬تأصيل عرضه الديموقراطي‮ ‬سياسيا وتوسيع وعائه ليشمل ما جاءت به هذه الدينامية‮ ‬الإصلاحية لجلالة الملك وتوافق القوى الأساسية في البلاد ‮‬ويدرجها في‮ ‬تحول كبير يتواجد في‮ ‬عمق تدبيره‮.‬
‮*‬ تأصيل عرضه الاجتماعي‮ ‬ومواصلة الدفاع عن الدولة الاجتماعية والتأهيل الاقتصادي‮ ‬وتطوير النموذج الذي‮ ‬يستوجبه مغرب العقود القادمة‮.‬
‬والاتحاد‮ ‬إذا كان من حقه الاعتزاز بأنه كان أول تنظيم سياسي‮ ‬وحركة اجتماعية إصلاحية تنبه في‮ ‬المؤتمر العاشر إلى‮ ‬استنفاد هذا النموذج لمهامه واحتياطاته،‮ ‬فإنه‮ ‬يدرك بأن ركيزة أي‮ ‬نموذج جديد،‮ ‬هي الإنسان وخدمة الإنسان،‮ ‬ومن خلال تكريس الدولة الاجتماعية،‮ ‬التي‮ ‬تساهلت الحكومة السابقة أمام الدفع نحو تفكيكها،‮ ‬مع ما لذلك من نتائج وخيمة نعيش فصولها في‮ ‬كل‮ ‬يوم،‮ ‬وفي‮ ‬كل جهات البلاد،‮ ‬وقطاعات الوظيفة العمومية أوالخاصة‮.‬
إن أحد المواقع الرئيسية للتحولات الحاصلة في‮ ‬البلاد،‮ ‬هو ولاشك الحقل الثقافي،‮ ‬بكل تجلياته،‮ ‬وفي‮ ‬هذا الباب‮ لا بد من أن نذكر‮ ‬بكل ما تم عمله من أجل ألا‮ ‬يختل التوازن لفائدة الثقافة المحافظة،‮ ‬التنميطية التي‮ ‬تختزل التنوع المغربي‮ وتقزمه‮. ‬
لقد كان الاتحاد أيضا فاعلا جوهريا في‮ ‬عقلنة النقاش‮ ‬والتوجهات في‮ ‬ما‮ ‬يخص الإشكالات الثقافية،‮ ‬سواء منها اللغوية‮‬،‮ ‬في‮ ‬الحياة العامة وفي‮ ‬الإدارة أو في‮ ‬المدرسة الوطنية التي‮ ‬ينشدها المغاربة،‮ ‬أو من خلال ترجيح المصلحة الوطنية على ‬المصلحة الفئوية والحزبية الضيقة،‮ ‬في‮ ‬قضايا التعدد اللغوي،‮ ‬ومؤسسات الثقافة،‮ ‬إذ كان له دور محوري‮ ‬في‮ ‬قيادة التوافق حول المشاريع المهيكلة‮ ‬ذات الأبعاد الاستراتيجية،‮ ‬في‮ ‬الفضاء التشريعي،‮ ‬وهي‮ ‬المشاريع التي‮ ‬تندرج في‮ ‬مفهوم المصالحات الوطنية‮ ‬الواسع.
ومن قبل ذلك،‮ ‬كان القاموس السياسي‮ ‬المغربي‮ ‬برمته،‮ ‬مدين للعقل الاتحادي،‮ ‬في‮ ‬توصيف الحالة الوطنية،‮ ‬وفي‮ ‬إيجاد المصطلح السياسي‮ ‬والمؤسساتي‮ ‬الضروري‮ ‬لذلك،‮ ‬الشيء الذي‮ ‬أكسب تحليلاته براءة الاختراع وأصالة المِلكية الفكرية،‮ ‬بدون‮ ‬اللجوء إلى‮ ‬قواميس‮ ‬صاغتها تجارب محدودة في‮ ‬الشرق‮ ‬القريب أو البعيد،‮ ‬جربها البعض وأفضت إلى ‬ما أفضت إليه من سوء فهم حضاري‮ ‬وسياسي‮ ‬لكيان الأمة المغربية‮.‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 15/08/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *