في حوار مع نائب رئيس الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء بالمغرب الدكتور عمر الشراك

الحكومة تسرعت في رفع الحجر الصحي ولم تواكب قرارها بحملات توعية وتحسيس ليفهم المواطن بأن رفع الحجر ليس معناه القضاء على الوباء

 

 

عرفت الوضعية الوبائية بجهة الشرق إلى حدود 26 غشت الجاري، تصاعدا في عدد الإصابات الجديدة بمرض «كوفيد 19» الذي يسببه فيروس كورونا المستجد بتسجيل 1051 حالة إيجابية منذ بداية الجائحة، وضرب الفيروس، بقوة، أقاليم كانت خالية من الفيروس أو سجلت حالات إصابة ضئيلة كجرادة، تاوريرت، فجيج وجرسيف، عن هذه الوضعية المتصاعدة التقت «الاتحاد الاشتراكي» بالدكتور عمر الشراك، نائب رئيس الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء بالمغرب، عضو مؤسس للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، فكان الحوار التالي:

 

لاحظنا تصاعدا يوميا في عدد الإصابات بفيروس كورونا بجهة الشرق بعد أن تم إعلانها أواخر شهر ماي الماضي خالية من الفيروس، هل يمكنك تقريبنا من الوضعية الوبائية الحالية بالجهة عموما وبمدينة وجدة على الخصوص؟

الوضعية الوبائية بجهة الشرق لا تختلف عن الوضعية الوبائية للمغرب في هذه الآونة، بمعنى أننا لاحظنا منذ أزيد من شهر تصاعدا كبيرا في عدد الحالات الإيجابية وكذلك الحالات الحرجة التي تستلزم الإنعاش وفي بعض الأحيان التنفس الاصطناعي. والجهة بأقاليمها الثمانية عرفت إصابات تتفاوت أعدادها ما بين إقليم وإقليم، غير أن العامل المشترك بينها، تقريبا، كون الحالات التي ظهرت كلها وافدة إما من خارج المغرب، المغاربة الوافدين من الجزائر، أو الوافدين قبيل عيد الأضحى من جهات أخرى عرفت انتشارا كبيرا للوباء كفاس، طنجة، مراكش والدار البيضاء…

تنقل المواطنين من جهة إلى أخرى تسبب في ارتفاع عدد الإصابات، فهل في نظرك تم التسرع في رفع الحجر الصحي؟

الحجر الصحي أعلن في المغرب في مرحلة مبكرة يمكن أن يقال بأن الوضع فيها كان غير مقلق جدا، لذا أظن، وهذه وجهة نظري الشخصية، بأن رفع الحجر الصحي شابته مشكلتان الأولى كون الحكومة كانت جد سريعة ومتسرعة في قرارات رفعه، والمشكل الثاني الذي كان له وقع كبير في أن نصل إلى هذا الكم الهائل من الإصابات، هو أنه لم يواكب بحملات توعوية وتحسيسية ليفهم المواطن بأن رفع الحجر ليس معناه القضاء على الوباء، بل أن نحاول التعايش مع الوضع ونبقى محافظين على الوسائل الوقائية والإجراءات الاحترازية ونصر على تطبيقها، كوضع الكمامات وغسل اليدين والتباعد الاجتماعي… وخصوصا وضع الكمامات التي أصبحت ملزمة بقوة القانون لأننا نرى بأن هناك تراخ لا من المواطنين ولا من السلطات.

وكيف يتم التعامل حاليا مع هذا الوضع المقلق؟

في ما يتعلق بكل ما هو صحي، تعاملت وزارة الصحة مع الوضع بشكل جد إيجابي، تم تجهيز المستشفيات بكل ما يلزم، والأطباء والممرضون واعون بالوضع ويعملون ليل نهار، وعلى الرغم من أنه في بعض المناطق مثل طنجة وفاس ومراكش أحسوا بالتعب من كثرة الحالات المسجلة وتم تعزيزيهم بمساعدات من مناطق أخرى، غير أن التعامل بقي بنفس الوتيرة التي كان عليها منذ بداية الجائحة، حيث نرى المرضى والمخالطين ونقوم بالتحاليل ومن جاءت نتيجته إيجابية يدخل المستشفى وتقدم له العلاجات اللازمة مجانا.
التعامل الثاني هو تعامل السلطات مع المواطنين، وأرى بأنه وقع بعض التراخي، لا من يراقب ولا من يحاسب، القليل فقط من يلتزم بوضع الكمامة وعلى الرغم من أنها أصبحت ملزمة بقوة القانون إلا أن السلطات المعنية لا تتدخل لردع المخالفين، ولا تتدخل أيضا لتوعية المخالفين للتباعد الاجتماعي ومعاقبتهم إذا استوجب الأمر، وقد رأينا كيف كانت الأسواق قبيل عيد الأضحى والاكتظاظ الحاصل حاليا في المقاهي والمطاعم وكأننا لسنا في فترة وباء، ولا تشعر بوجود هذا الوباء عند رؤية الأسواق تعج بالمتسوقين وشاطئ السعيدية يعج بالمصطافين، لذا يجب أن يعرف المواطنون بأننا جميعا في خطر وعليهم أن يعوا ذلك ويلتزموا بجميع شروط الوقاية.

هل يمكنك إعطاء صورة عن الظروف التي يشتغل فيها مهنيو قطاع الصحة من أطباء وممرضين بجناح كوفيد بمستشفى الفارابي بوجدة وبمستشفيات جهة الشرق؟

الظروف التي نشتغل فيها في المستشفيات وفي الأماكن التي يتم فيها العناية بمرضى «كوفيد 19»، هي نفسها التي بدأنا فيها، لا نقول إنها ظروف ملائمة ولكن لحد الآن هناك وسائل الوقاية ووسائل العلاج، في مقابل نقص الموارد البشرية أمام ضغط الحالات المسجلة، خاصة وأن هذا المرض، الذي لا يستثني أحدا سواء كان كبيرا أو صغيرا، أصاب عددا من الأطباء والممرضين شافاهم الله جميعا.

كلمة أخيرة:

كلمتي الأخيرة أوجهها للمواطنين عموما ومواطني جهة الشرق ووجدة على الخصوص، نحن لم نخرج من الوباء بالعكس نحن في مرحلة اشتد فيها الوباء وأصبح في ذروته، ونرى الأعداد تتكاثر بشكل مخيف والأعداد التي تستلزم الإنعاش في ارتفاع، نتمنى أن تعوا بأننا بحاجة للتماسك والتعاون لكي يحاول كل واحد منا وقاية نفسه وأسرته وأحبائه، وفي ذلك حماية لوطننا.


الكاتب : حاورته : سميرة البوشاوني

  

بتاريخ : 29/08/2020