لماذا إغلاق أكبر مدن المملكة، الدار البيضاء؟

وما هي الاجراءات التشددية الجديدة؟
والسؤال المغيب…لماذا لا يتغير المسؤولون؟

 

أعلنت الحكومة المغربية في ساعات متأخرة من ليلة الأحد الاثنين، عن حزمة من التدابير الوقائية لمواجهة تطور الوضعية الوبائية لفيروس كوفيد 19 في الدارالبيضاء، التي ظلت خلال الأيام الأخيرة تتصدر قائمة الإصابات وطنيا، وسجّلت رقما قياسيا مساء الأحد، حيث بلغ عدد الإصابات بالعاصمة الاقتصادية لوحدها 773 حالة إصابة جديدة إلى جانب 11 حالة وفاة، في حين جرى تسجيل 948 حالة إصابة مؤكدة على صعيد الجهة و 12 وفاة، أما وطنيا فقد تم تسجيل رقم غير مسبوق في عدد المصابين الذي بلغ 2234 حالة و 32 حالة وفاة.
وضع وبائي يتسم بالخطورة، دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بإغلاق جميع منافذ عمالة الدارالبيضاء، وإخضاع التنقل منها وإليها لرخصة استثنائية مسلمة من طرف السلطات المحلية، إلى جانب إغلاق جميع المؤسسات التعليمية في المستويات الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية، مع اعتماد صيغة التعليم عن بعد، ابتداء من يوم الاثنين 7 شتنبر، فضلا عن إغلاق أسواق القرب في الساعة الثالثة زوالا، والمقاهي والمحلات التجارية في الساعة الثامنة مساء، والمطاعم في الساعة التاسعة ليلا.
وقررت السلطات العمومية إقرار حظر التنقل الليلي بجميع أرجاء تراب عمالة الدارالبيضاء انطلاقا من الساعة العاشرة ليلا وإلى غاية الخامسة صباحا، مع السماح بالتنقل للأطر الصحية والأمنية، والعاملين بالقطاعات الحيوية والحساسة، وقطاع نقل السلع والبضائع، شريطة توفرهم على ما يثبت عملهم الليلي، مشددة على أن هذه القرارات سيتم العمل بها لمدة 14 يوما، مع إخضاع الوضعية الوبائية بالمدينة لتقييم دقيق ومستمر لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.
من جهته، أكد خالد آيت الطالب، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على مستوى عمالة الدار البيضاء ترمي إلى احتواء ووقف انتشار جائحة فيروس كورونا على مستوى المدينة، وتمكين المنظومة الصحية من التكفل بحالات الإصابة على نحو ملائم، مبرزا أن الحالة الوبائية بالمغرب عرفت منحى تصاعديا خلال الأسابيع الأخيرة، مع تسجيل رقم قياسي في عدد الإصابات أول أمس الأحد، والذي تجاوز عتبة 2000 حالة لأول مرة، موضحا أن 42 في المئة من مجموع هذه الحالات سجلت بجهة الدار البيضاء، خاصة بمدينة الدار البيضاء.
وأكد وزير الصحة أن الدار البيضاء شكّلت يوم الأحد استثناء من خلال تسجيلها لعدد كبير من الحالات الحرجة، أي 89 مريضا من بين 201 حالة مسجلة، وهو ما يمثل نسبة حوالي 45 في المئة من مجموع هذه الحالات، مشيرا إلى أن عدد الحالات بدون أعراض يساوي عدد الحالات التي تبدو عليها الأعراض .
وشدّد وزير الصحة على أن هذه الوضعية تبين على أن الفيروس انتشر بقوة ما بين يومي السبت والأحد، مما يعني أن الحالات التي تبدو عليها الأعراض ستمضي في الزيادة حتى تتجاوز الحالات التي لا تظهر عليها أعراض، وهو ما يشكل تحديا كبيرا للمنظومة الصحية التي ستجد صعوبة في استيعاب مزيد من الحالات في الأيام القادمة، مشددا على أننا “أمام خطر استفحال الوضعية الوبائية، لذلك من اللازم اتخاذ إجراءات وتدابير صارمة من أجل تدارك الموقف، وإلا فإن الأمور قد تخرج عن السيطرة”.
وتفاعلا مع بلاغ الحكومة، أصدرت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات بلاغا، أكدت من خلاله أنه تقرر، تفعيلا لتوصيات السلطات الولائية والصحية بالجهة، اعتماد الدراسة عن بعد حصريا بمؤسسات التعليم العمومي والخصوصي بكل الأسلاك والمؤسسات التابعة للبعثات الأجنبية، في مجموع عمالات مقاطعات الدار البيضاء، ويتعلق الأمر بكل من الدار البيضاء- أنفا، الفداء مرس السلطان، الحي الحسني، عين الشق، الحي المحمدي عين السبع، ابن امسيك، مولاي رشيد، سيدي البرنوصي، مبرزة أن هذا القرار ينطبق كذلك على التلميذات والتلاميذ الذين ينتمون إلى أسر تضم أشخاصا مصابين بفيروس كورونا. أما بالنسبة للتلميذات والتلاميذ غير المعنيين بهذا القرار والمنتمين إلى باقي المديريات الإقليمية التابعة للجهة، فسيتم استقبالهم خلال الفترة الممتدة من 7 إلى 9 شتنبر 2020 داخل المؤسسات التعليمية في مجموعات صغيرة تراعي شروط التدابير الوقائية ووفق البرمجة المعلن عنها سابقا في بلاغ الوزارة.
بدورها، أعلنت جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء عن تأجيل الامتحانات الجامعية التي كان من المقرر أن تنطلق يوم أمس الاثنين 7 شتنبر بعدد من المؤسسات والمراكز، لمدة 14 يوما، في انتظار ما ستسفسر عنه الوضعية الوبائية الحالية، في الوقت الذي طالب عدد من المتتبعين للشأن التعليمي والصحي، بإجراء الامتحانات عن بعد، لإتمام الموسم الجامعي الماضي من جهة، وتحصين الأطر التربوية والإدارية والطلبة وأسرهم من أي احتمال، مهما كان صغيرا، من خطر الإصابة بالعدوى، التي تتسع رقعتها يوما عن يوم.

 السؤال المغيب: لماذا لا يتغير المسؤولون؟

 

الواضح أن المعطيات على أرض الواقع وفي الساحات الاستشفائية تتغير، كما تتغير المعطيات الخاصة بالسلوك العام للمغاربة.
وقد سلمنا جميعا، قمة وقاعدة، أن السلوك العام للمواطن والمواطنة لا بد من أن ينحاز للقيم الوطنية، والأخلاقية، والامتثال لما يتغير في حياته..
إن المواطن، وهو مطالب بالامتثال لقوانين الضوابط الصحية والاجتماعية الجديدة، مطلوب منه في الواقع أن يغير من عاداته ومن الأشياء التي ألفها واعتادها.
حتى وإن لاحظنا عدم التطبع الإيجابي مع ما يجب من قوانين، فإنه يتعذر علينا تغيير شعب بشعب وساكنة بساكنة، بل ما يجب هو الحرص على الصرامة في كل شيء.
وهنا نطرح السؤال المغيب: أليس هناك مسؤولية للمسؤولين الصحيين وغير الصحيين الجهويين في ما آلت إليه الأمور؟
هل من المنطقي أن يتغير كل شيء ونطلب من الجميع التغيير إلا المسؤولين لا يتغيرون؟
لقد أوضحت إدارة الأمن مثلا أن التغيير والمكنسة ممكنة حتى في الجائحة، والذين يتعللون بها لكي لا يغيروا أنفسهم هم في الواقع يريدون استغلالها للمحافظة على مواقعهم وسلوكاتهم، مهما بدت متلائمة مع الاحترازات الاجتماعية والصحية، فإنها في الواقع محافظة وثابتة ومفرملة للتعبئة الوطنية..

رقم قياسي للإصابات

وسجلت بلادنا رقما قياسيا في عدد الإصابات بوباء كوفيد-19 بلغ 2234 حالة جديدة في الساعات الأربع وعشرين الماضية، وفق ما أفادت وزارة الصحة في آخر حصيلة رسمية مساء الأحد.
وارتفع مجموع الإصابات بالوباء منذ مارس إلى 72 ألفا و394، بينما تماثل 55 ألفا و274 مصابا للشفاء.
وارتفعت حصيلة الوفيات إلى 1361 بعد تسجيل 32 وفاة جديدة خلال الساعات الأربع وعشرين الماضية.
وشهدت المملكة منحى تصاعديا في وتيرة انتشار وباء “كوفيد19” بحصيلة تفوق ألف إصابة جديدة يوميا منذ مطلع غشت، ما أثار انتقادات لكيفية التعامل مع الأزمة الصحية وظروف التكفل بالمرضى والتراخي في احترام الإجراءات الوقائية.
ومن جانب آخر أعلنت مقاولة مغربية متخصصة الجمعة الشروع في إنتاج مئة ألف وحدة من اختبار الكشف عن فيروس كورونا المستجد، على أن تبلغ طاقتها الإنتاجية مليون وحدة شهريا.
وشددت السلطات في الأسابيع الأخيرة الإجراءات الاحترازية للتصدي للوباء بمنع التنقل من عدة مدن وإليها، آخرها مدينتا خنيفرة ومريرت التي بدأ منع التنقل منها وإليها الأحد وفق ما أعلنت السلطات المحلية.
كما عززت الإجراءات الاحترازية بإغلاق الأحياء الأكثر تضررا داخل هذه المدن، وإغلاق عدة شواطئ خلال الأسابيع الماضية.
وكان جلالة الملك محمد السادس أعرب في 20 غشت عن قلقه إزاء ارتفاع الإصابات والوفيات جراء الوباء، محذرا من العودة إلى فرض حجر صحي “ستكون له انعكاسات قاسية” على اقتصاد البلاد.

 


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 08/09/2020