الصورة.. والمعنى : معاني إشارات اليد حول العالم

 

من شبه المؤكد، أن الصورة بأبعادها الجمالية ومكوناتها الفيزيائية، شحنة عاطفية متعددة الدلالات والأبعاد، لكنها بمعنى التلقي، ومضة مولدة للمشاعر الناظمة والمؤسسة للنفس البشرية في معيشها ودأبها اليومي مع الحياة والناس، تنطبع بسلاسة في الذهن، وتنسج بتناسل لذيذ تصورات ثرية، أكثر قابلية للفهم والاستيعاب. هي إذن، مجرات من الومضات الخاطفة و الحاملة لمعان تمتح من الخيال الواقعي عميقة متباينة الدلالات، بحيث لا تقف عند مفهوم الصورة النمطية، بل تتعدى ذلك إلى خلق عدد لا يحصى من التأملات الفريدة و المتفردة، حسب الذوات والتركيب الشخصي للسيكولوجيات. وقد تتجاوز ذلك، لتصبح عملا فنيا رائدا يجسد قضية تثير اهتمام الناس، وأيقونة يباشرها العالم لغة كونية ، ويرسخها كشكل تواصلي إنساني الأكثر انتشارا والأقل جدلا على الإطلاق.
وتشكل منظومة السوسيال ميديا في الوقت الراهن مسرح الصورة الأوسع نطاقا على الإطلاق. هناك تتعدد وتتمدد وتنثر معانيها الزاخرة البالغة الثراء. فيسهل قطفها و تنزيلها وتوظيفها على الصفحات الخاصة لمواقع التواصل الاجتماعي في المناسبات وغيرها. ولأنها تعفي من الكلام، وتعمل بنجاح تام على تفادي أي انزلاق لغوي محتمل. فقد باتت العملة الكونية الوحيدة السائدة والرائجة على نطاق واسع.
ولعل ما يهمنا هنا هو كيف يتعامل الشباب و المراهقون مع الصورة و أبعادها وكيف يتلقونها و يصرفونها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ أترك لكم استكشافها في نموذج معين من هذا الفضاء اللانهائي:
بين الفينة والأخرى، يقوم بعض الفسابكة من مختلف الفئات والأعمار بنشر صور وجماليات، إلى جانب تقاسم العديد من القناعات والأفكار، ومن أجل إثارة الانتباه لما يدونونه، يلجئون في أغلب الأحيان إلى اختيار خلفيات بقوالب جاهزة بألوان الطيف و أبعاد وترميزات تستعصي على الإمساك للوهلة الأولى. لكن الأشد إثارة، هي تلك الإشارات اليدوية الغامضة للأصابع ما بين الملتوية والمعقوفة الثلاثية والرباعية الأصابع و غيرها، والتي تكون جزءا أساسيا في ديكور الرسالة .
ومن شبه المؤكد، أن استخدام إشارات اليد والأصابع له حمولة و ترميزات محددة وذات دلالة معينة في مختلف ثقافات الشعوب التي ابتكرتها. وتجدر الإشارة إلى أن لبعض تلك الإشارات ترميز إيجابي، بينما لدى فصيلة بشرية أخرى لها حمولة سلبية. وعلى المواطن العربي المتواصل الاجتماعي لا سيما المثقف والناشط بمختلف مواقع التواصل الاجتماعي أن يكون على علم بهذه المرجعيات المؤسسة للترميزات بأبعادها ودلالاتها السرية والعلنية .
في بعض الدول مثل الولايات المتحدة وأستراليا و كندا و كذلك في العالم العربي قد ترمز الإشارة بالإبهام إلى معنى التشجيع وقد تعني «ممتاز» أو واصل تقدمك، لكن في دولة مثل بنغلاديش مثلا، فتعد تلك الإشارة عدائية، بل وتعد جريمة يعاقب عليها قانون البلد».
كما أن إشارة ما يشبه قرني حيوان، وهي من أشهر الإشارات في الولايات المتحدة، وتعني استمر في الإبهار، لكنها في بعض من دول العالم تشير إلى مُعتنقي الماسونية. أما في دول مثل إيطاليا واسبانيا والأرجنتين فهي وسيلة إخبار بأن الزوجة غير مُخلصة لزوجها».
وتعني إشارة الصفر بالإبهام و السبابة مع تسريح 3 أصابع « جيد و حسن « في معظم بلدان العالم. و لكن في دولة البرازيل تعد تلك الإشارة علامة مسيئة للأخلاق بذيئة وغير مهذبة. أما في اليابان فهي تستخدم للدلالة على المال. أما الفرنسيون فيرمزون إليها ب صفر.. أي لا شيء ..
حركة تشبيك الأصابع بدورها تعني في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة حالة ترقب و تمني حدوث شيء معين، و لكن بالنسبة إلى الفيتناميين فهي تعد إشارة سيئة و لا أخلاقية.
من هنا أهمية إدراك حمولة الإشارة الرمزية قبل الشروع في تقاسمها. و على المواطن العربي المتواصل الاجتماعي، لا سيما المثقف والناشط على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي أن يكون مدركا للخلفيات والأبعاد وعلى علم بهذه المرجعيات المؤسسة للترميزات بأبعادها ودلالاتها السرية والعلنية.


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 08/09/2020