الكونغرس الأميركي يقر عقوبات على الصين بسبب قانون الأمن القومي في هونغ كونغ وقطاع الأعمال يؤيده

أقر الكونغرس الأميركي الخميس قانونا يلحظ فرض عقوبات على المسؤولين الصينيين الذين يطبقون قواعد القمع الأمني الجديدة في هونغ كونغ، واستهداف المصارف التي تمولهم، وذلك في تصويت من شأنه إثارة غضب بكين.
ويتطلب دخول القانون حيز التنفيذ توقيعه من قبل الرئيس الأميركي، علما أن البيت الأبيض لم يعلن موقفه منه.
والخميس أقر مجلس الشيوخ ذو الغالبية الجمهورية النص بالإجماع وذلك غداة إقراره في مجلس النواب ذي الغالبية الديموقراطي، أيضا بالإجماع.
ويحظى القانون بدعم وتأييد الجمهوريين والديموقراطيين الساعين لزيادة الضغوط على بكين بمعزل عن الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية منذ أن أعلنت الصين قانونا للأمن القومي في المستعمرة البريطانية السابقة، ثم أقرته الثلاثاء.
وقال السناتور الديموقراطي كريس فان هولن المشارك في إعداد النص المدعوم من حزبه ومن الجمهوريين “توقيتنا لا يمكن أن يكون أكثر حرجا”.
وتابع “آمل ان يوقع الرئيس ترامب (مشروع القانون) هذا فورا”.
وأضاف السناتور الديموقراطي إنه “يجب على الجمهوريين والديموقراطيين إرسال إشارة قوية بأننا لن نتهاون مع أفعال بكين” مت هما إياها بخرق القانون الدولي بنقضها الاتفاقات التي وق عتها سابقا، و”بأننا لن نقف مكتوفي الأيدي بينما يسحقون الحريات في هونغ كونغ”.
واعتبر السناتور الجمهوري بات تومي المشارك في إعداد النص أن القانون يوجه “رسالة مفادها أن الولايات المتحدة والعالم الحر لن يتجاهلا أسوأ الممارسات” الصينية.
وصرحت بكين الخميس أنها “تأسف وتعارض بحزم” تصويت مجلس النواب. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية جاو ليجيان للصحافيين إن “هونغ كونغ، بما في ذلك القانون حول الأمن القومي، قضايا محض داخلية للصين ولا يستطيع أي بلد التدخل فيها”.
ويثير القانون الذي وقعه الرئيس الصيني شي جينبينغ الثلاثاء، قلق المعارضة في هونغ كونغ من تراجع غير مسبوق للحريات منذ أن أعادت بريطانيا المنطقة إلى الصين في 1997.
وتعتبر الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية وفي طليعتها المملكة المتحدة أن القانون يهدف إلى إسكات المعارضة بعد الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها هونغ كونغ العام الماضي للتنديد بتدخل بكين في شؤون المدينة الداخلية، والمطالبة بمزيد من الحريات.
وبعد اقل من 24 ساعة على دخول القانون حول أمن الدولة الذي فرضته بكين حيز التنفيذ، قامت الشرطة بأوائل الاعتقالات الأربعاء.
وفي حال وقعه ترامب سيسمح القانون لواشنطن بفرض عقوبات على “أي شخص يشارك في ممارسات لقمع الحريات الأساسية التي تم التعه د بها لسكان هونغ كونغ”، وفق ما أوضح السناتور تومي.
وشدد السناتور على نقطة “أساسية” في القانون “تغرم المصارف التي تقرر تمويل قضم الحكم شبه الذاتي في هونغ كونغ، المصارف التي تبدي مصالحها على حقوق الإنسان الأساسية” لأبناء هونغ كونغ.
وكانت واشنطن ألغت في نهاية ماي الوضع التفضيلي الممنوح لهونغ كونغ، بينما حذر وزير الخارجية الأميركي الأربعاء من أنه لا يستبعد فرض إجراءات أميركية جديدة.
والإثنين تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة بعدما أعلنت واشنطن وقف تصدير أعتدة عسكرية أميركية إلى هونغ كونغ ردا على فرض الصين قيود على منح تأشيرات السفر للرعايا الأميركيين.
والأربعاء قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنه لا يستبعد تبني إجراءات أميركية جديدة.
في موازاة ذلك، قدم نواب جمهوريون وديموقراطيون هذا الأسبوع مشروع قانون آخر لعرضه على مجلسي النواب والشيوخ يصنف سكان هونغ كونغ في خانة تخولهم طلب حق اللجوء، على غرار ما هو معمول به بالنسبة للكوبيين.
ويفتح مشروع القانون هذا المجال أمام اللجوء السياسي لناشطي الصف الأول في هونغ كونغ والمعرضين لخطر داهم، وفق النائب الجمهوري جون كورتيس المشارك في إعداد النص.
ويدعو النص وزير الخارجية الأميركي إلى تنسيق استقبال أبناء هونغ كونغ بصفة لاجئين مع دول أخرى تشاطر الولايات المتحدة الموقف نفسه. والخميس، أعلن الناشط ناثان لو، أحد أبرز الناشطين الشباب المدافعين عن الديموقراطية في هونغ كونغ، أنه فر إلى الخارج في أعقاب فرض بكين القانون.

قطاع الأعمال في هونغ كونغ يؤيد

أثار قانون الأمن القومي الجديد الذي فرضته الصين في هونغ كونغ مخاوف لدى العديد من أهالي هذه المدينة، لكن قطاع التجارة والأعمال أيده على نطاق واسع كسبيل لاستئناف الأنشطة التجارية في هذا المركز المالي المهم.
ويمنح القانون المثير للجدل السلطات الصينية صلاحيات غير مسبوقة في وقت تسعى لوضع حد للتظاهرات المطالبة بمزيد من الديموقراطية، والتي اجتاحت هونغ كونغ العام الماضي.ورغم تحذيرات مجموعات حقوقية ومحللين قانونيين من أن القانون يمكن أن يشكل ضربة قاصمة للحكم الذاتي وللحريات السياسية في المدينة، إلا أن هيئات عدة في قطاع التجارة والأعمال رحبوا به سبيلا لاستعادة الاستقرار.
ووصفت غرفة التجارة العامة لهونغ كونغ تبني القانون في وقت سابق هذا الأسبوع بأنه “مهم في المساعدة على استعادة الاستقرار والثقة إلى هونغ كونغ التي تضررت بشدة من الاضطرابات الاجتماعية منذ العام الماضي”.
وأضافت “نحتاج إلى بيئة مستقرة يسعى (القانون الأمني) إلى توفيرها”.
وانضم المصرفان البريطانيان العملاقان إتش إس بي سي وستاندرد تشارترد، اللذان يتمتعان بحضور كبير في هونغ كونغ وفي البر الصيني، إلى مؤسسات أخرى في دعم القانون علنا الشهر الماضي.
وقال محللون وشخصيات من قطاع الأعمال إن القانون يمكن أن يزيد من مخاطر وتعقيدات القيام بأنشطة تجارية في هونغ كونغ، لكنه من غير المرجح أن يتسبب بخروج جماعي للمؤسسات الأجنبية.
وسجلت بورصة هونغ كونغ ارتفاعا بنحو 3 بالمئة الخميس، تقدمته شركات العقارات مدفوعة برهان المستثمرين على أن يعيد القانون الاستقرار إلى المدينة.
ورأى المحلل السياسي لدى مركز لوي انستيتيوت الاسترالي للأبحاث بن بلاند أن “عقلية رجال الأعمال بشكل عام هي محاولة المضي قدما كما لو لم يتغير شيء والسعي لتجنب المخاطر السياسية”.
