كورونا تحول» الشاطو « بحي التقدم إلى شبه ساحة حرب

الرباط تقاوم كورونا بالعصا والجزرة

 

الشاطو وعلى غير عادته بدا مساء الاثنين 17 غش «الشاطو»، وعلى غير عادته، بدا مساء الاثنين 17 غشت 2020 شبه خال، حيث دعت السلطات الناس إلى التزام بيوتهم وعدم مغادرتها إلا للضرورة القصوى كإجراء وقائي للتصدي لانتشار جائحة كورونا.
كان الوقت قرابة الساعة السابعة مساء حيث اقترب موعد إغلاق الحي، على غرار الأحياء الأخرى التي تم إغلاقها بالمنطقة، إذ يتم غلق المنافذ في تمام الساعة الثامنة مساء، بواسطة أعوان السلطة وبعض من رجال القوات المساعدة.
وفي مقابل هدا الإجراء الاحترازي تم غلق كل المقاهي والصالات الرياضية والحمامات وكل نشاط غير مهيكل بالمنطقة باستثناء محلات بيع المواد الغذائية.
أحيطت منافذ الحي بأحزمة من رجال الشرطة والقوات المساعدة الذين طوقوا المنطقة بصرامة وحرص، مشددين على المواطنين بالحفاظ على التباعد الاجتماعي بينهم، وأيضا حمل الكمامات . لكن استهتار المواطنين وعدم وعيهم بخطورة الأوضاع جعلهم يضربون عرض الحائط كل هذه الإجراءات، حيث يلتزمون بها أمام أنظار المسؤولين، وما أن يبتعدوا حتى يخلعون كماماتهم وهذا يعانق ذاك والآخر يمرر السيجارة من فمه لأصحابه، ويختبؤون في الأزقة أمام منزل أحدهم، ليهربوا فور سماع أو رؤية أحد عناصر القوات المساعدة قادما، والمهول في الأمر أن من ينبههم هم نساء هرمات اصطففن عبر سطوح منازلهن أو من خلال النوافذ ، زد على ذلك مجموعة مهمة من السكان يجتمعون أمام المقاهي الموصدة أبوابها، في تحد منهم للمسؤولين، وكأنه بالنسبة لهم الوباء ينحصر فقط في شارع الحي الرئيسي بينما لا وجود له في الأحياء المجاورة .
كأنك في وسط حرب باردة بين شباب الحي وعناصر الشرطة أو القوات المساعدة، حيث يأمر هؤلاء العناصر الناس بالدخول لمنازلهم، بكل جدية وصرامة، وفي المقابل يستهزئ الشباب بهم بل ويتحدون بعضهم بعدم مبارحة أماكن وقوفهم، معولين على افتعال المشاكل، في حين اكتفى البعض الآخر بالنزول إلى حومة كانت تعرف رواجا تجاريا من طرف أصحاب «الفراشات»، يراقبون فيها بصمت وتلصص ابتعاد العناصر حتى يتمكنوا من التنقل بين أزقة الحي الضيقة والمتشابكة، بكل أريحية .
«عبد لله» ذو العقد الثالث من عمره صاحب دكان في الحي قال في هذا السياق: إنه مضى أسبوع على صدور قرار إغلاق الحي، حيث يتم إخلاؤه تماما من الناس، مشيرا إلى أنه يؤيد هذا الإجراء مادامت الدولة ستعوض المتضررين من السكان لأن أغلبهم يعيش من «الفراشة » (بيع ملابس ، أحذية … ) وأنه جد سعيد بوجود هدا الكم من رجال الأمن لأنهم ساهموا بشكل غير مباشر في انخفاض نسبة الإجرام التي تشتهر بها أحياء التقدم على رأسها حي « الشاطو» و»البيزانطا «، ويدعو سكان الحي إلى التعاون مع السلطات للحد من انتشار الفيروس أولا وثانيا لسرعة التخلص من هذا الحجر .
في ذات الصدد تساءلت « عبير» واحدة من سكنة الحي وابنة صاحب مقهى مجاور تم غلقه عن مدة استمرار الإجراءات المتخذة في مقابل ارتفاع سومة الكراء وتزايد المصاريف اليومية والديون، مضيفة أنه على الدولة تعويض المتضررين عن الخسائر التي تراكمت عليها، لولا مساعدات المحسنين والسكان في ما بينهم وتساهل أصحاب المحلات التجارية مع الأسر الفقيرة .
وفي نفس السياق ترى نساء المنطقة أنه حبذا لو يستمر تواجد رجال الأمن لكن مع رفع إجراءات الحجر الصحي لأنهم لعبوا دورا مهما في انخفاض نسبة الإجرام.
بدا في لحظتها أن هم المواطنين ليس البحث عن لقمة عيش بقدر ما كان همهم الخروج والجلوس في المقاهي .
وبالنسبة لأصحاب «الفراشات» فمنهم من امتثل لأمر السلطات ومنهم من يستقبل الزبناء في منزله ومنهم من اكتفى بعرض سلع قليلة جدا أمام عتبة منزله، بحسب قول ستينية من المنطقة بكل غضب «واخا يدخلو غا 50 درهم فالنهار را زايدا فيهم».
تقاوم مدينة الرباط الفيروس عبر تشديد إجراءات الدخول إليها عبر القطار والسيارات ومراقبة المحطة الطرقية، في محاولة لدرء الأخطار، لكن تضارب القرارات يشكل أحيانا عائقا للسلطات الأمنية والمحلية، حيث الرباط مدينة عبور وربط أساسية وهي إدارية بل مركز الإدارة وعقلها المدبر لكل الوطن، فهل يعمل أصحاب القرار على مزيد من الإبداع في زمن انهيار المنظومة الصحية والأفق المجهول للوباء الذي حير العالم؟


الكاتب : القبابي مريم – صحفية متدربة الرباط

  

بتاريخ : 20/08/2020

أخبار مرتبطة

  لا تزال التداعيات المتعلقة بوقف استفادة العديد من الأسر من التغطية الصحية المجانية، بسبب ما تم وصفه بـ «إعادة

لكي يتم تفعيل استفادة المنتقلين من «أمو «تضامن» إلى «الشامل» مع ما يعني ذلك من تهديد لأرواحهم وسلامتهم طيلة هذه

  تتواصل محنة ساكنة الزنقة 8 و 19 و 20 بدرب الدوام ودرب الحجر بمقاطعة سباتة بمدينة الدارالبيضاء مع مظاهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *