الناقد والأكاديمي سعيد يقطين: الثقافة الرقمية رهان الثقافة العربية اليوم

طالب بإعادة قراءة التراث العربي

أكد الناقد والأكاديمي المغربي ذ. سعيد يقطين أن الاهتمام بالثقافة الرقمية يظل رهان الثقافة العربية اليوم، وهو الرهان الذي انخرط فيه شخصيا ضمن مشروعة النقدي الذي أسس له منذ بداية الثمانينات إلى اليوم ،مشروع أنجز خلاله أعمالا اتصل بعضها بالسرد العربي، وبالثقافة الجديدة التي بدأت تفرض نفسها عبر الوسائط الحديثة للاتصال.
واعتبر الناقد يقطين، الذي حل ضيفا على سلسلة «حوارات وتجارب» التي ينظمها النادي الأدبي بالرياض يوم الأربعاء الماضي 15 يوليوز، أن اتجاهه للسرد كان شاملا منذ البداية لكل الأجناس والخطابات التي ينتجها الإنسان، وهو ما وفرته له الرواية التي حاول من خلال البحث فيها من أجل تقديم تصور ملموس للانطلاق في تحليل النصوص، بعيدا عن متاهات تعدد المناهج النقدية، مستفيدا من كل التجارب النقدية السابقة وباحثا عن موقع متميز يمكنه من المساهمة في طرح الأسئلة الضرورية للإجابة عن المتوقع من دراسة الأدب، وكل ذلك بغاية تطور الثقافة العربية أو الأدب العالمي الذي نتفاعل معه.

الاهتمام السردي والتراث

يؤكد الناقد يقطين أن اتجاهه إلى قراءة ونقد السرد العربي، جاء بعد اطلاعه على كتب السيرة الشعبية العربية التي انتهى من قراءة كل نصوصها في 1970. كما أن ميله إلى قراءة الشعر وكتابته في فترة معينة دفعه إلى قراءة الدراسات النقدية الشعرية قبل أن يتجه إلى قراءة المتن الروائي العربي ما بين الستينات وبداية السعينات، قبل تخصصه في هذا الجنس الأدبي الذي لايزال إلى اليوم يواصل الحفر في طبقات قوله مع الحفاظ على علاقته الوثيقة بالشعر، وإن في تماسها مع السرد لكونه يعتبر بخلاف ما كان سائدا في المشرق من كون الشعر العربي موسوما بالغنائية، في حين أن السرد يحضر فيه بقوة وهو ما يفكر مؤلف»قال الراوي» في الاشتغال عليه مستقبلا بتناوله للسردية في الشعر العربي وخاصة في المعلقات.
هذه السردية التي يفرق مؤلف «القراءة والتجربة» بينها وبين المرويات، يرى أنها تأسست باللغة في فضاء فرنسي، وهو ما جعل مثقفي ونقاد المغرب العربي وفي إطار علاقتهم القوية، ثقافيا ولغويا، بالمنجز السردي الفرنسي يحققون قفزة نوعية في دراسة هذا الأدب قياسا مع المشرق العربي الذي لم ينتبه نقاده إلى المسافة اللغوية أثناء الترجمة وتوليد المصطلحات وتعريبها، مؤكدا أنه ليس لدينا علاقة بتراثنا في ما يخص توليد المصطلحات عكس نقاد الغرب الذين اشتغلوا على توحيد المصطلحات رغم تعدد اللغات الأوربية، وهو ما جعله ينتبه في حمأة وزخم الترجمات التي ظهرت أواخر السبعينات وبداية الثمانينات من طرف الكتاب المغاربة والتونسيين إلى ضرورة تأصيل المصطلحات وتدقيق المصطلحية السردية العربية، خاصة مع ترجمات لأعمال ازدهرت آنذاك كأعمال تودوروف وبارث وجان جنيه.
وأكد بهذا الخصوص على أن المتناولين للمتن الروائي العربي لا يثيرون كبير اهتمام لمسألة المصطلحات التي تتطور ولها تاريخ لا يتم ، لسوء تقدير، الانتباه إليه بل يقتصر التعامل معها بغاية توظيفها كعلبة أدوات أو مفاتيح دون مواكبتها وتطويرها، ما يجعل التعامل معها يتم بمنطق «انتهازي». ولم يفت الدكتور يقطين التمييز بين السرديات والمرويات حين اعتبر أن الأولى تدل على أنواع معينة عكس المرويات الكبرى التي تمثل المشترك في ثقافات معينة حسب مستويات هذه المرويات، ويتم الحديث من خلالها عن متخيل هذه الثقافات.

الثقافة الشعبية والثقافة العالمة

يرى مؤلف» الأدب والمؤسسة والسلطة» أن الثقافة الشعبية العربية والثقافة العالمة أنتجتا نصوصا سردية عربية غنية، منها ما اختفى ومنها ما لايزال متواصلا ، مثيرا في هذا الصدد أن الدراسات السردية القديمة لم تهتم بالسرد أو الخبر رغم أن العرب اهتموا بتدوين كتب الأخبار (كتاب الأغاني مثلا)، داعيا إلى تشكيل مكتبة سردية عربية موحدة. وأكد الناقد أن السيرة الشعبية لوحدها كافية لإبراز خصوصيات السرد العربي، لكن هذا التراث الغني والمتنوع لم يهتم به لأنه كان يعتبر ثقافة من درجة ثانية ، ولم تكن له القيمة الرسمية كما للشعر والأجناس المعترف بها، وهو ما استمر حتى العصر الحديث إذ تم إهمال ما يسمى السرد العربي من طرف كتب تاريخ الأدب.
وطالب يقطين في هذا السياق بإعادة قراءة التراث العربي وتاريخ الأدب العربي والثقافة العربية، بكيفية مختلفة عما تكرس في القرن 19 وبداية القرن 20، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا عبر الخوض في غمار تجنيس الأنواع السردية و البحث خصوصياتها، وتطورها التاريخي لإعطاء السرد العربي قيمة خاصة.03


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 18/07/2020

أخبار مرتبطة

لا شك أن الفنانة كرسيت الشريفة، سوف تبقى شخصية غنية خصبة متعددة الجوانب، لأنها لم تكن فنانة اعتيادية أو مؤدية

  على بعد أيام من تخليد العيد الأممي للطبقة العاملة، تعود الشغيلة الصحية للاحتجاج، تعبيرا منها عن رفضها للإقصاء الذي

  تشكل القراءة التاريخية لتجارب بعض الأعلام المؤسسة للفعل السياسي و الدبلوماسي في المغرب المستقل، لحظة فكرية يتم من خلالها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *