إدريس السبتي، رئيس فرع نقابة مهنيي الفنون الدرامية بالدارالبيضاء: هذا المجال ولج إليه كل من هب ودب واختلط فيه الحابل بالنابل على حساب المهنيين الحقيقيين

استطاعت ، في الشهور الأخيرة، أن تثير انتباه المهتمين والمتتبعين، بسبب أنشطتها المختلفة وخرجاتها الإعلامية، وخاصة بفضل شعارها الأخير، الذي تداولته الشبكات الاجتماعية. من أجل هذا ولفهم مجريات الأمور التي لا تهم المهنيين فقط، بل أيضا العديد من المغاربة المتعاطفين مع نجومهم ويودون معرفة أحوالهم، كان لنا لقاء مع إدريس السبتي، رئيس فرعها بالدارالبيضاء.

أولا وقبل كل شيء، كيف تأسست النقابة؟

تأسست نقابة محترفي المسرح بفضل مجهودات مجموعة من فنانين رواد في الساحة الفنية والمسرحية، وتداول على رئاستها كل من سعد الله عزيز ومحمد قاوتي وحسن نفالي، والآن مسعود بوحسين. وقدعرفت تطورا خلال ال25 سنة الأخيرة حصلت خلالها على عدة مكتسبات .في الأصل كانت تدعى»النقابة الوطنية لمحترفي المسرح» ثم تحولت إلى النقابة المغربية لمحترفي المسرح» قبل أن تصبح «النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية»، لأنها كانت، آنذاك، نقابة خاصة فقط بالأشخاص الذين يشتغلون بالمسرح، لكن تبين بأن هؤلاء كانوا أيضا يشتغلون بالتلفزيون والسينما. علاوة على ذلك، فهي تضم أيضا تقنيين يشتغلون في المحافظة والديكور …إلخ.
والنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية هي أيضا عضو في «الفيدرالية الدولية للممثلين». وبفضل تواجد فنانين يمثلون المغاربة دوليا، أصبح لديها صدى كبير في الدول الأوربية والأمريكية، خاصة وأنها حققت إنجازات على المستوى الوطني. من بين هاته الإنجازات، ملف قانون الفنان والتغطية الصحية والتعاضدية الوطنية للفنانين.
وهاته الأخيرة تعد في حد ذاتها، مكسبا كبيرا للفنانين، لأنها لا توجد بأية دولة أخرى.
وهناك مكتسبات أخرى، من بينها البطاقة المهنية، سواء الأولى أو الجديدة، وأيضا توثيق المسرح المغربي، إذ نعمل كنقابة مع الهيئة العربية للمسرح في هذا الإطار، وسيتم تخصيص طابق من مسرح محمد الخامس بالرباط لهذا الغرض.
بشكل ملموس، كيف يمكن لكل هذه المكتسبات أن تفيد الفنان المغربي؟

أولها، ستمكن من تنظيم القطاع بشكل أفضل مما سيخول للفنان الاشتغال في ظروف مريحة. وأن يكون هناك «عقد نموذجي»، وهذا ملف نشتغل عليه حاليا ونهدف مع وزارة التشغيل ووزارة الثقافة على إخراجه للوجود وتعميمه على جميع شركات الإنتاج. وأن يوضع حد للفوضى والتسيب اللذين يعرفهما أحيانا هذا الميدان.

هلا أعطيتنا مثالا لمظاهرالتسيب هاته؟

على سبيل المثال وبما أننا تحدثنا عن تحرير العقد النموذجي، أن تكون الشركة التي يتعامل معها التقني أو الفنان ملزمة، كما ينص على ذلك دفتر التحملات، بمنحهما أبسط الحقوق، وهو عقد العمل، الذي لا يتوصل به الفنان مع أنه طرف أساسي، والأمر يعنيه بالدرجة الأولى، والسبب غير مفهوم ولا توجد أية سلطة تفرض ذلك .
مثال آخر عن التسيب، هو ولوج من هب ودب لهذا الميدان واختلاط الحابل بالنابل على حساب المهنيين الحقيقيين..

وماذا عن الحد الأدنى للأجور؟

هاته من المطالب التي تناضل النقابة من أجلها أيضا ومن الملفات التي وضعناها حاليا في البرلمان وفي وزارة الثقافة والاتصال.

وبالمناسبة ماهي على العموم باقي الأطراف التي تتعاملون معها كنقابة؟

في أغلبية الأحيان مع وزارة الثقافة والاتصال. ولكن ونظرا للملفات التي نستعد للاشتغال عليها، سندمج أطرافا أخرى، مثال على ذلك وزارة التشغيل، بما أننا نسعى إلى أن نجعل من «فنان» مهنة كباقي المهن، تطبق عليها قوانين التشغيل كباقي المهن الأخرى .

وهل تلقون على العموم، تجاوبا مع الأطراف التي تتعاملون معها؟

الحمد لله، لا يمكن إلا أن يكون الأمر كذلك، خاصة وأن لدينا ملفا مطلبيا معقولا.

لوحظ مؤخرا، خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي، أن أنشطة النقابة، تحمل شعار: «25 سنة ونستمر»، فماذا تقصدون بذلك؟

شعار خرج به المؤتمر الوطني السابع للنقابة، والذي انعقد في دجنبر 2018 الأخير، وبالنسبة لنا يعكس فخرنا بمرور ربع قرن على تواجد هاته النقابة، التي أسسها وانضوت تحت لوائها أسماء وازنة على الصعيد الوطني، فنحن كشباب، نحتفل بكل هؤلاء المؤسسين والمنخرطين والفاعلين، وكذا بكل الأجيال التي أتت بعدهم والمقبلة والتي ستستمر هي أيضا في النضال . فهذا الشعار حملناه قصد الاعتراف بالرواد ورفع شعار الاستمرارية. وسنحمله طيلة هاته السنة للمزيد من الاحتفال بمرور 25 سنة على تواجد النقابة، خاصة ونحن كجيل جديد اتضحت لنا الرؤية في ظل نقابتنا.

بما أنك تحدثت عن الرؤية الواضحة، وبصفتك مسؤولا في هاته النقابة، ماذا يمكن أن تقول عن عملها ؟

هي نقابة لديها 18 فرعا على الصعيد الوطني، وأنا أشتغل كرئيس لفرع جهة الدارالبيضاء سطات، توليت هاته المسؤولية بعد الجمع العام الذي كان في نهاية 2017، وبدأت في مهامي منذ 2018 . وعندما التحقت بدأت أفكر في ما يمكن لي أن أضيفه كواحد من الجيل الجديد، أحمل رؤية أخرى بحكم احتكاكي وقربي من فناني مدينة الدارالبيضاء، وخاصة منهم الممارسين للفنون الدرامية.

ما هي ارتساماتك عن الملفات الشائكة التي واجهتك بعد أن اطلعت على الوضع؟

اكتشفت أن الدارالبيضاء لها خصوصيتها في ما يتعلق بمشاكل الفنانين وهذا نابع من حجم نسمتها السكنية، بحيث تضم عددا كبيرا ومختلفا من الفنانين.
فالدارالبيضاء يقطن بها رواد وأسماء شهيرة على الصعيد الوطني، وأغلبيتهم كبروا في السن ومنهم من يعاني من أمراض مزمنة أو من يعاني نفسيا من التهميش.
ثم هناك فئة أخرى من الفنانين الرواد، تلك التي لا تزال تستطيع العمل ولكن لا يتم استدعاؤها إلا من حين لآخر بدعوى ارتفاع السعر، أو أن هناك شبابا أولى بالعمل.
ومن جهة ثالثة، هناك جيل جديد من الفنانين ربما لا يعرفون هؤلاء ولا ماقدموا من تضحيات في هذا الميدان.

