خيار التعليم بصيغة التناوب في‮ ‬زمن الجائحة‮: ‬الأسر والكتبيون في‮ ‬حيرة جماعية‮…‬

 

‮ ‬على بعد ساعات،‮ ‬ينطلق الدخول المدرسي‮ ‬الجديد الذي‮ ‬يتسم بخصوصية‮ ‬غير مسبوقة فرضتها الوضعية الوبائية بالمملكة بفعل تفشي‮ ‬جائحة‮ (‬كوفيد‮-‬19‮) ‬التي‮ ‬لا تزال تعاني‮ ‬منها مختلف بلدان العالم‮.‬
وسيكون الدخول المدرسي‮ ‬2020‮ – ‬2021‮ ‬على إيقاع التعليم بالتناوب بين الحضوري‮ ‬وعن بعد،‮ ‬كخيار لجأت إليه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني‮ ‬والتعليم العالي‮ ‬والبحث العلمي‮ ‬لكسب رهان ضمان إجراء السنة الدراسية في‮ ‬أفضل الشروط،‮ ‬بعد أن نجحت في‮ ‬إيصال الموسم الدراسي‮ ‬السابق إلى بر الأمان رغم صعوبة الظرفية الوبائية‮ “‬ورغم المؤشرات التي‮ ‬كانت ترجح عدة فرضيات منها اعتبار الموسم الدراسي‮ ‬2019‮-‬2020‮ ‬سنة بيضاء‮”.‬مع مطلع شهر‮ ‬غشت الماضي،‮ ‬ارتفعت وتيرة تفشي‮ ‬الوباء بشكل مخيف بالمملكة سواء على مستوى الإصابات المؤكدة أو الوفيات أو الحالات الحرجة،‮ ‬مما دفع بالوزارة الوصية إلى ترتيب الأوراق وفق تطور الوضعية الوبائية،‮ ‬بحثا عن منافذ لانطلاقة آمنة لموسم دراسي‮ “‬غير واضح المعالم‮” ‬كعدم وضوح سيرورة وباء كان وزير الصحة خالد آيت الطالب وصفه في‮ ‬البدايات الأولى لانتشاره بالمغرب بأنه‮ “‬مجهول التصرف‮”.‬
والخطاب الملكي‮ ‬السامي‮ ‬بمناسبة الذكرى ال67‮ ‬لثورة الملك والشعب وضع جميع القطاعات الحية بالبلاد أمام مسؤولياتها بعد أن قدم تشخيصا دقيقا وصريحا للوضع الوبائي‮ ‬أكد فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس أنه‮ “‬لا‮ ‬يبعث على التفاؤل‮”‬،‮ ‬قبل أن‮ ‬يضيف جلالة الملك أنه‮ “‬بدون الالتزام الصارم والمسؤول بالتدابير الصحية،‮ ‬سيرتفع عدد المصابين والوفيات،‮ ‬وستصبح المستشفيات‮ ‬غير قادرة على تحمل هذا الوباء،‮ ‬مهما كانت جهود السلطات العمومية،‮ ‬وقطاع الصحة‮”‬،‮ ‬وقبل أن‮ ‬يدعو جلالته‮ “‬كل القوى الوطنية،‮ ‬للتعبئة واليقظة،‮ ‬والانخراط في‮ ‬المجهود الوطني،‮ ‬في‮ ‬مجال التوعية و التحسيس وتأطير المجتمع،‮ ‬للتصدي‮ ‬لهذا الوباء‮”.‬
ونبه صاحب الجلالة إلى أنه‮ “‬بدون سلوك وطني‮ ‬مثالي‮ ‬و مسؤول،‮ ‬من طرف الجميع،‮ ‬لا‮ ‬يمكن الخروج من هذا الوضع،‮ ‬و لا رفع تحدي‮ ‬محاربة هذا الوباء‮”.‬
وفتحت الأرقام المهولة والمتزايدة المتعلقة ب(كوفيد‮-‬19‮) ‬بالمملكة طيلة شهر‮ ‬غشت الماضي‮ ‬الباب أمام قراءات بلغت حد التخوفات بشأن الموسم الدراسي،‮ ‬لتعلن وزارة التربية الوطنية‮ ‬يوم‮ ‬22‮ ‬غشت عن قرارها باعتماد‮ “‬التعليم عن بعد‮” ‬كصيغة تربوية في‮ ‬بداية الموسم الدراسي‮ ‬2021‮ -‬2020،‮ ‬الذي‮ ‬سينطلق في‮ ‬7‮ ‬شتنبر بالنسبة لجميع الأسلاك والمستويات بكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية‮.‬
وأوضحت الوزارة أنه سيتم توفير‮ “‬تعليم حضوري‮” ‬بالنسبة للمتعلمين الذين سيعبر أولياء أمورهم،‮ ‬عن اختيار هذه الصيغة،‮ ‬معللة قرارها هذا بالوضعية الوبائية المقلقة التي‮ ‬تعيشها المملكة حاليا،‮ ‬والتي‮ ‬تتسم بارتفاع كبير في‮ ‬عدد الحالات الإيجابية وفي‮ ‬عدد الأشخاص في‮ ‬وضعية حرجة وعدد الوفيات‮.‬
وبعد ذلك،‮ ‬أعلنت الوزارة أن استمارة التعبير عن الرغبة في‮ ‬الاستفادة من التعليم الحضوري‮ ‬بالمؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية برسم الموسم الدراسي‮ (‬2020‮- ‬2021‮) ‬متوفرة من خلال خدمة‮ “‬ولي‮” ‬لمنظومة‮ “‬مسار‮” ‬للتدبير المدرسي‮.‬
وفي‮ ‬رأي‮ ‬عدد من المسؤولين التربويين،‮ ‬يندرج اعتماد نموذج تربوي‮ ‬يقوم على التناوب الدراسي‮ ‬بين الحضوري‮ ‬وعن بعد في‮ ‬إطار رؤية تقوم على تنويع مناهج وأساليب التعليم والتدريس،‮ ‬مع الحفاظ على الأسس المنهجية التي‮ ‬يرتكز عليها النظام التربوي‮ ‬المغربي،‮ ‬كما أنه‮ ‬يتيح إطارا منهجيا من شأنه ضمان مواكبة النظام البيداغوجي‮ ‬المغربي‮ ‬للتحولات التي‮ ‬تعرفها البيئة الاجتماعية،‮ ‬مع فسح المجال للأساتذة لاستكشاف آفاق وأساليب جديدة للتعليم،‮ ‬وإتاحة الفرصة للطلبة للانفتاح على آفاق جديدة للتعلم كما هو الشأن بالنسبة للآليات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي‮.‬
ورأت هيئات نقابية وأخرى مهتمة بالشأن التربوي‮ ‬أن إنجاح الدخول المدرسي‮ ‬الجديد‮ ‬يتطلب تدابير وقائية جد صارمة وقرارات مسؤولة،‮ ‬مؤكدة أن تطور الحالة الوبائية‮ ‬،‮ ‬بالشكل الذي‮ ‬هو عليه اليوم‮ ‬،‮ ‬يقتضي‮ ‬بالضرورة مراجعة وتعديل المقرر الوزاري‮ ‬المتعلق بالدخول المدرسي،‮ ‬الذي‮ ‬ينص على اعتماد التعليم عن بعد‮ (‬في‮ ‬7‮ ‬شتنبر القادم‮)‬،‮ “‬مع انتقادها لوضع الآباء وأولياء أمور التلاميذ أمام خيارين أحلاهما مر،‮ ‬وذلك عبر الاختيار ما بين التعليم عن بعد أو التعليم الحضوري‮”.‬
وتلقت جمعيات آباء وأولياء التلاميذ قرار اعتماد التعليم عن بعد بنوع من التحفظ ل”صيغته المبهمة‮”. ‬وأكدت أن معظم الأسر المغربية ستختار التعليم الحضوري‮ ‬نظرا لما‮ ‬يقدمه من‮ “‬ضمانات‮” ‬مقارنة بالتعليم عن بعد‮”‬،‮ ‬ول”هشاشة‮” ‬العرض التعليمي‮ ‬عن بعد و”نقص‮” ‬البنيات التحتية الذي‮ ‬لا‮ ‬يسمح بالتطبيق الفعلي‮ ‬لهذه الصيغة‮. ‬وذهبت إلى حد اقتراح تأجيل الدخول المدرسي،‮ ‬والاقتصار على صيغة التعليم عن بعد في‮ ‬انتظار اتضاح‮ “‬خارطة الطريق‮” ‬لتحديد نموذج تعليمي‮ ‬يحافظ على صحة التلاميذ ويضمن تكافؤ الفرص‮.‬
واعتبرت أن إسناد مسؤولية الاختيار بين التعليم عن بعد والتعليم الحضوري‮ ‬للآباء والأمهات قرار‮ ‬غير عملي‮ ‬ويمس بمبدأ تكافؤ الفرص،‮ ‬على أن الحل‮ ‬يكمن في‮ ‬المناوبة بين التعليم عن بعد والتعليم الحضوري‮ ‬بالنسبة لجميع التلاميذ لتفادي‮ ‬وضع الآباء والأمهات في‮ ‬مواجهة هذه‮ “‬المعضلة‮”.‬
وقطع سعيد أمزازي‮ ‬وزير وزير التربية الوطنية والتكوين المهني‮ ‬والتعليم العالي‮ ‬والبحث العلمي‮ ‬،‮ ‬الناطق الرسمي‮ ‬باسم الحكومة‮ ‬،‮ ‬سعيد أمزازي‮ ‬الشك باليقين عندما آكد استحالة تأجيل الدخول المدرسي‮ ‬2020‮ – ‬2021،‮ ‬معتبرا أنه‮ “‬لا‮ ‬يمكن التكهن بتطور الوضعية الوبائية‮” ‬المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد،‮ ‬وأن الآثار السلبية لهذا التأجيل على التلاميذ أكثر من الجائحة نفسها،‮ ‬وذلك وفق ما تؤكده الدراسات الدولية واليونسكو والأمم المتحدة‮.‬
وذكر أمزازي‮ ‬أمام لجنة برلمانية بمجلس النواب باشتغال الوزارة على السيناريوهات الممكنة حسب تطور الوضعية الوبائية منذ بداية شهر‮ ‬يوليوز،‮ ‬مستعرضا في‮ ‬هذا الإطار طرح ثلاثة سيناريوهات شملت الدخول المدرسي‮ ‬العادي‮ ‬في‮ ‬ظل وضعية وبائية عادية،‮ ‬واعتماد التعليم عن بعد في‮ ‬ظل وضعية وبائية جد مقلقة وحجر صحي‮ ‬وتطويق بعض المدن،‮ ‬وسيناريو ثالث كحل وسط،‮ ‬يتمثل في‮ ‬التناوب بين الصيغتين والمزج بين التعليم عن بعد والحضوري‮.‬
وكان الوزير قد صرح قبل ذلك بأن هذا السيناريو‮ ‬يروم ضمان حق المتعلمات والمتعلمين في‮ ‬التمدرس،‮ ‬وضرورة الحفاظ على صحة وسلامة الأطر التربوية والإدارية والتلميذات والتلاميذ،‮ ‬وكذا إعطاء الانطلاقة للدراسة في‮ ‬الوقت المحدد،‮ ‬وضمان الإنصاف وتكافؤ الفرص بين جميع المتعلمات والمتعلمين ومراعاة التفاوتات الحاصلة في‮ ‬الولوج إلى التعليم عن بعد‮.‬
وتضمنت المذكرة التوجيهية إلى مختلف المسؤولين التربويين بخصوص تنظيم الموسم الدراسي‮ ‬لسنة‮ ‬2020‮-‬2021‮ ‬في‮ ‬ظل جائحة كوفيد‮-‬19،‮ ‬خارطة طريق لسير العملية البيداغوجية جاء فيها أن قطاع التربية الوطنية‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬إطار مقاربة استباقية بالموازاة مع تدابير إنهاء الموسم الدراسي‮ ‬المنصرم‮ ‬،‮ ‬بادر إلى تحضير خطة عمل متكاملة لتدبير الدخول المدرسي‮ ‬الجديد ارتكزت على مجموعة من الأنماط التربوية التي‮ ‬تستجيب لمختلف فرضيات تطور الحالة الوبائية بالمملكة من أجل تأمين الحق في‮ ‬التعليم والتكوين،‮ ‬على أساس أن‮ ‬يتم اختيار وتطبيق النمط التربوي‮ ‬الأنسب للحالة الوبائية وملاءمته المستمرة مع تطور هذه الوضعية على مدار الموسم الدراسي‮ ‬برمته‮.‬
ومن بين المبادئ والمرتكزات الأساسية في‮ ‬هذه المذكرة،‮ “‬اعتبار نمط التعليم الحضوري‮ ‬بشكل أساسي،‮ ‬ونمط التعلم عن بعد بشكل استثنائي،‮ ‬غير أنه في‮ ‬الظروف الوبائية الصعبة التي‮ ‬ترتبط بها مخاطر محدقة بالصحة العامة،‮ ‬تنقلب المعادلة ليصبح التعليم عن بعد هو الأساس‮”.‬
كما أوردت أنه تم اعتماد ثلاثة أنماط تربوية تنطلق من فرضيات مختلفة،‮ ‬علما أنه‮ ‬يمكن تطبيق نمط تربوي‮ ‬أو أكثر داخل نفس الجهة أو الإقليم أو الجماعة حسب الوضعية الوبائية المحلية،‮ ‬موضحة أن هذه الأنماط تتمثل في‮ ‬تحسن الحالة الوبائية،‮ ‬والعودة إلى الوضعية الصحية شبه الطبيعية،‮ ‬وفي‮ ‬هذه الحالة‮ ‬يتم اعتماد‮ “‬نمط التعليم الحضوري‮”‬،‮ ‬ووضعية وبائية تستلزم تطبيق التباعد الجسدي‮ ‬بالفصول الدراسية،‮ ‬وفي‮ ‬هذه الحالة‮ ‬يتم اعتماد‮ “‬نمط التعليم بالتناوب‮” ‬الذي‮ ‬يزاوج بين‮ “‬التعليم الحضوري‮” ‬و”التعلم الذاتي‮”‬،‮ ‬واستفحال الحالة الوبائية بما‮ ‬يستوجب تعليق الدراسة الحضورية،‮ ‬حيث‮ ‬يتم في‮ ‬هذه الحالة اعتماد النمط التربوي‮ ‬القائم على‮ “‬التعليم عن بعد‮”.‬
وكلما تفاقمت الحالة الوبائية‮ ‬،‮ ‬وفق المذكرة‮ ‬،‮ ‬يمكن لأية مؤسسة تعليمية وفي‮ ‬أية فترة من فترات السنة،‮ ‬الانتقال من التعليم الحضوري‮ ‬إلى التعليم بالتناوب أو التعليم عن بعد،‮ ‬وكلما استقرت وتحسنت الوضعية الوبائية،‮ ‬يمكن الرجوع إلى التعليم الحضوري،‮ ‬وذلك بعد التنسيق مع السلطات المختصة‮.‬
وتداركا لما تأجل من الموسم الدراسي‮ ‬المنصرم،‮ ‬أعلنت الوزارة الوصية في‮ ‬31‮ ‬غشت عن إجراء الامتحان الجهوي‮ ‬الموحد للسنة أولى بكالوريا أيام‮ ‬1‮ ‬و2‮ ‬و3‮ ‬أكتوبر‮ ‬2020،‮ ‬شريطة تحسن الوضعية الوبائية بالمملكة‮.‬
وأوضحت الوزارة في‮ ‬بلاغ،‮ ‬أن تنظيم هذه الامتحان‮ ‬يأتي‮ ‬مباشرة بعد استفادة التلاميذ المعنيين من حصص المراجعة والتثبيت المبرمجة خلال شهر شتنبر وقبل انطلاق دروس السنة الثانية بكالوريا في‮ ‬5‮ ‬أكتوبر‮ ‬2020‮.‬

‮”‬أمران أحلاهما مر‮”.. ‬

‮ ‬لم تكد تخفت حدة النقاش الذي‮ ‬شهدته نهاية الموسم الدراسي‮ ‬الماضي،‮ ‬بسبب الخلاف القانوني‮ ‬والمالي‮ ‬بين أولياء الأمور وأرباب المدارس الخاصة،‮ ‬والجدل بشأن مدى نجاح تجربة التعليم عن بعد،‮ ‬حتى انطلق نقاش آخر هم اختيار أسلوب التدريس خلال الدخول المدرسي‮ ‬الجديد من قبل الآباء‮.‬
وبما أن الوضعية الوبائية ببلادنا لم تستقر بعد،‮ ‬وأرقام الإصابات ما تزال تسجل معدلات قياسية،‮ ‬فقد وجد الآباء أنفسهم في‮ ‬وضعية لا‮ ‬يحسدون عليها،‮ ‬إذ أن الحسم في‮ ‬مصير أبنائهم الدارسي‮ ‬ليس بالأمر الهين،‮ ‬لا سيما‮ ‬،‮ ‬برأيهم،‮ ‬أن التجربة التي‮ ‬عاشوها خلال فترة الحجر الصحي‮ ‬لا تحفز على تكرارها من جديد،‮ ‬بكل تداعياتها الاجتماعية والقانونية والتربوية‮.‬
ففي‮ ‬استطلاع لآراء مجموعة من الآباء،‮ ‬أجرته وكالة المغرب العربي‮ ‬للأنباء على مستوى جهة الدار لبيضاء-سطات،‮ ‬ظهر أن مسألة الاختيار بين نمطين للتعليم‮ (‬الحضوري‮/‬عن بعد‮) ‬مسألة بالغة التعقيد بالنسبة لأولياء الأمور،‮ ‬الذين عليهم الترجيح بين سلامة أبنائهم الصحية،‮ ‬وبين تحمل عناء وتبعات التعليم عن بعد على مستقبلهم الدراسي،‮ ‬ترجيح أدى إلى انقسامات عميقة في‮ ‬الآراء،‮ ‬بسبب صعوبة المهمة التي‮ ‬ألقيت على عاتق الآباء في‮ ‬غياب معايير دقيقة‮ ‬يمكن الاعتماد عليها في‮ ‬تحديد الاختيار،‮ ‬بمراعاة ثلاث محددات محورية تهم صحة التلاميذ والأطر التربوية،‮ ‬وتعبئة الموارد الضرورية،‮ ‬واستمرارية المدرسة‮.‬
إذ أن قرار وزارة التربية الوطنية افتتاح الموسم الدراسي‮ ‬يوم‮ ‬7‮ ‬شتنبر هو قرار متسرع وغير إيجابي،‮ ‬بالنسبة لـ‮ ( ‬س‮ .‬د‮ )‬،‮ ‬أب لطفلتين تدرسان بإحدى المؤسسات العمومية بمديونة،‮ ‬لعدة اعتبارات ترتبط‮ ” ‬بعدم استقرار الحالة الوبائية،‮ ‬وارتفاع حالات الإصابة بالعدوى بشكل مطرد،‮ ‬والتخوف الكبير لأولياء التلاميذ على أبنائهم من الإصابة بفيروس كورونا المستجد‮”.‬
وفي‮ ‬ما‮ ‬يتعلق بإمكانية التحاق بناته بالمدرسة في‮ ‬الظرف الراهن،‮ ‬قال إن‮ “‬هذا الخيار‮ ‬يبقى جد مستبعد،‮ ‬ولا‮ ‬يتعلق الأمر هنا بمزايدة‮”‬،‮ ‬معتبرا أن‮ ” ‬الظروف الصحية‮ ‬غير مواتية لالتحاق التلاميذ بمؤسساتهم التعليمية‮”.‬
وأضاف أن‮ “‬هناك احتمالا كبيرا لظهور حالات للإصابة وانتقال العدوى بين التلاميذ،‮ ‬خاصة في‮ ‬السلك الابتدائي،‮ ‬بفعل الاختلاط وضعف الإمكانيات المادية للوقاية بالمؤسسات التعليمية من حيث التعقيم وضمان التباعد الجسدي‮ ‬وقياس الحرارة للتلاميذ لفترات متعددة في‮ ‬اليوم‮”.‬
أما‮ ” ‬الدراسة عن بعد‮ “‬،‮ ‬فيرى أنها‮ “‬جاءت بنتائج عكسية خلال الموسم الماضي‮ ‬بدليل أن الوزارة لم تقم بإدراج المواد الدراسية في‮ ‬امتحانات نيل شهادة البكالوريا بعد إعلان الحجر الصحي‮”‬،‮ ‬معربا عن اعتقاده أن الأولى‮ “‬تأجيل الدخول المدرسي‮ ‬إلى بداية السنة الجديدة أو على أقل إلى شهر أكتوبر حتى تتحسن الحالة الوبائية،‮ ‬لأن الأهم عندنا هو سلامة أطفالنا‮”.‬
أما‮ (‬ك‮. ‬ش‮)‬،‮ ‬أب لثلاثة أطفال‮ ‬يدرس اثنان منهم على التوالي‮ ‬بالسنة السابعة من السلك الإعدادي‮ ‬والأولى من السلك الابتدائي‮ ‬ببنسليمان،‮ ‬فيستعبد بدوره خيار التعليم عن بعد لأن‮ “‬التجربة كانت فاشلة بكل المقاييس‮”‬،‮ ‬برأيه،‮ ‬حيث إن‮ ” ‬أطفالي‮ ‬لم‮ ‬يستتفيدوا منه ولو بنسبة‮ ‬10‮ ‬في‮ ‬المائة‮”.‬
ويعتقد هذا الأب أن‮ “‬الطفل أو التلميذ لا‮ ‬يحضر للمؤسسة فقط من أجل تحصيل العلوم والمعارف،‮ ‬ولكن لبناء علاقات اجتماعية‮ ‬يومية مع زملائه،‮ ‬وهو ما‮ ‬يساعده على تطوير مهاراته وقدراته‮”.‬
وأشار إلى أنه خلال فترة الحجر الصحي‮ ” ‬وجد التلميذ نفسه محاصرا في‮ ‬بيته،‮ ‬يعيش توترا نفسيا كبيرا،‮ ‬بسبب منعه من الخروج،‮ ‬واختلال روتينه وعاداته اليومية،‮ ‬ليصبح ملزما بمتابعة تعليمه في‮ ‬ظل شروط نفسية مضطربة،‮ ‬ناهيك عن الأطفال الذين حرموا من التعليم لعدم توفر الوسائل اللازمة لذلك،‮ ‬مما أفرز نوعا من عدم تكافؤ الفرص واتساع الفوارق بين التلاميذ‮”.‬
وبين رفضه للتعليم عن بعد،‮ ‬وتخوفه في‮ ‬الوقت نفسه من تبعات التعليم الحضوري‮ ‬على صحة أبنائه،‮ ‬أكد‮ (‬ك‮. ‬ش‮) ‬أنه لن‮ ‬يرسل أبناءه إلى المدرسة في‮ ‬ظل التطور الوبائي‮ ‬الكبير للفيروس،‮ ‬ليتابع‮ “‬سأحاول قدر المستطاع تخصيص بعض الوقت رفقة الزوجة لمساعدتهم في‮ ‬التحصيل العلمي‮ ‬داخل المنزل عوض المغامرة بفلذات الأكباد‮”.‬
ومن جهتها،‮ ‬تشدد‮ (‬س‮ .‬ن‮ )‬،‮ ‬أم لتلميذ بالسنة الأولى باكالوريا بالتعليم العمومي‮ ‬بالدار البيضاء،‮ ‬على أنه‮ ” ‬مع كورونا،‮ ‬وفي‮ ‬زمن هذا السيل العارم من الصعوبات التي‮ ‬أصبحت تنتاب حياتنا،‮ ‬يطفو على السطح سؤال التعليم وطرق التعلم،‮ ‬وإشكالية البدائل والوسائط والحلول،‮ ‬ومن‮ ‬يتحمل المسؤولية؟ هل الأم أو الأب أو الأستاذ،‮ ‬فالأمر أصبح‮ ‬يتعلق بالصحة كأساس للتعلم‮”.‬
وخارج كل النقاشات حول منهجيات التعليم الملائمة،‮ ‬وطبيعة الإمكانات المرصودة لتزيل كل خيار،‮ ‬تعتبر هذه الأم،‮ ‬وانطلاقا من تجربتها في‮ ‬قطاع التعليم الثانوي‮ ‬لأزيد من عقدين،‮ ‬أن‮ “‬التعليم الحضوري‮ ‬اذا ما توفرت له شروطه فهو الصواب‮”‬،‮ ‬مبرزة بالمقابل أن‮ “‬التعليم عن بعد‮ ‬يبقى خيارا‮ ‬غير عادل،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن التعويل عليه كآلية لنشر المعلومة وتوزيعها،‮ ‬بل إنه‮ ‬يسهم في‮ ‬تفييئها‮ (‬حصرها على فئات اجتماعية تتوفر لها الإمكانيات المادية والبيداغوجية ليتابع أبناؤها تعليمهم عن بعد‮)”.‬
ومع ذلك،‮ ‬فهي‮ ‬لا تنكر أن التعليم عن بعد،‮ ‬ورغم النقائص التي‮ ‬اعترته،‮ ‬فقد كانت له بعض الإيجابيات،‮ ‬إلا أن‮ “‬بداية تحصيل جديد لاتحتاج الى الصور والى الافتراضي،‮ ‬لأنه من الصعب الحديث عن بداية جديدة في‮ ‬غياب وجود التلاميذ،‮ ‬خاصة أولئك الذين لم‮ ‬يجتازوا امتحاناتهم بعد‮”.‬
وفي‮ ‬الاتجاه ذاته،‮ ‬يقول‮ (‬س‮. ‬ر‮)‬،‮ ‬الأب لطفلة تدرس بالمستوى الثالث ابتدائي‮ ‬بإحدى المؤسسات التابعة للبعثة الفرنسية بالدار البيضاء،‮ ‬أنه‮ ‬يفضل لابنته التعليم الحضوري،‮ ‬لأن الطفل،‮ ‬في‮ ‬نظره‮ ‬يحتاج إلى بيئة طبيعية ملائمة للتعلم‮.‬
وأضاف أن تجربة التعليم عن بعد،‮ ‬التي‮ ‬كانت اضطرارية بسبب الأزمة الصحية‮ ‬غير المسبوقة،‮ ‬لا تحفز على خوضها من جديد،‮ ‬اعتبارا لتأثيراتها النفسية والتربوية على الأطفال‮.‬
فالتلميذ،‮ ‬لا سيما في‮ ‬السنوات الأولى من التعليم،‮ ‬بالنسبة إليه،‮ ‬يبقى في‮ ‬حاجة إلى بنية دراسية مكتملة الأركان،‮ ‬لضمان تلقيه للمدارك والتعلمات المناسبة للمرحلة العمرية التي‮ ‬يعيشها،‮ ‬فإلى جانب التعلمات البيداغوجية،‮ ‬فهو في‮ ‬أمس الحاجة إلى أنشطة أخرى موازية‮ (‬مسرح،‮ ‬موسيقى،‮ ‬تربية فنية،‮ ‬رياضة‮).‬
وبعدما أكد أن عملية التعليم عن بعد لا‮ ‬يمكن المراهنة عليها لبناء معارف رصينة لدى التلميذ،‮ ‬وأنها تبقى حلا‮ “‬ترقيعيا‮”‬،‮ ‬دون أن‮ ‬يخفي‮ ‬تخوفه من التعليم الحضوري‮ ‬من الجانب الصحي،‮ ‬اعتبر أن الخيار الأقرب إلى الصواب‮ ‬يتمثل في‮ ‬التعليم الحضوري‮ ‬في‮ ‬حال الترجيح بين الخيارين‮.‬
ويبقى أنه في‮ ‬كل عملية اختيار أو ترجيح‮ ‬يحتاج المرء إلى معايير واضحة لاتخاذ القرار المناسب،‮ ‬مما‮ ‬يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول كيفية اتخاذ القرار من قبل الآباء بخصوص منحى التعلم لأبنائهم،‮ ‬في‮ ‬غياب معطيات دقيقة بخصوص الوضعية الوبائية والصحية والتعليمية‮.‬
وبهذا الخصوص،‮ ‬يوضح الأخصائي‮ ‬في‮ ‬علم النفس الاجتماعي‮ ‬محسن بن زاكور،‮ ‬في‮ ‬حديث مع وكالة المغرب العربي‮ ‬للأنباء،‮ ‬أن الإشكال الرئيسي‮ ‬هنا هو انعدام وجود معايير حقيقية تساعد الأسر على الاختيار،‮ ‬وأمام هذا الغياب لا‮ ‬يبقى أمامهم سوى إما الاستناد إلى معيار الخوف،‮ ‬وبالتالي‮ ‬اختيار التعليم عن بعد،‮ ‬أو العياء والتعب النفسي‮ ‬بسبب التجربة التي‮ ‬خاضتها الأسر خلال فترة الحجر الصحي،‮ ‬فيكون التعليم الحضوري‮ ‬هو الحل الأمثل برأيها‮.‬
وبرأيه،‮ ‬فإن الاختيارات لا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تنبني‮ ‬على الرغبات أو العواطف،‮ ‬بل لا بد من امتلاك آليات تساعد على اتخاذ القرار المناسب لمصلحة الأبناء،‮ ‬معتبرا أنه‮ ‬يتعين في‮ ‬هذه الحالة الأخذ في‮ ‬الاعتبار المرحلة العمرية للتلميذ‮.‬
وأشار إلى أن العديد من الدراسات المختصة تؤكد أن الأطفال أقل من عشر سنوات لا خوف عليهم أو منهم في‮ ‬ما‮ ‬يخص انتقال العدوى،‮ ‬وعليه‮ ‬يمكن السماح لهم بالتعليم الحضوري‮ ‬شريطة الانضباط الحازم للتدابير الاحترازية الموصى بها في‮ ‬هذا الشأن‮.‬
غير أنه ألمح إلى أن الطفل في‮ ‬هذه المرحلة‮ ‬يحتاج إلى الاحتكاك والتعلم من خلال القرين،‮ ‬واكتساب المهارات انطلاقا من المحيط،‮ ‬ناهيك عن حاجاته النفسية،‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتها الحاجة إلى الانطلاق وعدم الخضوع للقيود،‮ ‬وهو ما‮ ‬يستتبع مجهودا جبارا من الآباء والمؤطرين لتحفيز الطفل على التقيد بتدابير السلامة الصحية‮.‬
أما بخصوص التعليم عن بعد،‮ ‬فيذهب بنزاكور إلى أن هذا الاختيار‮ ‬يبقى مرتبطا بتوفر الشرط الاجتماعي‮ ‬والقدرة على ضمان بيئة تعلم ملائمة،‮ ‬والمقصود بالشرط الاجتماعي‮ ‬قدرة رب الأسرة على توفير الحاسوب والأجهزة الالكترونية لكل طفل داخل الأسرة،‮ ‬وتأمين مجال للتعلم‮ ‬يلائم احتياجات الطفل،‮ ‬إضافة إلى أن نجاح هذه العملية رهين بخلق مناخ تعلمي‮ ‬شبيه بالمدرسة،‮ ‬مؤكدا أن هذا الخيار‮ ‬يبقى مناسبا بالنسبة للفئات العمرية الأعلى سنا من عشر سنوات‮.‬
