بلغ عددهم 164 مؤطرا دينيا للجالية المغربية بفرنسا في 2019: ماكرون يوقف نظام إعارة الأئمة وأساتذة العربية

 

بعد أن بنى خطابه، منذ توليه رئاسة الجمهورية الفرنسية، على تقوية الجبهة الاقتصادية عبر الانكباب على ملفات البطالة، الإصلاح الجبائي، تقليص الإنفاق العام، التقاعد، متحاشيا الخوض في القضايا المرتبطة بالجالية المسلمة بفرنسا، خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الأسبوع، وقبل أقل من شهر على الانتخابات البلدية، بتصريح يضع حدا لتواجد الأئمة «المُعارين» من دول المغرب والجزائر وتركيا داخل المساجد الموجودة بالتراب الفرنسي، والذين يصل عددهم 300 إمام سنويا، بالإضافة الى توقيف برنامج الإعارة المتعلق بأساتذة اللغة العربية، ابتداء من هذه السنة 2020 وإعلان نهاية 2024 سنة المغادرة بالنسبة للأئمة والأساتذة المتواجدين بالتراب الفرنسي من قبل.
القرار، كما أفاد وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنر، تم تبليغه للدول المعنية بإعارة الأئمة، في ظل غياب أي حوار رسمي حول الإجراءات والبدائل التي يمكن أن يتم بها تدبير هذا الملف، خصوصا أنه يرتبط بمجال حساس يؤطر الحياة الدينية لمسلمي فرنسا المغاربة، مع العلم أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب تسهر، منذ سنوات، على إقامة دورات تكوينية للأئمة الفرنسيين.
غياب الرد الرسمي من الطرف المغربي، والذي له قنواته الديبلوماسية المعروفة، هو ما يجعل الموقف من القرار لا يتجاوز – حسب وزير الشؤون الخارجية الخارجية المغربي ناصر بوريطة – في تصريح للجريدة، لا يتجاوز مستوى الإعلان والتصريح، في غياب الإجراءات العملية ومساطر تصريفه ومعناه الحقيقي، خصوصا أن المغرب وفرنسا يرتبطان في هذا المجال باتفاقات ثنائية، وفي كل الاتجاهين، وهي التي تضبط العلاقة بينهما.
وإذا كان هذا القرار يكتسي طابعه السيادي الذي يخضع، بالضرورة، للسياسة الداخلية والخارجية لفرنسا، فإنه لا يمنع من الإقرار بكونه نتيجة لتداخل مجموعة من المصالح والمعطيات الواقعية، التي لا يمكن القفز عليها وهي:
مشكل التمويل الأجنبي للمؤسسات الدينية بفرنسا وخصوصا التدخل التركي في هذا الباب.
فشل المجلس الموكول له تدبير المسألة الدينية لمسلمي فرنسا، والمعني به المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، والذي يعتبر المحاور الرئيسي والرسمي لمسلمي فرنسا البالغ عددهم 6 ملايين حسب مركز «بيو» الأمريكي للأبحاث ، والمكون من المنظمات والجمعيات الإسلامية والمساجد المعترف بها قانونيا بفرنسا، المطلوب منه اليوم تقديم مقاربة جديدة في التعامل مع هذا الملف، خصوصا وأن رئاسته آلت قبل ما يقارب الشهرين للمغربي محمد الموساوي، والذي سبق له أن ترأس هذا المجلس من قبل في2008و2013.
الصراعات المتواترة بين أعضاء هذا المجلس، وخصوصا بين الأعضاء المغاربة والجزائريين، صراعات تتعلق بالتمثيلية وطريقة الانتخاب والتمويل، أضف الى ذلك دخول الطرف التركي دائرة هذا الصراع، باحثا عن رقعة جديدة للإسلام التركي.
مشكل التعليم: لم يبق الخطاب الديني المتطرف حبيس مجالاته التقليدية: الأسرة والمسجد بل تعدى إلى الفضاءات العمومية ، لكن الأخطر هو تغلغله داخل فضاءات التنشئة التربوية المؤسساتية أي بمؤسسات التعليم. فقد تم تسجيل تغيب التلاميذ المسلمين وفق إحصاء شمل جهة الشمال الفرنسي، فقط في 2018 ، عن حصص الرياضة والموسيقى، تغلغل لا يفسر خطورته إلا الوقوف عند تسجيل 6200 إنذار لأسر هؤلاء ، وعقد 1200 جلسة مباشرة مع الآباء لتذكيرهم ببنود القانون في هذا الشأن، وقد وصل الأمر إلى وضع شكايات لدى النائب العام.
في 2019 تم تسجيل 620 حالة لتلاميذ يدرسون داخل المنازل، وهو توجه يترجم توجهات تمرر خطابا معاديا لقيم الجمهورية الفرنسية، وترفض الاندماج والتعليم الرسمي اللائكي.
موجة الإسلاموفوبيا المستشرية بأوربا عامة وفرنسا بالخصوص بعد العمليات الإرهابية العديدة التي كان التراب الفرنسي مسرحا لها، والتي كان منفذوها من نتاج الإسلام المتطرف الذي يتغذى خطابه من بعض هذه الجمعيات والمؤسسات.
وإذا كان هذا القرار يتجاهل في جزء كبير منه الجهود الكبيرة التي بذلها المغرب في مسار محاربته للإرهاب والخطابات المتطرفة، عبر إعادة تدبير المجال الديني والحرص على تمرير خطاب وسطي معتدل، أساسه الانفتاح والتسامح، فإننا نعي صعوبة الخروج بموقف رسمي حيال هذه الإجراءات، اعتبارا إلى توقيت التصريح، وبالنظر أيضا إلى تداخل عدة وزارات ومؤسسات في تدبير هذا الملف كوزارة الخارجية، وزراة الأوقاف، وزارة التربية والتعليم، الوزارة المكلفة بالجالية المغربية، المجلس الأوربي للعلماء المغاربة بالخارج….


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 22/02/2020