وقال “لذا لست مندهشا بهذا النوع من ردود الفعل التي شهدناها”.
وأضاف “لن نتدخل في سياسات هونغ كونغ”.
أثار نص القانون قلقا إزاء تعريفه الواسع للمخالفات ومنحه محاكم البر الصيني الخاضعة لسيطرة الحزب الشيوعي، سلطة على هونغ كونغ.
وتحولت المدينة إلى مركز مالي عالمي مهم بفضل سمعة قضائها المستقل لتصبح مكانا لفض النزاعات، وخصوصا مع شركات من الصين القارية.
والحكم الذاتي القانوني، الممنوح مع حريات أخرى للمواطنين، ضمنه لخمسين سنة اتفاق إعادة بريطانيا لمستعمرتها السابقة إلى الصين في 1997، بموجب مبدأ “دولة واحدة بنظامين”.
وأدى ذلك إلى قيام جدار حماية بين المدينة والنظام القضائي الصيني غير الشفاف، وساهم في أن تكون هونغ كونغ بوابة عبور لمؤسسات أجنبية إلى البر الرئيسي.
وقوض القانون الجديد ذلك النظام، وقالت نقابة محامي هونغ كونغ إنها تشعر “بقلق كبير” إزاءه.
ويهدد القانون ضمانات من بينها المحاكمات النزيهة والحقوق الأساسية وحرية التعبير، وفق ما ذكرت المنظمة في انتقادات لاذعة .
وفيما لن تكون هناك عمليات مغادرة مفاجئة على الأرجح، قال المحللون إن تلك الاحتمالات ربما ستزداد في المستقبل.
وقال وليام ني من منظمة العفو الدولية لبلومبرغ “على المدى البعيد، سيشجع القانون على الأرجح بكين وحلفائها المحليين على ممارسة ضغوط سياسية أكبر على الشركات وموظفيها للتقيد بشدة … بأجندة بكين”.
وأشار المحللون إلى استهداف بكين لمؤسسات على خلفية مسائل سياسية، وبشكل خاص ردة الفعل القوية تجاه شركة طيران هونغ كونغ كاثاي باسيفيك بسبب تقارير عن دعم موظفيها للتظاهرات المطالبة بالديموقراطية.
وبدوره تعرض مصرف إتش إس بي سي لضغوط من مسؤول تنفيذي سابق لهونغ كونغ موال لبكين قبل إعلانه عن تأييده القانون، وقال محللون إن الشركات ستكون حريصة على تجنب ذلك المصير.
لكن موقع هونغ كونغ كبوابة عبور لثروات الصين القارية، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، سيظل ربما في أولوية الاعتبارات بالنسبة للمستثمرين، وفق محللين.
فأسواق الأسهم والعقارات في المدينة غرقت بمليارات الدولارات من البر الرئيسي في السنوات الأخيرة.
وبنهاية 2019 بلغت حصة تلك الشركات 73 بالمئة، أو 3,4 ترليون دولار من القيمة السوقية، بحسب مجلس التنمية التجارية لهونغ كونغ.
وبعض أكبر الشركات الصينية الحكومية والخاصة مدرجة في بورصة المدينة.
ويشار إلى أن عملاق التجارة الالكترونية الصيني جي دي دوت كوم تمكن من جمع قرابة 4 مليارات دولار الشهر الماضي في ثاني أكبر عملية اكتتاب عام أولي هذا العام.
وقال جون بي ليو من مؤسسة ترابيكا لشركاء الاستثمار في تصريحات لبلومبرغ “أشعر بأن هذا سيزيد من تعقيدات العمل في هونغ كونغ أو من خارجها”.
وأضاف “لكن أعتقد أن هونغ كونغ لا تزال تتمتع بأهمية كبيرة جدا وهي المركز المؤدي إلى الصين التي هي سوق ضخم”.


بتاريخ : 04/07/2020