ولضمان دخول مدرسي‮ ‬سليم وآمن،‮ ‬يقترح هذا الخبير أن تقوم الأكاديميات والمديريات الإقليمية بمساعدة الآباء على الاختيار عبر توفير كافة المعطيات المتعلقة بالبنية التعليمية،‮ ‬مع الأخذ في‮ ‬الاعتبار البنية السكانية،‮ ‬إذ في‮ ‬المناطق التي‮ ‬لا توجد بها كثافة سكانية عالية‮ ‬يمكن اللجوء إلى التعليم الحضوري‮.‬
كما‮ ‬ينبغي‮ ‬تفهم الحالة النفسية للتلاميذ،‮ ‬فبعد فترة حجر طويلة،‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن ننتظر من الأطفال الالتزام والانضباط،‮ ‬وعليه لا بد من تهيئتهم وإعدادهم إعدادا نفسيا قبليا بناء على خطاب عاطفي‮ ‬ووجداني‮ ‬بعيد عن أي‮ ‬توتر،‮ ‬وكذا توفير جو ملائم داخل المدرسة باستقبال التلاميذ بألوان وأناشيد الفرح،‮ ‬مشددا على أن نقل الشعور بالخوف من الآباء إلى الأبناء‮ ‬يمكن أن‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى خلل في‮ ‬سلوك الطفل تترتب عنه تصرفات‮ ‬غير مسؤولة ومتهورة،‮ ‬فالاطمئنان النفسي‮ ‬ميزة‮ ‬يجب أن توفرها الأسرة للطفل لإشعاره بالأمان‮.‬
وفي‮ ‬ما‮ ‬يتصل بالتعليم عن بعد،‮ ‬فيقترح بن زاكور تقسيم المهام داخل الأسر،‮ ‬واعتماد التناوب،‮ ‬والحرص على التواصل المستمر مع الأساتذة للتوافق حول الطريقة البيداغوجية المناسبة،‮ ‬دون خلط بين توجيهات الأستاذ وولي‮ ‬الأمر‮.‬
كما‮ ‬يرى أنه لابد للآباء والأمهات أن‮ ‬يطوروا طريقة تعاملهم مع الجانب الالكتروني،‮ ‬ومرافقة الطفل خلال مرحلة الدراسة لضمان مسيرة تعلمية سليمة للطفل‮.‬
ويخلص إلى أنه داخل البيت لا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يتحول الأب أو الأم إلى أستاذ،‮ ‬وينبغي‮ ‬الحفاظ على موقع المدرس كمرجع أساسي‮ ‬للعملية التعليمية،‮ ‬علاوة على إدماج الطفل في‮ ‬أنشطة موازية تضمن له نوعا من الراحة النفسية المطلوبة لمواصلة التعلم داخل البيت،‮ ‬وتوفير بيئة شبيهة بالقسم حتى نبقي‮ ‬الطفل داخل وسطه الأصلي‮.‬
‮ ‬
الإقبال المحتشم‮ ‬يؤرق محفظة أصحاب المكتبات

‮ ‬وأخيرا أتى دور الكتبيين لتحديد انعكاسات الفيروس التاجي‮ ( ‬كوفيد‮ ‬19‮ ) ‬على أنشطتهم‮ .. ‬فالنقاشات الحالية التي‮ ‬صاحبت الدخول المدرسي‮ ‬الحالي‮ ‬تقلق هؤلاء المهنيين‮ ‬،‮ ‬الذين‮ ‬يعتمدون بشكل كبير على هذه الفترة من العام‮ ‬،‮ ‬من أجل إطلاق دينامية على مستوى أنشطتهم‮.‬
وفي‮ ‬ضوء النقص البين بشأن الإقبال على اللوازم المدرسية،‮ ‬وكذا قلة الحماس الحاصل في‮ ‬هذا المجال‮ ‬،‮ ‬والتوقعات المحكومة برؤية‮ ‬غير واضحة‮ ‬،‮ ‬فإن الفاتورة النهائية التي‮ ‬سيدفعها هذا القطاع بسبب الوضع الحالي‮ ‬الذي‮ ‬فرضه فيروس كورونا المستجد،‮ ‬ستغطي‮ ‬دون شك رقم المعاملات وفرص الشغل بالنسبة لمجموع هذه المنظومة‮ ‬،‮ ‬التي‮ ‬تشمل بشكل خاص دور النشر وموردي‮ ‬اللوازم المدرسية‮ .‬
فالقرارات التي‮ ‬اتخذها قطاع التربية الوطنية،‮ ‬والخوف الذي‮ ‬ينتاب عدد من أولياء الأمور بخصوص إرسال أطفالهم إلى المدرسة‮ ‬،‮ ‬وتردد آخرين شراء اللوازم المدرسية قبل اتضاح الصورة لديها‮ (‬تعليم حضوري‮ ‬أو تعلمي‮ ‬عن بعد‮) ‬،‮ ‬والانتقال إلى الرقمنة بالنسبة لبعض المؤسسات التعليمية‮ ‬،‮ ‬كلها عوامل تساهم في‮ ‬زيادة متاعب الكتبيين‮.‬
