أثر جائحة كورونا على القطاع السياحي بشفشاون: الواقع والرهانات

كان لانتشار وباء كورونا أثر كبير على جميع جهات المغرب، حيث تضررت مختلف القطاعات الاقتصادية ولا سيما قطاع السياحة الذي عرف ركودا كليا بفعل الإجراءات الوقائية والاحترازية التي اتخذتها البلاد لوقف تفشي هذا الوباء.
وتعد جهة طنجة تطوان الحسيمة من بين الجهات الأكثر تضررا من هذه الجائحة، إذ احتلت المرتبة الثالثة من حيث عدد الإصابات بهذا الفيروس، ورغم انتماء مدينة شفشاون إلى هذه الجهة فهي لم تسجل أية حالة إصابة بهذا الفيروس إلى غاية كتابة هذا المقال، هذه الوضعية دفعتنا إلى طرح السؤال الآتي:
إلى أي حد أثرت جائحة كورونا على القطاع السياحي بهذه المنطقة رغم عدم تسجيلها لأية حالة إصابة بهذا الفيروس؟

خصائص الوضعية الوبائية بجهة طنجة تطوان الحسيمة

وصل إجمالي الإصابات بفيروس كورونا المستجد على صعيد جهة طنجة تطوان الحسيمة وذلك إلى غاية يوم الجمعة19يونيو 2020 إلى 1433 إصابة، تتوزع حسب مراكز التكفل إلى1013 حالة بطنجة و258حالة بالعرائش و137 حالة بتطوان و17 حالة بالحسيمة و8 حالات بوزان، فيما لم تسجل أية حالة بشفشاون.(الخريطة1).
أما بخصوص وتيرة التعافي من فيروس كورونا، فتتوزع كما يلي:878 حالة بطنجة و193 حالة بالعرائش و79 حالة شفاء بتطوان، و17حالة شفاء بالحسيمة، وحالة شفاء واحدة بمدينة وزان.أما عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا المستجد فقد وصل إلى40 حالة، تتوزع على 31 حالة وفاة بطنجة و7 حالات وفاة بتطوان وحالتي وفاة بالعرائش.
كما أعلنت وزارة الصحة خلال تقديم الحصيلة الوبائية اليومية أن جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تأتي في المرتبة الرابعة من حيث عدد الإصابات المؤكدة ، بعد جهات الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي والرباط سلا القنيطرة.

أثر وباء كورونا على قطاع السياحة بالمغرب: شفشاون نموذجا

يساهم قطاع السياحة بشكل مهم في خلق الثروة حيث بلغت نسبة مساهمته في الناتج الداخلي الخام 11٪ ، كما يشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة، ويعتبر محرك رئيسي لعجلة التنمية، إلى جانب دوره الكبير في تقليص التفاوتات المجالية. وقد تميزت السنة الفارطة بتحقيق قطاع السياحة لعدة مؤشرات إيجابية، منها: ارتفاع عدد الوافدين وليال المبيت السياحية، العائدات من العملة الصعبة (78.65 مليار درهم) مسجلا بذلك زيادة بلغت نسبتها 7.7+ مقارنة مع سنة 2018.
غير أن انتشار الوباء على المستوى العالمي، رافقه اتخاذ السلطات العمومية لمجموعة من التدابير الوقائية، كغلق الحدود البحرية والبرية وتعليق الرحلات الجوية، وغلق أماكن الاستجمام الترفيه الأمر الذي أدخل قطاع السياحة في حالة حجر تام، وبلغة الأرقام حوالي 3500 مقاولة في مجال السكن السياحي و500 مقاولة في مجال المطعمة و1450 وكالة أسفار و1500 شركة للنقل السياحيو1500 شركة خاصة بتأجير السيارات هم الآن في حالة شلل تام.
ولمواجهة هذه الوضعية غير المسبوقة، قامت الكونفدرالية الوطنية للسياحة بدق ناقوس الإنذار كما قدرت حجم الخسائر التي سيعرفها هذا القطاع بحوالي 138 مليار درهم، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 2022.
2-1- تطور عدد الوافدين وليالي المبيت خلال فترة انتشار الوباء: نموذج الفنادق المصنفة
على غرار باقي مناطق المغرب، ساهمت الإجراءات الوقائية والاحترازية التي اتخذتها السلطات الصحية والسلطات المحلية للوقاية من فيروس كرونا والحد من انتشاره في منها تعليق الرحلات الجوية وغلق الحدود البرية والبحرية ومنع التنقل بين والمدن وفرض التباعد الاجتماعي في التأثير الكبير على الحركة السياحية الداخلية والدولية بمنطقة شفشاون، رغم أنها لم تسجل أي حالة إصابة بالفيروس إلى غاية كتابة هذا المقال.
ولإبراز الأثر السلبي لهذه الجائحة على النشاط السياحي بالمنطقة بلغة الأرقام والإحصائيات أيضا، قمنا برصد تطور عدد الوافدين وليال المبيت السياحية بالنسبة للسياحة الداخلية والدولية بالفنادق المصنفة من خلال ثلاثة أشكال مقارنة(الشكل 1،2،3)، وذلك من يناير إلى مارس 2020.
نلاحظ من خلال هذه الأشكال أن أعداد الوافدين بالفنادق المصنفة بمنطقة شفشاونعرفت تراجعا واضحا من 9296 في يناير إلى 2449 في مارس، كما تراجعت ليال المبيت هي الأخرى من 11180 إلى 3176 خلال نفس الفترة المذكورة، وبدون شك فإن هذه الأرقام ستنخفض بشكل أكثر خلال الأشهر اللاحقة مع استمرار تطبيق إجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي ومنع التنقل داخليا وغلق الحدود البرية والبحرية وتعليق الرحلات الجوية.

سبل إنعاش القطاع السياحي بعد الجائحة

رغم التأثير الكبير للأزمة الصحية الحالية على قطاع السياحة، إلا أنها تمثل أيضًا فرصة سانحة لضمان الإصلاح الشامل للصناعة السياحية. فقد كشفت هذه الأزمة عن عيوب قطاع يعتبر حيويًا للاقتصاد المغربي لكنه يعاني من عدة مشاكل هيكلية تكبح نموه (مشاكل الحكامة ، الشركات ، ثقل الضرائب ، هيمنة القطاع غير المهيكل. إلخ).
يجب أن تكون فترة ما بعد كوفيد فرصة لوضع أسس النموذج السياحي الجديد وجعله قاطرة لتنمية البلاد. عبر ضمان إدارة أفضل للصناعة السياحية ، وتحسين قدرتها التنافسية ، ودعم السياحة الداخلية، وتسريع التحول الرقمي وزيادة قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية.
وباعتبار السياحة قطاعا أساسيا وحيويا بشفشاون، فقد أجمع العديد من الفاعلين في مجال السياحةبإقليم شفشاون على ضرورة مساهمة الجميع في إعادة إقلاع السياحة عبر وضع خطة محكمة تضعها في قلب المعادلة التنموية، وأن “استغلال وتثمين الجانب اللامادي لإقليم شفشاون، من ثقافة وتاريخ ومآثر وأدن وفن وتقاليد وعادات، يفرض بذل جهود إضافية لإثرائها وإضفاء قيمة مضافة عليها، بالإضافة إلى أهمية السياحة الالكترونية كأداة أساسية لتعزيز عامل الجذب السياحي، ودور وسائل التكنولوجيا الحديثة في الترويج والتوجيه كما التعريف بما يزخر به إقليم شفشاون من مؤهلات طبيعية وتاريخية وثقافية.


الكاتب : ذ . جميلة السعيدي

  

بتاريخ : 01/07/2020