ما هي الحلول التي ارتأتها النقابة انطلاقا مما تقدم؟

أمام هذا الأمر، فكرنا كنقابة فرع الدارالبيضاء، في خلق برنامج أطلقنا عليه اسم «اعتبار» وهو برنامج يدخل في إطار النهوض بالأعمال الاجتماعية. نجعل من خلاله هذا الفنان يشعر بأن بلده لا يزال يحتاج لخدماته. و»نزاهة الرواد»، مثلا، واحدة من هاته المشاريع، إذ نظمنا في شهر أبريل من السنة الماضية، رحلة استجمامية لمراكش خلال نهاية أسبوع كاملة، ضمت ما يعادل 40 فنانا من الرواد، وقد تم توثيقها وربما قد تعرض لاحقا على إحدى القنوات المغربية. وهناك أيضا «سباق على الطريق»، خاص بالفنانين، وهو ضمن أفكار متعددة نحاول بلورتها مستقبلا.
وعليه، فإن «اعتبار» يقترح عدة أفكار ويتضمن مجموعة من البرامج تدخل في إطار «الحماية الاجتماعية»:
أولا، لقاءات تواصلية مع هؤلاء الفنانين، لفائدة الشباب من الجيل الصاعد، فضلا عن دورات تحيينية لفائدة هؤلاء الرواد، القادرين على العمل.
ثانيا، هاته المشاكل جعلتنا نسارع إلى المطالبة بالتقاعد للفنانين، بنفس الشكل الذي يمنح لأي موظف في قطاع آخر.
ثالثا، لمواجهة مشكل الفنانين الذين لايزال باستطاعتهم الاشتغال لكن وتيرة طلبات العمل قلت، تم اقتراح تحديد نسبة لمشاركة هاته الفئة، يتضمنها دفتر التحملات، بنفس الشكل الذي تم اشتراط قبلا، اشتغال 70 في المئة من حاملي بطاقة الفنان، أو خريجي المعهد العالي للفن والتنشيط . ونحن كنقابة، بدأنا فعليا في وضع لائحة على مكاتب مختلف شركات الإنتاج، نقترح فيها أسماء لم تشتغل منذ مدة، على أساس ان هاته الشركات تأخذها بعين الاعتبار قبل توزيع الأدوار على عمل فني جديد وكذلك تجنبا للوقوع في الوضعية الأولى التي تحدثنا عنها.
رابعا، هناك برامج تعنى بالجانب التمويلي للنقابة، وتهدف التفكير في طرق تدر مالا يستفيد منه هؤلاء الرواد وسيستفيد منها الشباب من الفنانين مستقبلا. هاته الفكرة تنطلق من كون أن النقابة يجب أن يكون لديها دخل خاص وقار، حتى يتأتى لها أن تكون قوية، وبالتالي فإنه لكي نصبح أقوياء كفنانين، يجب أن نكون متكتلين أولا، ثم أن تكون لنا مشاريع تدر علينا دخلا ماليا كل سنة.
كما أنه ولسد فراغ كوننا لا نتوفر على أية إحصائيات، قام فرع الدارالبيضاء، باقتراح إعداد استمارة بحث اجتماعي.

في انتظار تحقيق هاته المشاريع التي تحدثت عنها قبلا، بماذا يملأ حاليا صندوق النقابة؟

بانخراطات الاعضاء المنضوين تحت لوائها.

لتقريب الفكرة أكثر من القارئ، فهذا مشروع أطلقته النقابة المهنية للفنانين، فرع الدارالبيضاء.
بالفعل، فبرنامج «اعتبار» ككل، هو من اقتراح فرع الدارالبيضاء بكل ما فيه، «نزاهة الرواد» والسباق والتكوينات المختلفة والاستمارة …كلها مشاريع فرع الدارالبيضاء الكبرى ونعمل على أن يكون مستقبلا برنامجا وطنيا.
وهناك مشروع آخر سينطلق في غضون أبريل القادم، ويتعلق بتنظيم لقاء مع مجموعة من الخبراء الدوليين مختصين في مجال الحماية الإجتماعية ، قصد الإستفادة من خبراتهم في هذا الميدان.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 18/03/2019