والأسوء من ذلك‮ ‬،‮ ‬أنهم‮ ‬يتوفرون على مخزون من الكتب والكتب المدرسية،‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يتم تسويقه العام الماضي‮ ‬،‮ ‬ينضاف إلى ذلك التغييرات الحاصلة بشأن الكتب المدرسية الخاصة بمجموعة من المستويات،‮ ‬وكذا المشاكل المالية للأسر المتأثرة بالأزمة الصحية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا،‮ ‬والتي‮ ‬يتعين منح تسهيلات لها بخصوص اقتناء اللوازم المدرسية لأطفالها‮.‬
ومن أجل استيضاح الأمور كان لازما التواصل مع هؤلاء المهنيين‮‬،‮ ‬حيث أبرزت خديجة ب عن مكتبة عمر الخيام المشهورة بالدار البيضاء،‮ ‬في‮ ‬تصريح لوكالة المغرب العربي‮ ‬للأنباء،‮ ‬أن الانخفاض الكبير في‮ ‬تسويق الكتب واللوازم المدرسية مقارنة بالسنوات الماضية،‮ ‬سيؤدي‮ ‬دون شك إلى تراجع كبير في‮ ‬رقم المعاملات،‮ ‬الذي‮ ‬يتم تحقيق نسبة‮ ‬70‮ ‬بالمائة منه بفضل عمليات الشراء الخاصة بالدخول المدرسي،‮ ‬التي‮ ‬تتم‮ ‬يشكل مباشر مع الزبناء،‮ ‬أو الطلبات عبر الإنترنت،‮ ‬أو المبيعات الخاصة بالمدارس‮.‬
وفي‮ ‬الاتجاه ذاته،‮ ‬قال نور الدين‮ . ‬ف،‮ ‬صاحب مكتبة‮ “‬دار الكرم‮”‬،‮ ‬إن عمليات البيع والشراء كانت أكثر أهمية بكثير مع‮ ” ‬توافد الآباء على المكتبات منذ بداية‮ ‬غشت المنصرم‮ “.‬
وعلى العكس،‮ ‬كما قال،‮ ‬فقد حل شهر شتنبر،‮ ‬ومهنيو المكتبات ما‮ ‬يزالوا‮ ” ‬ينتظرون قوائم اللوازم المدرسية التي‮ ‬عادة ما‮ ‬يحملها للمكتبات أولياء التلاميذ،‮ ‬الذين‮ ‬يفضل‮ ‬غالبيتهم إبقاء أطفالهم في‮ ‬المنازل،‮ ‬مشيرا إلى أنه لا‮ ‬يعلق الكثير من الآمال على إمكانية تسويق المخزون الموجود من الكتب المدرسية‮.‬
وما دامت المصائب تأتي‮ ‬بالجملة‮ ‬،‮ ‬كما سجل‮ ‬،‮ ‬فإن بعض المدارس بالدار البيضاء عادت لاستخدام النسخ الرقمية من الكتب المدرسية‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬أقل تكلفة وأكثر عملية‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬حالة وجود قرار جديد‮ ‬يتعلق بالحجر الصحي‮ ‬الإجباري‮ ‬،‮ ‬مما‮ ‬يساهم في‮ ‬تسهيل عملية التعليم عن بعد،‮ ‬وفي‮ ‬المقابل‮ ‬يزيد من متاعب المكتبات،‮ ‬ولكن أيضا دور النشر ومستوردي‮ ‬الكتب‮.‬
وحسب خديجة ب‮‬،‮ ‬فإنه من‮ ‬غير الممكن اعتماد هذا التوجه‮ ( ‬النسخ الرقمية من الكتب المدرسية‮) ‬على المدى الطويل،‮ ‬وإلا فإن جميع دور النشر سيكون مصيرها الإفلاس وبالتالي‮ ‬إغلاق أبوابها‮ ‬،‮ ‬وستضيع حينها آلاف فرص العمل،‮ ‬وسيكون ضربة مالية قاتلة لهذا القطاع بأكمله‮ .‬
أما بالنسبة لنور الدين ف‮‬،‮ ‬فإنه‮ ‬يبدو أقل قلقا بشأن هذا التوجه الجديد‮ ‬،‮ ‬موضحا أنه‮ ‬يؤيد التطور بخصوص اللجوء للوسائل الرقمية‮ ‬،‮ ‬بيد أن‮ ” ‬الوضع الحالي‮ ‬والوسائل المتاحة للبلاد لا‮ ‬يسمحان باعتماد المناهج الرقمية بالنسبة لجميع التلاميذ‮ “.‬
فمن الصعب كما قال‮‬،‮ ‬تزويد جميع الأطفال من الطبقات المعوزة بلوحات إلكترونية،‮ ‬من أجل الولوج إلى الكتب المدرسية الرقمية،‮ ‬كما هو الحال على مستوى بعض المدارس الخاصة‮.‬
ففي‮ ‬الظروف العادية،‮ ‬كان من الممكن إعادة هيكلة منظومة المناهج من أجل التعاطي‮ ‬بشكل أفضل مع عالم الغد‮ (‬العالم الرقمي‮) ‬،‮ ‬لكن في‮ ‬الوقت الحالي‮ ‬،‮ ‬يبقى الهدف هو إنقاذ مختلف الأنشطة التي‮ ‬لها علاقة بمهنة الكتبيين والمهنة المتصلة بها‮ .‬


الكاتب : محمد الصغير‮ -‬ نزهة بولندا - صفاء أبو الهدى

  

بتاريخ : 07/09/2020