من المنتظر أن تنظر المحكمة الإدارية بأكادير، خلال هذه الأيام، في الدعوى المرفوعة ضد كاتب المجلس الجماعي لمدينة أيت ملول المدعو(ح،ح) في موضوع استغلال النفوذ وحالة التنافي، حيث تم الطعن فيه على خلفية استفادة جمعية يسيرها والده المدعو(ص،ح) من المنحة السنوية التي تمنحها الأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي للجمعيات.
ونظرا لوجود قرابة عائلية بين مسير الجمعية المستفيدة من المنحة وبين العضو الجماعي المذكور(كاتب المجلس)، فالوضعية إذن تتمثل في حالة التنافي،علما أن العضو نفسه سبق له أن طالب بتطبيق حالة التنافي في حق عضو جماعي آخر، ملحا في تدخلاته على تطبيق ذات الإجراءات القانونية التي تجاهلها هو اليوم في حق رئيس الاتحاد الرياضي البلدي لأيت ملول، العضو الجماعي والرئيس السابق للمجلس الجماعي الحسين أضرضور،لا لشيء إلا لأنه ينتمي لحزب الوردة.
والأدهى من كل هذا أن الأغلبية المسيرة للمجلس خيرت العضو رئيس الاتحاد الرياضي البلدي بين الاستقالة من المجلس للحصول على منحة الفريق الرياضي أو استمرارية عضويته وبالتالي حرمان الفريق من منحته السنوية بدعوى وجود حالة التنافي، ولذلك فضل رئيس النادي الحسين أضرضور الاستقالة من المجلس الجماعي حتى لا يحرم الفريق الأول بالمدينة من هذه المنحة السنوية.
لكن هذا لم يطبق على كاتب المجلس لأن الخطأ نفسه كرره، للأسف الشديد، دون أن تخيره الأغلبية المسيرة المنتمية لحزب المصباح الخيارات ذاتها التي فرضتها على رئيس النادي الرياضي البلدي لأيت ملول، فهل هو حلال على البعض وحرام على الآخرين، أم أن التهافت على المنح السخية أعمى البصر والبصيرة معا لهؤلاء في هذه النازلة التي تبت فيها حاليا المحكمة الإدارية بأكَادير؟
هذا، وإذا كان هذا الملف أمام المحكمة، الآن، فإن وزارة الداخلية مدعوة لإيفاد لجن تفتيش إلى المجلس الجماعي لمدينة أيت ملول لفتح تحقيق حول المنح السخية الممنوحة للجمعيات، والتي تمتص ميزانية ضخمة ومهمة من المال العام، وذلك للتوقف على حجم ما يخصصه المجلس الجماعي في ميزانية التسيير من اعتمادات مالية تمنح لفائدة بعض الجمعيات، والتأكد من مدى خلو هذه العملية من وجود حالة التنافي ومن وجود ولاءات حزبية.
بل أصبح طلب إيفاد لجن تفتيش أكثر إلحاحا، خاصة أن المعارضة تشير إلى شبهات عديدة وأن بعض الجمعيات المستفيدة من المنح السخية يسيرها إما أعضاء المجلس الجماعي من الأغلبية أو المقربين منهم عائليا ويحملون نفس الألقاب أو الموالين لهم سياسيا، وفتح تحقيق في العديد من الشراكات المبرمة بين هذه الجمعيات وبين المجلس الجماعي لمعرفة المعايير الحقيقية والنزيهة التي تحكمت في عمليات التوزيع السخي والتحقق من مقياس الغربال السياسي الذي تورط فيه المجلس، وبشكل مريب، في قبول الجمعيات الموالية له وإقصاء البعض منها بدعوى عدم انتماء مسيريها للحزب المعلوم، حسب ما يروج من أخبار .
ومن ثمة فالكرة الآن مرمية في زاوية وزارة الداخلية لإيفاد لجن تفتيش والبحث من أجل تأكيد ما يروج أو تكذيبه والتحقيق أيضا في المنح الموزعة على بعض الجمعيات بشكل سخي، وذلك إعمالا فقط للقانون وتطبيقه على الجميع.
كما أن عامل عمالة إنزكَان أيت ملول، مطالب كذلك بتنفيذ ذات الجرأة القانونية الصارمة في ردع كل المخالفات المرتكبة، حتى ولو تطلب ذلك مرة أخرى حصد رؤوس أخرى، وإحالة ملفات ساخنة من هذا النوع على القضاء ليقول كلمته فيها، مثلما تجرأ وأحال مخالفات مرتكبة في التعمير بالجماعة الترابية لأيت ملول، وكذا المخالفة العقارية المشهورة ببلدية الدشيرة الجهادية، على القضاء.
وارتباطا بسياق توزيع المنح السخية على بعض الجمعيات، فقد سبق للمعارضة الاتحادية داخل المجلس أن دقت ناقوس الخطر بشأن تدني ميزانية المجلس الجماعي لمدينة أيت ملول بعد أن سجلت في دورتها الأخيرة فائضا بئيسا لا يتجاوز 50 مليون سنتيم، وهو أضعف فائض سنوي منذ أن كانت الجماعة قروية، أي منذ ما يزيد عن 44 سنة.
لذلك نبهت المعارضة الأغلبية المسيرة المنتمية لحزب المصباح إلى خطورة استنزاف ميزانية الجماعة الترابية وامتصاصها في أشياء تافهة من أبسطها التغذية التي امتصت ميزانية مهمة، هذا في الوقت الذي تفتقر فيه مدينة أيت ملول إلى أبسط التجهيزات ومن ضمنها، على سبيل المثال لا الحصر، حاويات الأزبال وشاحنات نقل النفايات، التي لا يتم تجديدها، بدليل أنه لم يتم خلال هذه الولاية الانتدابية إلا اقتناء شاحنة واحدة مع أن نفايات المدينة تضاعفت كمياتها المنزلية والصناعية بشكل كبير ولافت للنظر في السنوات الأخيرة…


