مستعجلات البيضاء عاشت في عاشوراء ليلة دامية بطعم الاستثناء

استقبلت مصابين بالماء الحارق والشهب بعضهم كان في حالة حرجة

 

تتبع المغاربة بكثير من الألم والغضب المشاهد والأحداث العنيفة التي شهدتها ليلة عاشوراء، تحت داعي الاحتفال بطقوسها، والتي تواصلت إلى غاية الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، في ليلة لم يهدأ صخب ودوي المفرقعات فيها، ولم تخب النيران المشتعلة عبر مختلف الأحياء إلا بعد جهد جهيد. مشاهد تراشق وصراع، بعضها عن عمد، والبعض الآخر كان نتاجا لتلك الجلبة والازدحام وما رافقهما، مما أدى إلى إصابة العديد من الأشخاص من فئات عمرية مختلفة، وجعل مصالح مستعجلات المستشفيات بالعاصمة الاقتصادية، على سبيل المثال لا الحصر، تعيش بدورها ليلة ليلاء، من أجل التكفل بالمصابين الذين اختلفت نوعية ودرجات إصاباتهم من شخص لآخر.
مستعجلات مستشفى ابن رشد، لم تعرف ليلة عادية خلال عاشوراء كما كان يعتقد البعض، إذ استقبلت 8 ضحايا، 7 منهم كانت حالتهم خفيفة، في حين تم التأكيد على أن حالة واحدة كانت حرجة، وفقا لمصادر ” الاتحاد الاشتراكي”. وفي ابن مسيك، تكرر نفس المشهد، إذ تم استقبال 25 حالة لأطفال وشبان وراشدين، اختلفت آثار الليلة على أجسادهم، ضمنهم رجل أمن وأحد عناصر السلطة المحلية. واقع دامي شهدته كذلك مستعجلات مستشفى مولاي رشيد التي استقبلت حوالي 15 ضحية، أغلبهم من صغار السن تراوحت أعمارهم ما بين 8 و 14 سنة، 5 منهم أصيبوا بحروق ما بين الدرجة الأولى والثانية على مستوى الأقدام، و 4 تعرضوا لتبعات قنبلة غازية بالهراويين، في حين أصيب آخر بشهاب على مستوى العين، وتعرض شخصين اثنين للرشق بالماء الحارق، إلى جانب إصابات أخرى؟
ليلة دامية، أكدت مصادر صحية لـ ” الاتحاد الاشتراكي” أنها كانت استثنائية خلال هذه السنة بالنظر للعدد المرتفع للمصابين الذين توافدوا عليها، في الوقت الذي تمر فيه بلادنا من وضعية طوارئ صحية تقتضي التقيد بتدابيرها وتفادي الازدحام والتقارب، والخروج والتنقل في الشوارع إلا للضرورات، إلا أنه وبكل أسف، لم يعر الكثير من المواطنين الأمر أدنى اهتمام، وهو ما يؤكد بأن عدوى الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19، وجدت فضاء مواتيا للانتشار خلال تلك الليلة.
مستعجلات ظلت يقظة للتعامل مع متلف الحالات التي قد ترد عليها، سواء بسبب تبعات عاشوراء، أو التي تعاني من عارض صحي، وإذا كان بعضها قد توافد عليه ضحايا بإصابات مؤلمة ومختلفة، فإن مستعجلات بوافي، نموذجا، عاشت حالة من الهدوء مقارنة بالسنة الفارطة، وهو ما يعكس نوعية التدخلات التي تم القيام بها على مستوى الشارع العام، من أجل تفادي حدوث مواجهات وأحداث خطيرة، تتعلق بإشعال النيران وغيرها من المشاهد الأخرى، وهي النتيجة التي تأتى تحقيقها، وفقا لمصادر الجريدة، بفضل الاستراتيجية الأمنية التي أشرف على تطبيقها رئيس المنطقة بالنيابة وحرص على تنفيذ محاورها باقي المعنيين بالشأن الأمني.
ولم تقتصر مشاهد الفوضى والعنف على ليلة عاشوراء، إذ تواصلت عدد من مظاهرها يوم الأحد، من خلال التراشق بالماء العادي والماء الحارق والبيض الفاسد وغيرها بمختلف أحياء وشوارع المدينة، بدرب غلف وبوركون وعين الشق والبرنوصي وسائر تراب العاصمة الاقتصادية، إلى جانب درب السلطان، الذي عرفت إيقاف أكثر من 20 مراهقا بكيفية سلسلة وفي تدخلات مختلفة ببعد وقائي ساهمت في كبح جماح اليافعين وتوقفهم عن تلك الممارسات على مستوى الشوارع الرئيسية للمنطقة.
وأعلنت الشرطة أن العمليات الأمنية ليل السبت الأحد لتطبيق إجراءات منع التجمعات المرتبطة بمراسم احياء ذكرى عاشوراء، أسفرت عن ثلاثين جريحا وتوقيف 157 شخصا.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي شبانا يحرقون اطارات في عدة أحياء في الدار البيضاء والعاصمة الرباط ومواجهات مع الشرطة.
وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني الأحد أنه “تم توقيف 157 شخصا من بينهم قاصرون وذلك للاشتباه في تورطهم في أعمال الشغب والرشق بالحجارة ومقاومة عناصر القوة العمومية وإضرام النار في العجلات المطاطية بالشارع العام”.
وأعلن المصدر نفسه “أن هذه العمليات الأمنية الميدانية نتج عنها أيضا إصابة 17 موظفا للشرطة و11 عنصرا من القوات العمومية بجروح وإصابات جسدية مختلفة جراء تعرضهم للرشق بالحجارة والمفرقعات النارية بالإضافة إلى تسجيل خسائر مادية وتكسير للواقيات الزجاجية بثماني سيارات تابعة لمصالح الأمن الوطني وسيارتين تابعتين للسلطات المحلية، فضلا عن إحصاء خسائر مادية بمجموعة من السيارات والممتلكات الخاصة”.
وفي المقابل، يضيف المصدر ذاته، مكنت العمليات الأمنية الاستباقية من حجز العشرات من الإطارات المطاطية وحوالي ألف وحدة من الشهب والمفرقعات النارية، كانت معدة للاستعمال خلال الاحتفالات بهذه المناسبة.
وأوضح البلاغ أن المشتبه فيهم الراشدين تم الاحتفاظ بهم تحت الحراسة النظرية، فيما أخضع القاصرون للمراقبة الشرطية، رهن إشارة الأبحاث التي تجريها فرق الشرطة القضائية بإشراف من النيابات العامة المختصة، وذلك لتحديد كافة الأفعال الإجرامية المنسوبة إليهم.
ويحيي المسلمون الشيعة في العاشر من شهر محرم، ذكرى عاشوراء، يوم مقتل الامام الحسين حفيد النبي محمد (ص) في معركة كربلاء عام 680.
وكانت السلطات المغربية حظرت نهاية الاسبوع إحياء ذكرى عاشوراء في بعض المناطق خصوصا التجمعات في الاحياء واستخدام المفرقعات.
والهدف هو فرض احترام التدابير الصحية الوقائية الرامية الى وقف تفشي فيروس كورونا المستجد.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 01/09/2020